الهوس بألعاب الفيديو: أبرز سمات سمعة محمد بن سلمان على الساحة الدولية

باتت سمعة ولي العهد محمد بن سلمان في الأوساط الخارجية تتسم بصفة جديدة غريبة مقارنة بالصور التقليدية للقادة العرب: شخصية مهوسة بألعاب الفيديو، ويُظهر فخره بذلك في لقاءاته الإعلامية.
هذا الهوس، الذي بدا لوهلة أنه تفصيل بسيط من تفاصيل حياته الشخصية، أصبح أحد أبرز سمات صورته في الإعلام الدولي، ما يؤشر إلى تحول في كيفية رؤية العالم للسعودية وحاكمها.
نشأة الهوس الإلكتروني
محمد بن سلمان، الذي نشأ في بيئة سعودية محافظة تقليدية، نجح في انتزاع نفسه من هذا القالب عبر اهتمامه اللافت بألعاب الفيديو.
وتُعتبر لعبة “فاينل فانتسي 16” التي يفضلها أحد أبرز الأمثلة على هذا الهوس.
اللعبة التي تدور حول ولي عهد يواجه تحديات السلطة والمصير، لا تعكس فقط اهتمامه بالألعاب، بل تشكل مرآة رمزية لحياته السياسية، وهو ما استثمره بن سلمان بذكاء في اللقاءات الإعلامية التي كشف خلالها عن هذا الجانب الشخصي الغريب بعض الشيء.
بين صورة القائد والهوية الرقمية
هذه الصفة الجديدة في شخصية ولي العهد تضيف بعدًا إنسانيًا وشبابيًا لصورة الحاكم، لكنّها في الوقت ذاته تثير تساؤلات كثيرة.
إذ كيف يمكن لقائد دولة بحجم وتأثير السعودية أن يرتبط اسمه في وسائل الإعلام العالمية بهوس بألعاب الفيديو؟ هل يعكس ذلك تحولاً إيجابيًا نحو صورة أكثر حداثة وانفتاحًا أم أنه يسلط الضوء على فجوة بين وزن السعودية السياسي والاقتصادي من جهة، والشخصية العامة لحاكمها من جهة أخرى؟
بالنسبة للمراقبين الخارجيين، يعبر هذا الهوس عن تحوّل في التواصل السياسي السعودي، الذي صار يستخدم وسائل وأساليب غير تقليدية لتشكيل صورة أكثر جذبًا للشباب العالمي، ولا سيما في ظل سعي السعودية لتنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط عبر مبادرات مثل “رؤية 2030” التي تستهدف تطوير قطاع الترفيه والتقنية.
لكن هناك من يرى في هذا الهوس انعكاسًا لانشغال بن سلمان بأمور ترفيهية في وقت تمر فيه السعودية بتحديات داخلية وخارجية جسيمة. من انتقادات لسياسات القمع والتضييق على المعارضة إلى الدور السعودي في النزاعات الإقليمية، تبدو هذه الصورة الرقمية للهواة بألعاب الفيديو منفصلة عن الواقع السياسي المليء بالتوترات.
كما تساءل بعض المحللين إن كان هذا التركيز على الهوايات الفردية والاهتمامات الشخصية هو محاولة متعمدة لصرف الانتباه الدولي عن القضايا الجدّية التي تواجهها السعودية، أو حتى وسيلة لابتكار هوية جديدة تنسجم مع صورة “السعودية الحديثة” التي يحاول بن سلمان تسويقها.
بين الهوية الرقمية والواقع الإقليمي
لا يمكن إنكار أن السعودية، بفضل موقعها الديني والسياسي، هي لاعب إقليمي فاعل.
لكن الصورة التي تم تشكيلها عن ولي العهد كشاب مولع بالألعاب تثير تحديات تتعلق بكيفية توازن هذه الهوية الرقمية مع الواقع السياسي.
ففي حين قد تجذب هذه الهوايات جيل الشباب، إلا أنها تضع أمام بن سلمان تحديًا لإثبات جديته كقائد في سياق الصراعات والملفات الساخنة التي تواجهها بلاده.
وعلية فإن هوس محمد بن سلمان بألعاب الفيديو، وعلى رأسها “فاينل فانتسي 16″، يضيف بعدًا جديدًا لصورة الحاكم السعودي في الخارج. هو مزيج معقد بين الهوية الرقمية الحديثة والواقع السياسي التقليدي، بين الجذب الإعلامي والانتقادات العميقة.
وفي النهاية، فإن هذا الهوس يطرح أسئلة مهمة حول كيف يمكن لزعيم دولة كبرى أن يوازن بين حياته الشخصية وصورته العامة ومسؤولياته الجسيمة في ظل مرحلة حرجة من تاريخ المملكة والمنطقة.




