تواصل منظمات حقوقية رصد انتهاكات صارخة في سجون السعودية بين الإخفاء والتعذيب وسوء المعاملة تكريسا لواقع القمع والاستبداد الذي يفرضه نظام آل سعود.
وذكرت منظمة القسط لحقوق الإنسان بمرور سبع سنوات على اعتقال الداعية السعودي سليمان الدويش واخفاءه قسريًا بسبب تعبيره السلمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما لا يزال مصيره مجهولًا.
ونبهت المنظمة إلى أن أبناء الدويش “مالك وعبد الرحمن” ما زالوا رهن الاعتقال انتقامًا بسبب دفاعهما عن والدهما.
والدويش معتقل منذ أبريل/نيسان 2016، على خلفية نشره تغريدات يظن أنه ينتقد فيها الملك سلمان بن عبدالعزيز ونجله محمد الذي كان نائباً لولي العهد حينها، وتبع اعتقال قمع غير مسبوق لعدد من أفراد عائلته منهم من أطلق سراحه ومنهم من لا يزال مخفي قسرياً.
وقال الدويش في تغريداته “لا تفرط في منح ابنك المراهق المدلل مزيدًا من الثقة والصلاحيات دون مراقبة ومحاسبة وإلا فانتظر كل يوم ٍ فاجعة تأتيك منه حتى تهدم بيتك”، مضيفاً: “محبّتك لابنك وترك محاسبته تنمّي عنده شعورًا يوصله غالبًا إلى الاستخفاف بك والاعتداد بنفسه بحيث لا يبالي بخسارتك لمنجزاتك التي كنت تفخر بها”.
ووفق القسط، فإن الدويش، محتجز في سجنٍ غير رسمي أقيم في قبو أحد القصور الملكية بالرياض ويديره أعضاء من الدائرة المقربة لولي العهد، ولم ترد عنه أي أخبار منذ يوليو/تموز 2018.
وقد تعرض للتعذيب على يد أحد كبار المسؤولين السعوديين الذي تعدى عليه بالضرب المبرح حتى غرق بالدماء، وتدخل بعض الحضور لمنع قتله.
وتعاني عائلة الدويش منذ اعتقاله، إذ طال الإخفاء القسري أبنائه لمطالبتهم بمعرفة مصير والدهم، بعدما يأسوا من مراجعة الجهات المعنية وتواصلهم مع الأجهزة الحكومية ومناشدة الأمراء للتوسط لطمأنتهم على والدهم، إذ بدأ النظام باعتقالهم تباعا، وتعرضوا للتعذيب، في انتهاك صريح للقوانين والمعاهدات الدولية.
في السياق أفادت منظمة القسط لحقوق الإنسان، بأن الناشطة السعودية والمدربة الرياضية المخفية قسرياً مناهل العتيبي، استطاعت التحدث إلى عائلتها مجددا في 14 أبريل/نيسان 2024، وأخبرتهم أنها معتقلة في ظروف غير إنسانية في زنزانة انفرادية، وأن لديها كسر في ساقها نتيجة تعرضها للإساءة الجسدية في السجن.
والعتيبي (29 عاما) معتقلة في سجون السلطات السعودية منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بعدما اتهمتها النيابة العامة بنشر عدة صور ومقاطع بملابس غير محتشمة، وتحريض الفتيات على عدم ارتداء العباءة السوداء التقليدية، وانتقاد القوانين المتعلقة بالمرأة ومن بينها قانون ولاية الرجل، ومنعت من الاتصال بالعالم الخارجي منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وكشفت القسط في سبتمبر/أيلول 2023، أن مناهل المعتقلة على خلفية مشاركتها في حملة إسقاط الولاية عن المرأة والخروج إلى الأماكن العامة دون العباءة، تعرضت لتعذيب جسدي ونفسي على يد سجينة أخرى داخل سجن الملز، بما في ذلك الضرب والتهديد بالقتل، وعندما أبلغت إدارة السجن بما حدث لها، وضعوها في الحبس الانفرادي حتى تختفي علامات التعذيب.
إلى ذلك قالت مها القحطاني زوجة المدافع عن حقوق الإنسان المخفي قسريا في سجون السلطات السعودية الدكتور محمد القحطاني، إن أمن الدولة السعودية ومسؤوليه لا يزالون يمارسون الانتهاكات الشنيعة في حق زوجها من إخفاء قسري وحرمان من معرفة مصيره، مستنكرة تجاهل السلطات السعودية وكافة الجهات المعنية لمطالبها بالكشف عن مكان زوجها.
وخاطبت مها القحطاني في تغريدة دونتها على حسابها بمنصة إكس، وشاركتها على وسمي #أين_زوجي، #محمد_فهد_القحطاني، جهاز أمن الدولة والملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمم المتحدة وعدد من المنظمات الحقوقية، قائلة: ” لا نعلم لمَ يُحتجز رغم انتهاء محكوميته الجائرة، ولمَ تتجاهل السلطات السعودية هذه الممارسات بالرغم من مخاطبتنا لجميع المسؤولين”.
وذكرت زوجة القحطاني، بمرور ثلاثة أعياد (سنة وستة أشهر) منذ تغييب زوجها، مؤكدة أنها لم يصلها “جواباً واحداً ولا رداً على إيميل أو فاكس أو رسالة لسفارة أرسلتها تستعلم فيها عن مكان وجود زوجها.
يشار إلى أن القحطاني أكاديمي وأحد المشاركين في تأسيس جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (جمعية حسم) المنحلة حالياً، ومعتقل تعسفياً في سجن الحائر منذ عام 2013 بسبب عمله السلمي في مجال حقوق الإنسان ودعواته إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية، وممنوع من التواصل مع أسرته والعالم الخارجي منذ 24 أكتوبر 2022.
وذلك بالرغم من أن القحطاني أتم محكوميته المحددة بعشر سنوات في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2022؛ وبحسب منظمة القسط الحقوقية، فإن السلطات السعودية تواصل رفضها إعطاء معلومات واضحة عن مكان وجود القحطاني، مما يجعله ضحية للاختفاء القسري، وتزيد احتمالية تعرض الأفراد المختفين لانتهاكات حقوقية أخرى مثل التعذيب الجسدي.
وأعربت عن مخاوفها على صحة وسلامة القحطاني نظرا لتعرضه للمضايقة وسوء المعاملة على نحو متكرر أثناء سجنه، وإضرابه عن الطعام عدة مرات احتجاجًا على سوء المعاملة التي كان يعاني منها، بما في ذلك حبسه في زنزانة للسجناء الذين يعانون من مشاكل متصلة بالصحة العقلية، واعتدى عليه زملاؤه السجناء مرتين.