رفض التهجير القسري في السعودية عقوبته الإعدام
كشفت أوساط حقوقية أن محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة في السعودية أيدت أحكام الإعدام الصادرة على ثلاثة أفراد من قبيلة الحويطات على خلفية رفض التهجير القسري من منازلهم وممتلكاتهم.
وذكرت منظمة القسط لحقوق الإنسان أن المستهدفين بعقوبة الإعدام هم كل من شادلي وإبراهيم وعطالله الحويطي، فيما يتعلق برفضهم السلمي لعمليات الإخلاء القسري وتهجير السكان من أجل مشروع مدينة نيوم العملاقة الذي تقوده الدولة.
ويمكن الطعن في هذا الحكم أمام المحكمة العليا. وإذا أيدت المحكمة العليا أيضا تلك الأحكام الصادرة بحقهم، سيكون الرجال الثلاثة معرضين لخطر الإعدام الوشيك.
وكانت قد أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في السعودية، التي تأسست للبحث في قضايا الإرهاب، أحكاما على شادلي وإبراهيم وعطالله في 2 أكتوبر 2022 بعد تقديمهم للمحاكمة في وقت سابق من العام.
وحُوكموا بعدد من التهم الغامضة فيما يتعلق بأعمالهم السلمية، بما فيها النشاط على تويتر، بموجب نظام مكافحة جرائم الإرهاب السعودي لرفضهم بناء مدينة نيوم على أراضٍ تسكنها عادةً قبيلتهم.
وشادلي أحمد محمود الحويطي هو أخ عبد الرحيم الحويطي الذي قتلته قوات الأمن السعودية في أبريل 2020 في منزله في “الخريبة”، في منطقة تبوك، الواقع ضمن الأراضي التي خصصتها السلطات لمشروع “نيوم”.
وذلك بعد أنْ نشر عبدالرحيم مقاطع فيديو له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أعلن فيه عن رفضه التهجير القسري الذي تمارسه السلطات بحقّ أهالي المنطقة في سبيل تنفيذ المشروع.
ومنذ اعتقال شادلي في عام 2020، تعرّض لمختلف أنواع التعذيب وسوء المعاملة في السجن.
وكان إبراهيم صالح أحمد الحويطي ضمن الوفد الذي التقى باللجنة المعنية بنزع الملكيات الخاصة بمشروع “نيوم”، في عام 2020.
كما ظهر عطالله موسى محمد الحويطي في عدد من الفيديوهات، يتحدث فيها عن معاناة عائلته وكافة المهجرين قسريًّا من قرار التهجير.
يعد نيوم أحد المشاريع الرئيسية في رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان في إطار خطة اقتصادية. ونيوم هي مدينة مستقبلية عملاقة يجري بناؤها على ساحل البحر الأحمر في السعودية.
واعتُقل العشرات من أبناء قبيلة الحويطات واحتُجزوا وصدرت أحكام ضدهم بالسجن لفترات طويلة بسبب مقاومتهم السلمية للإجلاء من منازلهم.
وكررت منظمة القسط دعوتها الشركات المشاركة، أو التي تفكر في المشارَكة، في مشروع نيوم إلى النظر عن كثب في مسؤولياتها المؤسسية وتوظيف ما لديها من نفوذ مع السلطات السعودية لإنهاء تلك التجاوزات.
وتتواصل القسط في الوقت الراهن مع العديد من الشركات المنسحبة بالفعل أو التي تعيد النظر بجدية في مشاركتها الحالية أو المستقبلية في المشروع.
وعلقت رئيسة قسم الرصد والمناصرة لينا الهذلول: “إن أحكام الإعدام تلك جزءٌ من سلسلة من الإجراءات القاسية والانتقامية ضد أبناء قبيلة الحويطات الذين تعرضوا للإخلاء والتهجير والاعتقال ويتعرضون الآن لأقسى عقوبة لمجرد التحدث علانية. لقد حان الوقت الآن، وأكثر من أي وقت مضى، لتتخذ الشركات موقفا، سواء الشركات المشاركة أو التي تفكر في المشاركة.”
وتشكل العقوبة القمعية التي تتعرض لها قبيلة الحويطات جزءًا من التراجع الحاد الذي تشهده حالة حقوق الإنسان في السعودية منذ منتصف عام 2022، مع إصدار المحاكم أحكاما بالسجن تصل إلى 50 عاما على النشطاء لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير.
وفي الوقت نفسه، زادت السلطات استخدامها عقوبة الإعدام على نحو كبير وأعدمت 148 شخصا في عام 2022، أي أكثر من ضعف عدد الأشخاص الذين نُفذ فيهم حكم الإعدام في عام 2021، فضلا عن استئناف عمليات الإعدام في الجرائم غير العنيفة المتعلقة بالمخدرات.
وأكدت القسط رفضها القاطع لأحكام الإعدام الجائرة التي صدرت ضد شادلي وعطالله وإبراهيم الحويطي، وتدعو على وجه الاستعجال إلى الضغط على السلطات السعودية لإسقاط تلك الأحكام على الفور.
إعدام السعودية بشكل سري ليمنين أحدهما قاصر
في 29 ديسمبر 2022 أعلنت عائلتا المواطنين اليمنين، محمد مقبل الواصل وشاجع صلاح جميل، أنهما تلقتا إتصالا هاتفيا منهما، أبلغا فيه أنهما في ساحة الإعدام في المملكة العربية السعودية، بانتظار تنفيذ حكمي القتل بحقهما خلال نصف ساعة.
صدمت العائلتان بالخبر، وحاول أفراد منها التواصل مرة أخرى على الرقم إلا أنهم فشلوا، ولم يتمكنوا من معرفة أي تفاصيل إضافية.
ومحمد مقبل الواصل من مواليد عام 1995، غادر إلى السعودية للبحث عن العمل عام 2011، حين كان يبلغ من العمر 16 عاما تقريبا. بعد أشهر من وصوله إلى السعودية تم اعتقاله.
لم تعرف العائلة أي شيء عن مصيره إلا بعد مرور 5 أعوام على اعتقاله حيث أبلغهم بأنه معتقل. بعد ذلك، اقتصر تواصل الواصل مع عائلته باتصالات هاتفية متقطعة كل عام، لم يخبرهم فيها عن طبيعة تهمه وحكمه ولا أنه محكوم بالإعدام.
من جهته، كان شاجع جميل قد اختفى لمدة عامين بعد مغادرته إلى السعودية، قبل أن يتصل ويبلغهم بأنه معتقل، من دون أي معلومات أخرى عن سبب اعتقاله وتهمه.
لم تحصل العائلة على أي تبليغ رسمي من السعودية بالأحكام أو بتنفيذها، كما لم تتلقى أي معلومات عن مصير الجثمانين أو وصيتهما أو أغراضهما الشخصية. وبعد أيام من الاتصال.
لم ترصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أي بيان رسمي من قبل وزارة الداخلية السعودية حول الإعدامين. وكانت المنظمة قد تلقت معلومات أثارت مخاوف من تنفيذ السعودية لأحكام القتل بشكل سري.
وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية أن حرمان المعتقلين من حقهم في التواصل مع عائلاتهم بشكل اعتيادي هو نوع من أنواع التعذيب والمعاملة القاسية.
وفي ظل الشوائب الصارخة في نظام العدالة في السعودية، ومع انعدام الثقة به، فإن انقطاع التواصل يزيد من المخاوف من الانتهاكات التي قد يكون الشابان قد تعرضا لها، بدءا من التعذيب والحرمان من الحق في الدفاع عن النفس وصولا إلى الأحكام التعسفية.
وأشارت المنظمة إلى أن المعلومات التي تحصل عليها من العائلة تؤكد أن الواصل كان قاصر عندما تم اعتقاله، يكرس المخاوف من إمكانية أن يكون عدد القاصرين الذين قتلوا والمهددين بالإعدام في السعودية أعلى بكثير مما تم رصده.
وتظهر إحصاءات المنظمة الأوروبية السعودية إلى أن 12 قاصرا أعدموا في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وحاليا يواجه 8 قاصرين خطر الإعدام.
إضافة إلى ذلك، فإن رصد المنظمة يؤكد أن السعودية تحتجز حاليا 132 جثمانا لأفراد تم إعدامهم أو قتلهم خارج نطاق القضاء، ومع تصريحات العائلتين اليمنيتين فإن العدد يبدو أعلى من ذلك، في ظل ما يبدو نهجاً من الانتهاكات بحق العمال المهاجرين، الذين من الصعب توثيق قضاياهم.
واعتبرت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أن الأرقام القياسية للإعدامات التي نفذت خلال السنوات الأخيرة لا يمثل الوجه الوحيد للدموية في تعاطي الحكومة السعودية، حيث أن السرية في المحاكمات ومؤخرا في التنفيذ، والاستخفاف الصارخ بالوعود الرسمية، إلى جانب تعذيب العائلات عبر احتجاز الجثامين يؤكد الاستخدام التعسفي والسياسي لهذه العقوبة.