توقع خبراء ألمانيون، انهيار، “رؤية 2030” الذى يسعى ولى العهد محمد بن سلمان تطبيقها في المملكة بسبب فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.
“وبن سلمان” يسعى عبر رؤيته التي قدمها للعالم في أبريل/ نيسان 206م، إلى تحويل المملكة مركزا للتكنولوجية المتقدمة في الشرق الأوسط، بدلا من الصورة الذهنية للنفظ والفكر الوهابي.
وقال الخبراء الألمان: بعد أربع سنوات على إعلان “بن سلمان” رؤيته وجد الأمير الشاب نفسه أمام “أضغاث أحلام، فقد انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، فبدلا من بناء اقتصاد رقمي كما كان مخططا، وجد نفسه أمام خلل تاريخي في الميزانية العامة”، وذلك في إشارة إلى الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط في سياق انتشار جائحة “كورونا”.
وأضافوا أن الأوضاع المالية الصعبة للمملكة والانتهاكات الممنهجة لحقوق الانسان فيها والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة تجعل “رؤية 2030” لولي العهد “تبدو كسراب في الصحراء”.
وأشار المحللان في شؤون الشرق الأوسط كريستيان بومه وتوماس زايبرت، في مقالتهما بصحيفة “تاغس شبيغل” الصادرة في برلين، إلى أن “رؤية 2030” تجاوزت طموحاتها الخيال، وتمويلها يسبب الدوران حتى داخل المملكة الثرية.
فمدينة “نيوم” التكنولوجية لوحدها ستكلف ما لا يقل عن 500 مليار دولار، جزء من هذه الأموال كان سيأتي من الاكتتاب الأولي لشركة (أرامكو) المملوكة للدولة.
وخلص الكاتبان إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية تجعل هذا “المشروع الفرعوني” بعيد المنال.
وسلطت مواقع إعلامية واقتصادية ألمانية، الآونة الأخيرة، تقاريرها حول الأزمة المالية السعودية، وتطرق موقع “مانجر ماغزين” إلى التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة. وذهبت “شبيغل أونلاين” في نفس الاتجاه وكتبت تقريرا يحمل عنوان “انهيار بورصة الرياض وتوقع عجز قياسي” مستشهدة بما أعلنه وزير المالية السعودي محمد الجدعان بشأن إمكانية اللجوء للاستدانة الخارجية.
كما كتب موقع قناة “إن.تي.فاو” أن أزمة النفط وجائحة “كورونا” أحدثا تقوبا هائلة في ميزانية السعودية التي ستتجه نحو إجراءات تقشف جذرية وإلى الاقتراض في أسواق المال العالمية.
وقالت صحف ألمانية إن المشاريع الاستثمارية الضخمة تحولت في الوقت الراهن إلى سراب وكأن أبراج السماء توافقت ضد الأمير الشاب، “فجائحة كورونا عمقت أزمة سوق النفط التي كانت مضطربة أصلا، خاصة بعد حرب الأسعار التي أطلق شرارتها بن سلمان ضد روسيا وأثارت غضب الشريك الأمريكي”.
ونوهت الصحف إلى تعليق السعودية إلى الحج والعمرة، كأحد المصادر الكبرى لميزانية الدولة، ما دفع “الجدعان” إلى الإعلان عن أن المملكة ستكون في حاجة إلى اقتراض ما لا يقل عن 58 مليار دولار.
ويتوقع أن يصل عجز الموازنة السعودية إلى 112 مليار دولار خلال العام الجاري. أما أسواق النفط فمهددة بانهيار بنيوي، في وقت توقعت فيه منظمة الطاقة العالمية أن تُسرع جائحة “كورونا” في تحول العالم إلى الطاقات المتجددة، وهي التي كانت تتوقع أن تبدأ القطيعة مع المصادر الأحفورية في أفق 2040.
تهديدات داخلية ومخاطر خارجية
كما أن الاعتقالات التي نفذها محمد بن سلمان بحق عشرات الأمراء ورجال الأعمال، بمجرد تسلمه للسلطة، كان هدفها كسر أي مقاومة لطموحه في خلافة والده على العرش. إلا أن ذلك عزل ولي العهد داخل الأسرة المالكة.
فقبل أسابيع اعتقل عمه للاشتباه فيه بالتخطيط لمحاولة انقلابية. وتحت عنوان “الأمير الذي لا يلين” كتب مارتن غيهلين مراسل “تسايت أونلاين” في تونس في (30 أبريل / نيسان 2020) “من ناحية، يشل وباء “كورونا” البلاد ما يفاقم عجز الميزانية، في الوقت نفسه، تواجه الرياض أزمة متعددة الأوجه منها أزمات أشعلتها بنفسها كما هو الحال بشأن لعبة البوكر في أسعار النفط، والخلاف مع ترامب وبوتين، إضافة إلى الحرب في اليمن والصراع المستمر مع إيران”.
وأسواء من كل هذا – يضيف غيهلين – هو “القمع السياسي الداخلي والصراع غير المسبوق على السلطة داخل الأسرة الحاكمة.
وعلى المستوى الخارجي، انتهج بن سلمان سياسة هجومية ضد إيران وقطر، لكن حرب اليمن هي التي أضرت بسمعة المملكة أكثر من غيرها. “حرب تسببت في مقتل أكثر من مائة ألف شخص، ونزوح الملايين، إضافة إلى تفشي المجاعة في ظل وضع إنساني كارثي. ودُمرت أكثر من 3000 مدرسة، وانهار النظام الصحي”.
ويقول الخبراء الألمان إن “محمد بن سلمان يتبني إصلاحات بعينها تتوافق مع رؤيته، ومن شأنها أن تزيد شعبيته لدى الشباب السعودي، لكن الأمير يعارض بشدة مجتمعا مدنيا حرا قد يشكك في حكمه الاستبدادي”.
ودللوا على أقوالهم بتقارير منظمات حقوق الإنسان حول السعودية تحت حكم الأمير الشاب.
ويعاني معتقلو الرأي في المملكة من أوضاع صحية حرجة وسط اتهامات بتعرضهم للتعذيب والمضايقات. ومع تفشي جائحة فيروس “كورونا” دعت منظمات حقوقية سلطات الرياض لإطلاق سراح معتقلي الرأي بشكل فوري.
ومنذ عامين، شنت السلطات السعودية حملات اعتقال طالت حقوقيين وأكاديميين وإعلاميين وناشطات نسويات ورجال دين، ووجهت لهم اتهامات بالإرهاب والتآمر على النظام القائم في المملكة.
وسيظل مقتل الصحافي جمال خاشقجي بطريقة وحشية في مقر القنصلية السعودية في إسطنبول وصمة عار في مسار بن سلمان من الصعب أن يطالها النسيان.
وفي السياق ذاته، حذرت منظمة العفو الدولية من أن الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم “يغامر بخسارة سمعته” إذا لم يأخذ مسؤولوه بعين الاعتبار السجل السعودي في مجال حقوق الإنسان، وذلك قبيل إتمام صفقة الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد.
وحسب تقارير إعلامية، يقترب صندوق استثماري، على علاقة بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، من إتمام صفقة شراء النادي الإنجليزي العريق مقابل 300 مليون جنيه إسترليني.