وصف أكاديمي سعودي، دعاية إعلام بلاده بـ”السخيفة”، متهما إياها بتشوية صورة الإسلام وشيطنة القضية الفلسطينية في الوقت الذي تحاول فيه “تجميل ذاتها” دوليا.
وذكر الأكاديمي أحمد راشد سعيد، في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، حول دور الدعاية الإعلامية السعودية “البروباغندا” في تشويه الإسلام والقضية الفلسطينية.
واستدل سعيد بتقرير حديث لقناة 24 السعودية الإخبارية زعمت فيه أن جماعة الإخوان المسلمين تدعم الانفصاليين الجنوبيين في عدن اليمنية، “حيث من المعروف أن الانفصاليين هناك مدعومون من الإمارات، الدولة المعادية للإخوان!ط.
وأشار إلى وُصف حركة حماس بأنها منظمة إرهابية في وسائل الإعلام السعودية، التي اتهمتها باحتجاز أهل غزة رهائن لتنفيذ أجندتها.
وأوضح سعيد “هاتان طريقتان تنشر فيهما وسائل الإعلام السعودية دعاية سخيفة، حيث تشرع الحكومة في حملة واسعة النطاق لتجديد صورتها والتحكم في سرد سياساتها، محليا وخارجيا. تنبع الحملة المنافقة من الرغبة في تضليل الواقع والسيطرة عليه وتشويهه في محاولة لحماية المصالح السعودية”.
وأضاف: أنه لا يوجد شيء يسمى حرية التعبير في المملكة، حيث يتم التحكم في الإنترنت ومراقبته بشكل كبير مع الرقابة الصارمة على الكتب والصحف والمجلات والأفلام والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.
وتابع المحلل السعودي إن “ما يزيد الأمور سوءا هو الموقف الرسمي بأن أي نوع من الانتقادات للحكومة يُنظر إليه على أنه خطيئة مزعزعة للاستقرار وخطيرة”.
وأشار إلى حملة القمع الشديدة ضد الأصوات السعودية المستقلة، حتى لو تم التعبير عن الآراء بشكل غامض ودون أي إشارة واضحة إلى سلطات آل سعود.
وتحتل المملكة المرتبة 170 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2020، قائلا “في هذا الجو من القمع، يتم استبدال وسائل الإعلام المهنية بالدعاية التي تخدم النظام، وتعزز نظرته للعالم وتشوه منافسيه على المستويات المحلية والإقليمية والدولية”.
ورأى الناشط السعودي أن سياسات المملكة هذه الأيام تميل إلى أن تكون غير متوقعة، فالدعاية الموالية تناقض نفسها. مثلا، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوصف في السابق بأنه حليف موثوق. والآن، هو خليفة عثماني جديد “يرهب” المنطقة.
كذلك، تم تصوير نظام بشار الأسد في سوريا ذات مرة على أنه متوحش يجب إسقاطه. والآن يمكن إعادة تأهيله حتى يصبح حليفاً ضد تركيا.
ولفت إلى أن منصات التواصل الاجتماعي في المملكة لم تنجُ من الحملة على حرية المعلومات.
وذكر الإعلامي السعودي أن موقع “تويتر، على وجه الخصوص، يُعتبر تهديدا يتم ترويضه ومراقبته واستخدامه للسيطرة على المعارضة. بينما يقوم تويتر بشكل دوري بحذف الحسابات المرتبطة بشبكة التضليل هذه، فإن (جيش المتصيدين) السعودي لا يزال قويا، ويتلاعب بـ(الاعجابات) وإعادة التغريد لنشر الدعاية وإعطاء انطباع زائف بشعبية السياسات السعودية”.
ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات لا تخدم مصالح المملكة. والكلام للكاتب السعودي، وبدلاً من ذلك، فهي تحجب وسيلة أساسية لتتبع الرأي العام.
واستدرك سعيد: “في المملكة لا يوجد تقريبا مجتمع مدني، ولا يوجد تمثيل هيكلي حقيقي للجمهور، ولا يوجد منفذ للتأثير على عملية صنع القرار.
وأوضح أن الدافع وراء الدعاية السعودية هو فكرة أن الإخوان والإسلام السياسي هم أعداء المملكة الأساسيون، ولهذا السبب دعمت المملكة انقلاب 2013 الدموي في مصر، الذي أطاح بأول حكومة منتخبة ديمقراطياً في البلاد، وهذا هو السبب في عداء قطر، التي انحازت إلى الديمقراطية المصرية والربيع العربي بشكل عام. وتركيا التي اتخذت موقفا مماثلا.
واستطرد سعيد: إنه يبدو أن المملكة أصبحت مهووسة بالإسلام نفسه، حيث تحرض قناة العربية السعودية على المساجد والمؤسسات الإسلامية الأخرى في الغرب، بزعم أنها خطرة ومرتبطة بالإخوان المسلمين وتمولها قطر أو تركيا.
ونوه إلى خطر فقدان المتاحف السويسرية والمدارس الثانوية الفرنسية، مصداقيتها تحت ذريعة “ارتباطها بالمجتمعات الإسلامية المدعومة من قطر”.
وقال سعيد: “إن الوجود الإسلامي برمته في أوروبا قد صاغته قناة العربية بشكل أساسي على أنه له انتماءات (إرهابية). الإسلاموفوبيا يزدهر في أروقة السلطة في المملكة، حتى أكثر من الحركات اليمينية المتطرفة في برلين أو باريس”.
وأشار إلى أن نهج نظام آل سعود الكئيب وقصير النظر أدى إلى سياسة كارثية أخرى: الانقلاب على القضية الفلسطينية لصالح “صفقة القرن” التي أبرمها الرئيس الأمريكي دونالد”. كما شرعت السعودية في حملة قمع واعتقالات بين صفوف ممثلي حماس في البلاد.
وأكد أن الدعاية في المملكة تدور حول موضوع رئيسي واحد: تحريض المشاعر القومية المتطرفة بين الشباب. ساهمت شعارات مثل “السعودية للسعوديين” و”السعودية الكبرى” و”السعودية أولاً” في سرد جديد وصفه المحلل مضاوي الرشيد بأنه “ليس مجرد حركة شعبية تلقائية بل مبادرة تقودها الدولة برعاية ولي العهد“.
ونوه سعيد إلى أن الشعور الجديد بالقومية يدعو إلى الانفصال ليس فقط عن المحافظة الدينية السابقة، ولكن أيضا عن أي التزام تجاه القضايا العربية والإسلامية – خاصة القضية الفلسطينية، بما في ذلك وضع مدينة القدس المحتلة.
وأكمل قائلا: تتراوح تكتيكات الدعاية السعودية بين التضليل والأكاذيب الصريحة، والشيطنة واستدعاء الأسماء وأكباش الفداء، وبدعم من (الذباب الإلكتروني) تم تدشين حملة على تويتر بهدف نزع الشرعية عن القضية الفلسطينية، بشعارات مثل “فلسطين ليست قضيتي”. شيطنة الفلسطينيين مع إظهار إسرائيل بشكل جيد يُعتبر “مهمة مستحيلة”، لكن سلطات آل سعود تواصل إطلاق النار على قدميها.
وختم الأكاديمي والمحلل السعودي أن “لقد دمرت حرب المملكة على الربيع العربي والإخوان شرعيتها سياسياً وأخلاقياً. الوضع حزين وسخيف!َ”.