كشفت مصادر سعودية خاصة لـ “ويكليكس السعودية” النقاب عن إعداد سلسلة دعاوى قضائية سترفعها جهات وعائلات سعودية في المحاكم الأمريكية ضد ولى العهد محمد بن سلمان المسؤول عن قتل أبناءهم وسرقة أموالهم وملاحقتهم داخل المملكة وخارجها.
وأفادت المصادر السعودية بأن الدعوى القضائية التي رفعها ضابط الاستخبارات السعودي السابق سعد الجبري، في الماكم الأمريكية، هذا الشهر، ضد ولى العهد، شجع جهات وعائلات سعودية على الحذو مثله.
وقالت المصادر إن خديجة جنكيز خطيبة الصحفي الراحل جمال خاشقجي تقوم حاليا بترتيب أوراقها مع شركة محاماة أمريكية تمهيدا لرفع دعواها ضد بن سلمان المسؤول الأول عن قتل وتقطيع خطيبها داخل سفارة المملكة في مدينة إسطنبول أكتوبر 2018م.
وأضافت المصادر أن قبيلة الحويطات التي لا زالت سلطات آل سعود تقوم بتهجيرها من أراضيها قرب البحر الأحمر لصالح مدينة نيوم الذكية، في طور إعداد دعوى قضائية ضد ولى العهد المسؤول عن تهجيرهم وقتل أحد أفراد القبيلة الذين رفضوا التخلي عن منازل آباءهم وأجدادهم.
وذكرت أن القبيلة تتواصل حاليا مع الناشطة علياء الحويطي المقيم في لندن حاليا، وخاصة أن الأخيرة شرعت مؤخرا بإعداد حملة دولية تحت عنوان “العدالة لضحايا نيوم”.
وبحسب المصادر – فإن عائلات المعتقلين السعوديين – كعائلة المعتقلة لجين الهذلول وعائلة المفكر الإسلامي د. سلمان العودة وغيرهما، في طور الإعداد لدعوى قضائية ضد ولى العهد الذي يعتقل المئات من المفكرين والمشايخ والأكاديميين المعارضين لسياساته القمعية داخل المملكة.
في 6 أغسطس/آب الجاري، رفع الجبري دعوى قضائية ضد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين في المحكمة الجزئية الأمريكية لمنطقة كولومبيا.
ووفقا للجبري، فقد أرسل بن سلمان، “فرقة النمر” إلى كندا لقتله بعد أسبوعين من قيام أعضاء آخرين من نفس الفرقة باغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
وتؤكد الدعوة أن بن سلمان أرسل فريقا لاغتياله خلال إقامته في مدينة بوسطن الأميركية عام 2017، وأنه حاول على مدى أشهر نشر عملاء سريين في الولايات المتحدة في محاولة لتعقب مكان الضابط السابق.
وبعد فشل تلك المحاولات أرسل ولي العهد السعودي فريقا آخر لاغتيال الجبري في كندا، وذلك بعد أسبوعين من اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وتضمنت الدعوى القضائية نص رسالة من ولي العهد السعودي يطلب فيها من الجبري العودة خلال 24 ساعة وإلا سيقتل.
وتشير أوراق الدعوى إلى أن سعد الجبري يتهم محمد بن سلمان بالسعي لقتله لمنعه من تقويض علاقاته الخاصة مع الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترامب.
وتقول الدعوى إن استهداف المدعى عليه بن سلمان للجبري يؤثر بصورة مباشرة على المصالح الأميركية، لأن ولي العهد السعودي يرى أن علاقات الجبري الوثيقة مع مجتمع الاستخبارات الأميركي تقف في طريقه لتعزيز النفوذ والسلطة بين المسؤولين في الحكومة الأميركية.
وأضافت أن سعد الجبري شكل تلك العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة بعد أن جعل السعودية أحد أهم شركاء واشنطن في مكافحة الإرهاب على الصعيد العالمي وداخل المنطقة.
وتقول أوراق القضية إن “رغبة المدعى عليه بن سلمان في تعطيل هذه العلاقات من خلال القضاء على الجبري كانت واضحة، وبدأت عندما جرده من منصبه في الحكومة السعودية لاجتماعه مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) جون برينان في مايو/أيار 2017”.
وأضافت المستندات أن الجبري علم من أصدقائه الأميركيين بوجود تهديدات ذات مصداقية جعلته يخشى على سلامته ويفر من المملكة السعودية.
وكانت صحيفة واشنطن بوست كشفت أن الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) رفضت طلبا سعوديا باعتقال الجبري أوائل يوليو/تموز 2018، ووصفت الطلب بأنه ذو دوافع سياسية.
وذكرت الصحيفة أن الإنتربول اعتبر حظر السفر على عائلة الجبري غير مبرر، وأن للقضية دوافع سياسية وليست قانونية.
وطبقا لمعلومات مؤكدة، يعتقد المدعى عليه بن سلمان أن الجبري مسؤول عن استنتاج وكالة الاستخبارات المركزية، الذي تم تسريبه في ديسمبر/كانون الأول 2018، بأن بن سلمان أمر شخصيا بقتل جمال خاشقجي.
ويتهم الجبري ولي العهد برغبته في قتله لأن ضابط المخابرات السابق “في وضع فريد يمكنه من التهديد الوجودي” لعلاقة ولي العهد مع الولايات المتحدة.
ويقول الجبري إن بن سلمان يعتقل شقيقه واثنين من أبنائه البالغين في المملكة من أجل استدراجه للعودة إلى المملكة.
وبعد يوم واحد من رفع الجبري هذه الدعوى، استدعت المحكمة الفيدرالية بن سلمان والمتهمين الآخرين، غيابيا، وأبلغتهم بالدعوى. وبموجب القانون الأمريكي، أمام المتهمين 3 أسابيع للرد.
وما يمكن أن نتوقعه هو أن تضغط المملكة بشدة على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير خارجيته “مايك بومبيو” لإرسال رسالة إلى القضاء مع طلب لتفعيل الحصانة.
لكن هذه القضية ستؤدي إلى ازدياد استياء المؤسسة الدبلوماسية في واشنطن والمشرعين من ترامب بسبب عدم وضع خطوط حمراء بشكل فعال لولي العهد السعودي.
وإذا أرسل “بومبيو” رسالة تتضمن اقتراحًا بالحصانة لتجنيب “بن سلمان” العواقب القانونية -على الأقل مؤقتًا- فإن هذا الغضب سيزداد.
تضاف هذه القضية إلى مجموعة من الحلقات، بما في ذلك مقتل خاشقجي، وحرب اليمن، والحصار المفروض على قطر، ونزاع الرياض الدبلوماسي مع كندا، واختطاف رئيس الوزراء اللبناني السابق، وملف عبد الرحمن سمير نورا، وسجن الناشطة الحقوقية لجين الهذلول والتعذيب الذي أضر بصورة “بن سلمان” في واشنطن.
وكانت كل هذه القضايا دفعت الدبلوماسيين والمشرعين والمرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية “جو بايدن” إلى التحدث بشكل متزايد عن مشاكلهم مع سلوك “بن سلمان”، داخل المملكة وخارجها.
ويعتقد مراقبون أن تؤدي دعوى الجبري القضائية إلى مزيد من الضغط داخل أمريكا على ترامب لاتخاذ موقف مختلف تجاه بن سلمان. ومثل قصة خاشقجي، ستعتبر إدارة ترامب قضية الجبري مصدر قلق كبير.