أبرزت كاتبة يمنية تطلعات بلادها إلى المرشح الديمقراطي جون بايدن لإنهاء حرب التحالف السعودي المسمر منذ أكثر من خمسة أعوام وامتلاكه عدة خيارات للقيام بذلك.
وقالت الكاتب اليمنية رابعة الذيباني إن الشعب اليمني الرابح الأول من إنهاء حرب التحالف وينطبق هذا أيضًا على الأمريكيين من أصول يمنية الذين يراقبون برعب أفراد أسرهم ومنازلهم العزيزة وهي تتعرض للعنف والدمار، في الوقت الذي تغذي فيه الولايات المتحدة القتال وتدير ظهرها للنازحين من الحرب.
وأضافت الذيباني، في مقال، لم تكتفِ الجالية اليمنية في الولايات المتحدة بالمراقبة فقط، ولكنها اتخذت إجراءات. فمنذ توقيع “دونالد ترامب” على حظر دخول مواطني عدد من الدول الإسلامية في يناير/كانون الثاني 2017، اتجه اليمنيون الأمريكيون لتعزيز تأثيرهم من خلال العمل المدني، بدءًا من “إضراب محلات البقالة” بعد أسبوع من إعلان الحظر، حيث أغلق الآلاف من أصحاب المحلات اليمنيين في مدينة نيويورك متاجرهم للاحتجاج.
كما لعب اليمنيون الأمريكيون أيضًا دورًا أساسيًا في تحويل المقعدين الجمهوريين المتبقيين في جنوب بروكلين من السيطرة الجمهورية إلى الديموقراطية في عام 2018، مما ساعد على انتخاب الديموقراطي “ماكس روز” في مجلس النواب الأمريكي، بعد أن كان جنوب بروكلين تحت سيطرة الجمهوريين على مدى العقود الثلاثة الماضية.
والآن، هناك فرصة لتسخير هذه الطاقة لإنهاء الحرب في اليمن وعدة خيارات ماتخة.
كان اليمنيون الأمريكيون مجموعة هادئة تاريخياً، لذا فإن تحولهم نحو التعبئة السياسية أمر غير مسبوق، وجاء هذا استجابة للحرب وحظر السفر، حيث أصبحوا منخرطين بعمق في الحياة المدنية وبناء شبكات ومنظمات لممارسة التأثير.
وتقوم الجالية بتقديم المساعدات لليمن، حيث تعاني أسرهم بسبب الحصار السعودي، وحصار الحوثيين لتعز، والحرب الاقتصادية الهادئة بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا، والقتال في الخطوط الأمامية الذي غالبًا ما يقطع الطريق.
كما لعب الأمريكيون من أصول يمنية دورًا رئيسيًا في الضغط على قادة الكونجرس والحكومة الأمريكية للعمل من أجل التوصل إلى حل وإنهاء الصراع عير عدة خيارات .
ولكن الولايات المتحدة خذلت الجالية الأمريكية اليمنية في ظل إدارة كل من “أوباما” و”ترامب”، وفشلت الإدارة الحالية في فعل أي شيء عدا تأجيج الدمار وإدامة العنف الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الأرواح.
وبالرغم من هوس البيت الأبيض بإيران والتغطية الإعلامية المشوهة، فمن الصعب قياس مدى نفوذ إيران على الحوثيين وأهدافهم في اليمن والدول المجاورة.
وصحيح أن الحكومة الإيرانية تقدم مساعدات مالية وإمدادات عسكرية للحوثيين ولكنهم يعتمدون على أنفسهم إلى حد كبير، وتركز قيادتهم على أهدافها المحلية الخاصة.
ومن المفارقات، أنه كلما طالت الحرب، أصبحت العلاقة بين الحوثيين وإيران أقرب و تصبح خيارات السلام أقل.
ولا يخدم تعميق بؤس الشعب اليمني المستمر أي طرف في الصراع، كما أن التكلفة المالية المتزايدة للحرب قللت من حماسة الجهات الخارجية، مثل السعودية، التي لديها أزمات داخلية خاصة يتوجب عليها التعامل معها.
ولدى السعودية نفوذ كبير في الصراع العسكري باعتبارها الداعم الرئيسي لحكومة “هادي” المعترف بها دوليًا في اليمن، وأول جهة أجنبية هاجمت الحوثيين عام 2015.
تقول السعودية إنها تريد الخروج من الحرب، وهي تعترف أنه لا يمكن إنهاؤها بنصر عسكري، لكنها لم تتوصل بعد إلى حل وسط عملي مع الحوثيين ولا تضع خيارات لازمة لذلك.
وهكذا، يمكن للولايات المتحدة استخدام نفوذها المالي على ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” للمساعدة في تهدئة الحرب وإنهائها في نهاية المطاف.
عادة ما تنتهي التدخلات الأجنبية في النزاعات الداخلية بحل دبلوماسي يتضمن ضغوطا دولية لإنهاء القتال وتقييد دور القوى الخارجية. وفي هذه الحالة، تشمل القوى الداعمة الرئيسية الولايات المتحدة، وبدرجة أقل المملكة المتحدة وكندا والدول الأوروبية، حيث تواصل بيع الأسلحة إلى السعودية لاستخدامها في الحرب.
يعد دعم الولايات المتحدة للسعودية عاملاً رئيسياً، ويمكن لتهديد من إدارة “بايدن” بسحب هذا الدعم أن يكون بمثابة عامل تأثير حاسم على قرار السعودية.
كما أن وساطة الأمم المتحدة في الصراع أمر حيوي، ومع أن حرب اليمن متعددة الأطراف، إلا أن الأمم المتحدة تشارك حاليًا طرفين فقط، هما الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا.
ولكن السلام الحقيقي يجب أن يكون بين جميع الجماعات المسلحة والسياسية ومجموعات المجتمع المدني التي لها مصلحة في مستقبل اليمن.
يمثل التقاء كل هذه العوامل فرصة لإدارة أمريكية أكثر توجهاً نحو السلام وأكثر تعاطفاً، لكي تساعد اليمن على تحقيق السلام.
ويمكن للولايات المتحدة أن تلعب دورًا رئيسيًا في إنهاء هذا الصراع من خلال التهديد بإنهاء الدعم – المتمثل في توريد الأسلحة والمعدات العسكرية والدعم اللوجيستي والاستخبارات – للقوات العسكرية السعودية التي تقاتل في اليمن، مع مطالبة حلفائها بفعل الشيء نفسه، وكذلك المطالبة بأن تحدد الرياض خطة واضحة لإنهاء الحرب.
وفي الوقت نفسه، تستطيع إدارة “بايدن” أن تعمل مع شركاء إقليميين ودوليين آخرين لتكثيف الجهود الدبلوماسية مع جميع أطراف النزاع والضغط على الجانبين للتوصل إلى تسوية دبلوماسية بوساطة الأمم المتحدة.
وستؤدى هذه الجهود إلى تشكيل كتلة حرجة من الأطراف المستعدة حقًا للتفاوض بشأن السلام، وسيتعين على الطرف الذي لا يجلس على طاولة المفاوضات التعامل مع الواقع الجديد.
أما بالنسبة لإدارة “ترامب”، فإنها بدلًا من الانخراط في الدبلوماسية، تبحث عن أدوات قسرية لاستخدامها مع الحوثيين.
وبما أن هناك تقارير تفيد بأن إدارة “ترامب” تفكر مرة أخرى في الخطوة الخطيرة وغير المجدية بتصنيف المتمردين الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، فإن فرصة التوصل إلى حل دبلوماسي تقع على عاتق إدارة “بايدن” في المستقبل.
وعلاوة على ذلك، صرح “بايدن” مؤخرًا أنه في ظل قيادته سينهي الدعم الأمريكي للتدخل العسكري السعودي في اليمن (وهي خطوة يدعمها الكونجرس) ويعيد تقييم العلاقة الحالية بين الولايات المتحدة والسعودية.
ويبقى أن نرى ما إذا كان “بايدن” سيفوز في الانتخابات الرئاسية الشهر المقبل، كما سنرى ما إذا كان سيتبع أقواله بالأفعال إذا فاز.
لكن الآن هو الوقت المناسب لتنحية الولايات المتحدة لنفسها من موقع الشريك المتواطئ وممارسة الضغط لإنهاء الصراع.