في ذكرى رحيل خاشقجي .. خوف وقمع ولا إصلاحات حقيقة في المملكة

أكدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن واقع خوف وقمع يتزايد داخل المملكة العربية السعودية رغم مرور عامين على اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

وقال كاتب الشؤون الأمنية ديفيد إغناطيوس، في مقاله، إن خاشقجي، الذي تحل بعد أيام ذكرى اغتياله الثانية، دعا لسعودية أكثر تسامحا، لكن الواقع اليوم هو زيادة في البطش بحق الشعب.

وأضاف إغناطيوس أن هناك معارضين داخل السعودية، لكنهم صامتون، خوفا من بطش السلطات بهم، وأن ابن سلمان “قوي ومذعور”، وليس “واثقا من نفسه”.

وتابع إن تصوره هذا جاء بعد تحدثه إلى عديد السعوديين، وإن بعضهم قال صراحة إنهم لم يعودوا يأخذون هواتفهم المحمولة إلى الديوانيات “الاستراحات”، خشية التجسس، فيما يستخدم بعضهم أرقاما أمريكية.

ومن المعروف أن الرجال وفئة الشباب في السعودية يذهبون بشكل دوري (يومي أو أسبوعي) إلى هذه الاستراحات للترفيه والتسلية، فيما كان المثقفون والسياسيون يتخذون منها في عهد الملك عبد الله مقرا لعقد الندوات، على غرار جمعية “حسم”، و”إصلاحيو جدّة”.

ويستطرد إغناطيوس إنه مع قرب حلول الثاني من تشرين أول/ أكتوبر، وهو تاريخ واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث، حينما قطّع مسؤولون سعوديون الكاتب جمال خاشقجي داخل قنصلية بلده في إسطنبول، يبدو أن السعودية لم تحقق إصلاحات تذكر.

وذكر أن خاشقجي الذي تحول وجهه الدائري اللطيف إلى رمز للحرية، أصبح اليوم صوتا يسبب الإرباك لمحمد بن سلمان وعلاقته بواشنطن والغرب بشكل عام.

ونقلت الصحيفة عن المسؤولة بمؤسسة قطر الدولية، ماغي سالم، وهي صديقة مقربة من خاشقجي، قولها إن الكاتب الراحل كان يخشى قبل اغتياله بفترة وجيزة أن تمدد السلطات حظر السفر على نجله البكر صلاح، لا سيما مع تعرض نجله الآخر عبد الله لضغوطات لمنعه من المغادرة.

وبعد عامين من اغتياله بطريقة بشعة، يقول إغناطيوس إن خاشقجي أراد للسعودية أن تكون حديثة ومنفتحة ومتسامحة، وهو ما دفعه بداية لدعم إصلاحات ابن سلمان، قبل أن يوجه له نصائح ومطالبات عديدة في عامه الأخير، دفعت الأخير لإرسال فرقة لاغتياله.

وبحسب إغناطيوس، فإن خاشقجي حث ابن سلمان على التعلم من تجربة كوريا الجنوبية في محاربة الفساد دون اعتقالات جماعية، ومن تجربة ملكة بريطانيا في احترام أفراد الأسرة الحاكمة، كما دعاه لمشاهدة فيلم “Black Panther” الذي يحكي قصة “ملك واكاندا”.

وكان خاشقجي غرّد في 11 نيسان/ أبريل 2018: “شاهدت البارحة بلاك بانثر، أول فيلم سيعرض بالمملكة، مليء بالرمزية لواقعنا، بلد يمتلك ثروة يطمع بها آخرون، محافظ على تقاليده، ولكن عصري ومتقدم جدا، ملك شاب يواجه بالسؤال المصيري: هل هو معني بإصلاح ما حوله أو حماية مملكته “يوكندا” وشعبها فقط”؟

ويقول إغناطيوس إنه ومنذ مقتل خاشقجي لم تتقدم السعودية سوى في خطوات بسيطة تخص النساء، وأخرى تزيد من انفتاح الشعب تجاه قضايا الترفيه، لكن بالمقابل تقدمت المملكة في انتهاكات حقوق الإنسان، واعتقلت عديد السيدات، وعذبتهن، وواجهتهن بتهم خيانة.

وأكد الكاتب أن سمعة وشعبية محمد بن سلمان، التي كانت متألقة ذات يوم في واشنطن، تلطخت بشكل لا يمكن إصلاحه، لا سيما بعد جريمة قتل خاشقجي.

وأشار إلى أن المعطيات الأخيرة تشير إلى فقدان الرياض في ظل حكم ابن سلمان الدعم التي تحصلت عليه من إدارة ترامب، وهي أيضا لن تحظى بدعم مماثل حال فوز جو بايدن بالسباق الانتخابي في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

ونقل إغناطيوس عن ناشط سعودي، لم يسمه، قوله إن ابن سلمان أفلت من تهمة القتل حرفيا، وتعلم درسا بعدم اكتشاف أمره في المرة القادمة، في إشارة إلى مواصلة السعودية استهدافها للمعارضين بالخارج.

وختم إغناطيوس بالقول إن “خاشقجي كان يؤمن كصحفي بأن الحقيقة ستنتصر في نهاية المطاف على الأكاذيب والسطوة، وبذل حياته ثمنا لذلك، واليوم بعد عامين على اغتياله لا تزال حقيقة جريمة قتله تحرق حكام السعودية”.