خفايا تواطؤ آل سعود لتقويض الشرعية في اليمن
كشف مصدر عسكري يمني خفايا انقلاب عدن جنوب اليمن وتفاصيل المعاركة التي اندلعت منذ الأربعاء الماضي بين الانفصاليين المدعومين من الإمارات وبين القوات الموالية للرئيس اليمني المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي، وكيف تعاملت الرياض مع ما حدث والتزامها الصمت ولعب دور المتفرج.
وكانت الحكومة اليمنية حمّلت المجلس الانتقالي الجنوبي ودولة الإمارات “تبعات الانقلاب” في عدن، مطالبة أبو ظبي بوقف دعمها المادي والعسكري فوراً للانفصاليين.
وتحظى قوات “الحزام الأمني” التي تتمتع بنفوذ في الجنوب اليمني وتقاتل الحوثيين ضمن صفوف القوات الحكومية، بدعم من الإمارات.
وقال المصدر اليمني ” إن الرياض اكتفت بدور المتفرج على المعركة التي دارت في عدن، وانتهت بسيطرة قوات الحزام الأمني وما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على المدينة.
وأوضح أن الانقلاب والسيطرة على المدينة كان معداً ومخططاً لهما سلفاً بين الإمارات والمتمردين، وإن القوة السعودية طلبت بعض الإحداثيات لكنها لم تفعل شيئاً، وفق تعبيره.
وأضاف أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اجتمع بمسؤولين من آل سعود وأبلغهم بخطورة الموقف في حينه، مشيراً إلى أنه تم إرسال قادة ألوية العمالقة وقادة عسكريين قبل أيام من المعركة لـ”لحج” بغرض تحييدهم.
وأوضح المصدر أن قواته العسكرية سيطرت على زمام المعركة لمدة 3 أيام، مما دفع الإمارات للتدخل ودعم المتمردين بـ400 مدرعة، مؤكداً أن الإمارات قدمت للمتمردين كل أنواع الدعم، مضيفاً أنه في اليوم الثالث للقتال انهارت بعض الوحدات وصمدت أخرى فطلبنا منها الانسحاب.
ولفت المصدر العسكري اليمني إلى أن المملكة وعدت الرئيس هادي بالمساندة والتدخل لوقف أعمال المتمردين، ولكنها لم تفعل، مشيراً إلى أن القوة العسكرية السعودية أسفل قصر الرئاسة في عدن ظلت متفرجة وفق ما طلب منها.
وتابع أن وفداً من نظام آل سعود اجتمع بوزير الداخلية اليمني أحمد الميسري الذي طلب وقف إطلاق النار دون استجابة، وأن قوة سعودية نقلت وزيري الداخلية والنقل إلى مطار عدن.
وعقب انقلاب عدن، التقى الملك سلمان بن عبد العزيز الرئيس اليمني هادي، وكذلك ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد الذي أكد أن الإمارات والرياض تقفان معاً في خندق واحد في مواجهة القوى التي تهدد أمن دول المنطقة، وأنهما تتفقان على مطالبة الأطراف اليمنية المتنازعة بتغليب لغة الحوار والعقل ومصلحة اليمن.
والسبت الماضي كذّب وزير الدولة اليمني لشؤون مجلسي النواب والشورى، محمد الحميري أبوظبي التي زعمت أنها “قلقة إزاء استمرار المواجهات المسلحة التي تجري فى عدن”، داعية إلى “التهدئة وعدم التصعيد”.
وقال الوزير اليمني، في بيان عبر صفحته على “فيسبوك: “الوضع في عدن لم يعد يحتمل الصمت والنفاق، فالشرعية تواجه امكانات دولة بحجم الإمارات وهذا ما قاله لي القادة هناك ابتداء من الأخ نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية إلى أصغر مسئول، ليس هناك اَي تكافؤ في الامكانات رغم صمودهم صمود الجبال، فالسلاح الذي تقاتل به المليشيات المعتدية على الشرعية سلاح الإمارات والمال مالها، والخبراء العسكريين خبرائها، والطيران طيرانها”.
وناشد الرياض باعتبارها قائد التحالف أن تتدخل عاجلاً “لوضع حد للمأساة التي تحدث في عدن على مرأى ومسمع العالم كله والدماء التي تسفك في أعظم يوم طلعت عليه الشمس وهو من أيّام الله الحُرم” ووقف الدماء التي تسفك في هذه الساعة”.
من جانبه أكد نائب وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي في تغريدة على حساب موقع وزارة الخارجية اليمنية على تويتر أن “ما يحصل في العاصمة الموقتة عدن من قبل المجلس الانتقالي هو انقلاب على مؤسسات الدولة الشرعية”، مضيفاً: “لا شرعية بدون الشرعية” في إشارة إلى حكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي.
في هذه الأثناء أصدر حلفاء الإمارات الانفصاليون في “المجلس الانتقالي الجنوبي” في اليمن، بياناً يتضمن رفضاً ضمنياً لدعوات تسليم المواقع والمؤسسات الحكومية التي استولت عليها في المدينة، بما ذلك نسف مزاعم السعودية عن إرسال لجنة استلام لهذه المواقع، فضلاً عن توعده بالتصعيد في مناطق جنوب وشرق اليمن.
وأكد البيان أن خيار الانفصال المتمثل بحدّ وصفه بـ”استعادة دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة”، يمثل خياراً “لا رجعة عنه”. وفي إشارة شبه مباشرة إلى رفضه عودة الشرعية، أو تسليم المواقع والمعسكرات التي تم الاستيلاء عليها، قال المجلس إن “من أبرز الموجهات العامة للمرحلة المقبلة إدارة تداعيات أحداث عدن وتبعاتها بما يعزز تماسك النسيج الاجتماعي الجنوبي، ويعيد الاعتبار لمدينة عدن”.
وشمل البيان نصوصاً توجيهية، أقرب لكونها “برنامجاً حكومياً”، وإعلاناً رسمياً بأنه صاحب القرار والسلطة العليا في المحافظات الجنوبية لليمن، وقال: “نوجه السلطات المحلية في العاصمة عدن، وعموم محافظات الجنوب لتحمل مسؤولياتها الخدمية والمدنية، في تطبيع الأوضاع، وتلبية حاجات ومتطلبات المواطن”.
وأضاف: “نوجه الأجهزة الأمنية والوحدات العسكرية لتحمل مسؤولياتها الوطنية في تأمين وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ الأمن والاستقرار”، وتحدث عن خطته في “محاربة الإرهاب”، بالقول إن “معركتنا مع الإرهاب معركة مفتوحة، تستوجب دعم المجتمع الإقليمي والدولي لقواتنا”.
ولم يقتصر البيان الصادر عن حلفاء أبوظبي على نسف الجهود التي تتحدث عن تسليم في عدن، بل تجاوز ذلك إلى الإعلان أنه سيتوجه إلى وادي حضرموت، الذي لا يزال خاضعاً لقوات الجيش اليمني الموالية للشرعية.
ويأتي البيان الصادر عن “الانتقالي”، الذي يحمل بمجمله رسائل، مفادها أن الوضع في الجنوب لن يعود إلى الوراء، بعد ساعات من إعلان وسائل إعلام سعودية وصول لجنة سعودية إماراتية إلى عدن، لاستلام المقارّ الحكومية والعسكرية التي استولى عليها.
ومن غير الواضح ما إذا كان البيان الصادر عن حلفاء الإمارات، يأتي في إطار تبادل أدوار مع السعودية، أم أنه يعبر عن أزمة حقيقية بين الحليفتين.