أثارت خطبة إمام الحرم المكي الشيخ علي عبد الرحمن السديس، جدلا واسعا، بسبب تلميحاتها للتطبيع السعودي الإسرائيلي، ووجود سوابق زمن النبي محمد للتعامل مع اليهود.
وقال السديس خلال خطبة الجمعة: “إن من التنبيهات المفيدة في الفهم السليم لعقيدة الولاء والبراء، والمعاملات الفردية والعلاقات الدولية” معرجا بعد ذلك على قصص تتعلق بتعامل النبي مع اليهود.
ولفت إلى أن درع النبي كانت مرهونة عند يهودي، وأنه شاطر يهود خيبر الزروع، مشددا على حسن السمع و الطاعة لولي الأمر، وما يقرره ولي الأمر من مصلحة قد لا يفقهها “العوام” حسب تعبيره.
وأكد السديس أن أبرز معالم العقيدة الصحيحة هي “لزوم الجماعة، وحسن السمع للإمام والطاعة”؛ خلافًا لمنهج “الخوارج المارقين والبغاة المقيتين والأحزاب الضالة وجماعات العنف المسلحة والطائفية البغيضة الذين يكفرون الولاة ويخرجون على الأئمة، ويسفكون الدماء، ولا يؤمنون إلا بالتفجير والتدمير” بحد قوله.
يذكر أن السعودية أعلنت، الأربعاء الماضي، موافقتها على طلب الإمارات بالسماح بعبور أجواء المملكة للرحلات الجوية القادمة إليها والمغادرة منها إلى “كافة الدول”، ليشمل ذلك إسرائيل، التي بدأت تدشين رحلات إلى الإمارات قبل أيام على خلفية اتفاق بين البلدين.
ورحب مجلس الأمن القومي الأمريكي بقرار السعودية السماح للرحلات الجوية بين الإمارات وإسرائيل بعبور مجالها الجوي.
وقال المجلس، في بيان نشره على “تويتر”: “ترحب الولايات المتحدة بقرار السعودية السماح للرحلات الجوية بين الإمارات وإسرائيل بعبور أجوائها”.
واعتبر البيان أن ذلك “خطوة أخرى مهمة في تحقيق رؤية الرئيس دونالد ترامب للسلام في المنطقة”.
The U.S. welcomes the Kingdom of Saudi Arabia’s decision to allow flights between the #UAE and #Israel to fly over its territory. This is another important step in the realization of President Trump’s vision. #AbrahamAccords
— NSC 45 Archived (@WHNSC45) September 4, 2020
هذا ويعتقد محلل الشؤون العربية والشرق الأوسط بصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، تسفي برئيل، أن السعودية ورغم فتح أجوائها أمام جميع شركات الطيران العالمية -دون ذكر كلمة إسرائيل- ما زالت حذرة بتطبيع العلاقات وتقديرات الخطوة، بحيث سيعتمد التطبيع الرسمي والعلني على الدعم السياسي الذي ستتلقاه السعودية من الولايات المتحدة.
وبحسب برئيل فإنه وبسبب اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية فإن ترامب “يسعى جاهدا للتلويح بإنجاز سياسي مثير للإعجاب حيث يمكنه أن يوظفه في الحملة الانتخابية، بعد انهيار معظم مبادراته السياسية بما في ذلك صفقة القرن” مشيرا إلى أن مبادرات ترامب المختلفة “تسببت في قلق عميق بين جميع الأطراف”.
وفي سباق مع الزمن، يواصل كوشنر زياراته واتصالاته بالرياض سعيا للإعلان عن تطبيع إسرائيلي سعودي برعاية أميركية على غرار النموذج الإماراتي، إلا أن المقابل الذي ستحظى به المملكة مقابل هذه الخطوة لا يزال غير معلوم.
ومن وجهة نظر و تقديرات المحلل الإسرائيلي ذاته، فإن بن سلمان يواجه عددا من التحديات منذ اغتيال مواطنه الصحفي جمال خاشقجي، قبل نحو عامين، إذ أصبح بن سلمان شخصية غير مرغوب فيها لدى الرأي العام والكونغرس الأميركيين.
وخلال هذه الفترة، يوضح المحلل الإسرائيلي، لم يزر بن سلمان واشنطن، ويمثل مصالحه شقيقه الأمير خالد الذي كان سفيرا لواشنطن حتى عام 2019، ثم عين نائبا لوزير الدفاع ورئيسا لهيئة الصناعة العسكرية.
ولفت المحلل الإسرائيلي إلى أنه لم تنته بعد التحقيقات ضد بن سلمان بشأن اغتيال خاشقجي، في وقت حظر الكونغرس بيع الأسلحة للرياض، وهو قرار أبطله الرئيس.
ويجزم برئيل بأن ولي عهد السعودية في حاجة ماسة إلى إحداث تغيير يعيد له اعتباره ومكانته، بعد أن بدأ صديقه الشخصي ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد ينافسه بنجاحه في تشكيل سياسة جديدة للشرق الأوسط، وكشخصية عربية أقرب إلى ترامب.
وقال المحلل الإسرائيلي “قد يكون السلام مع إسرائيل خطوة رائدة قبالة واشنطن، ولكن مقارنة بالإمارات، فإن وضع السعودية أكثر تعقيدا”.
لكنه يضيف “إن أوراق المساومة التي يملكها بن سلمان محدودة في الوقت الراهن، إذ لا يمكنه التأكد من أن ترامب سيظل رئيسان ويجب أن يأخذ في الاعتبار أن جو بادين قد يكون على الأرجح الرئيس المقبل للولايات المتحدة، علما بأن حكم الحزب الديمقراطي ليس بالضبط حلم بن سلمان”.