هوت أرباح شركة النفط الحكومية (أرامكو) بنسبة 25% في الربع الأول من العام الجاري، متأثرة بتداعيات فيروس “كورونا” وانهيار أسعار النفط عالمياً ما يعزز أزمة اقتصاد المملكة وانهيار رؤية 2030.
وأعلنت (أرامكو) في الإفصاح للبورصة، اليوم الثلاثاء، أن صافي أرباحها تراجع إلى 62.48 مليار ريال (16.64 مليار دولار)، بعد الزكاة والضريبة في الربع المنتهي في 31 مارس/ آذار، مقابل 83.29 مليار ريال قبل عام.
وتقل الأرباح المسجلة كثيراً عن توقعات صناديق استثمار محلية وإقليمية، حيث قدرت المجموعة المالية هيرميس المصرية والراجحي كابيتال السعودية وأرقام كابيتال ومقرها دبي الأرباح بنحو 17.8 مليار دولار في المتوسط.
وقالت (أرامكو) إن النتائج تعكس انخفاض أسعار النفط الخام، وكذلك تراجع هوامش التكرير والكيماويات، وخسائر إعادة تقدير المخزونات.
وانخفضت أسعار النفط الخام 65% في الربع الأول، قبل أن يتفق المنتجون في منظمة أوبك وخارجها فيما يعرف بتحالف “أوبك+” على خفض الإمدادات بمعدل قياسي قدره 9.7 ملايين برميل يومياً بدءاً من مايو/ أيار الجاري للمساعدة في رفع الأسعار وكبح فائض المعروض.
وتدفع شركات الطاقة في المملكة ثمناً باهظاً لانهيار أسعار النفط، فقد أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، عملاق قطاع صناعة البتروكيميائيات بالمملكة، في الرابع من مايو/ أيار الجاري، عن تكبدها خسائر بقيمة 950 مليون ريال في الربع الأول من عام 2020 مقارنة بأرباح بلغت 909 ملايين دولار في نفس الفترة من 2019.
وتأتي خسائر (سابك)، وهي ثاني أكبر شركة مدرجة في سوق الأسهم السعودية بعد (أرامكو)، للربع الثاني على التوالي، حيث تكبدت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي نحو 720 مليون ريال.
كذلك أفصحت شركة بترورابغ، العاملة في تكرير النفط وإنتاج البتروكيماويات، في الخامس من مايو/ أيار عن خسائر حادة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، بقيمة 1.79 مليار ريال، مقارنة بأرباح 257 مليون ريال خلال نفس الفترة من عام 2019.
وجهت المملكة شركة النفط الوطنية (أرامكو) إلى تخفيض إنتاجها من النفط الخام ليونيو/حزيران بقدر طوعي إضافي يبلغ مليون برميل يوميا، فوق التخفيضات التي تعهدت بها المملكة سابقا بموجب اتفاق (أوبك بلس).
وقال مسؤول في وزارة الطاقة بهذا يصل إجمالي خفض الإنتاج الذي ستطبقه المملكة إلى حوالي 4.8 ملايين برميل يوميا من مستوى إنتاج أبريل/نيسان.
وأوضح أنه سيكون إنتاج المملكة ليونيو/حزيران -بعد الخفض المستهدف والطوعي- 7.492 ملايين برميل يوميا.
وجاء هذا القرار بعد ساعات من إعلان وزارة المالية في الممكلة عن إجراءات “مؤلمة” لإنقاذ الموازنة من العجز الكبير. وشملت هذه الإجراءات زيادة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من يوليو/تموز المقبل، ووقف صرف بدل غلاء المعيشة اعتبارا من يونيو/حزيران المقبل.
كما يأتي قرار خفض إنتاج النفط بعد أيام من نشر وكالة “رويترز” تفاصيل مكالمة عاصفة بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، هدد فيها الأخير بقطع الدعم العسكري إذا لم تتوقف المملكة عن إغراق الأسواق، في أعقاب حرب أسعار مع روسيا أشعلتها الرياض وأدت إلى خفض انهيار تاريخي لأسعار الخام مما أضر بصناعة النفط الصخري الأميركي.
ولم تخرج المملكة من دائرة الانكماش، التي تسيطر على الاقتصاد منذ أشهر طويلة، حيث ذكرت مؤسسة “أي اتش اس” ماركت العالمية للأبحاث، في تقرير لها، الثلاثاء الماضي، أن مؤشر مديري المشتريات في المملكة انخفض إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس/ آذار.
ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.
وهوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، في الأول من مايو/ أيار، النظرة المستقبلية للسعودية من “مستقرة” إلى “سلبية”، بسبب المخاطر التي يمكن أن تواجهها المملكة من جراء تذبذب أسعار النفط الناتج من أزمة كورونا، ومن عدم اليقين الناتج من تعامل المملكة للتخفيف من آثار هذه العوامل، من خلال موازنة الديون والإيرادات النفطية.
وتوقعت موديز أن يصل حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 38% لعام 2020، ليقفز إلى 45 في المائة بعدها في المدى المتوسط.