أثارت الأحكام النهائية الصادرة عن النيابة العامة السعودية انتقادات وردود فعل دولية غاضبة من الأحكام المخففة بحق قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده بمدينة إسطنبول بـ2 أكتوبر 2018م.
وقال مدير الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون إن حكم المحكمة السعودية في قضية خاشقجي لم يحقق توقعات تركيا، وحث السلطات السعودية على التعاون مع تحقيق تجريه أنقرة.
وأضاف ألتون في تغريدة على تويتر “ما زلنا لا نعرف ما حدث لجثة خاشقجي، من أراد قتله أو ما إذا كان هناك متعاونون محليون، مما يلقي بظلال من الشك على مصداقية الإجراءات القانونية في السعودية”.
واعتبرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء، أنييس كالامار الأحكام الصادرة عن المحكمة الجزائية السعودية بأنها “لا تتصف بأي مشروعية قانونية وأخلاقية”.
وانتقدت كالامار عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي قرارات السجن الصادرة في القضية، وقالت “لقد أكملوا محاكمة ليست عادلة أو منصفة أو شفافة”.
ووصفت المحاكمة بأنها “محاكاة هزلية للعدالة”، مشيرة إلى أن المسؤولين السعوديين الذين خططوا للجريمة وتبنوها بقوا أحرارا دون أي تأثر بالتحقيقات أو المحاكمات.
ودعت المسؤولة الأممية إلى عدم السماح بتبرئة المتورطين بجريمة قتل خاشقجي عبر تلك الأحكام، مشددة على أنه لا ينبغي لتلك القرارات أن تخفف الضغط على الحكومات من أجل ضمان الكشف عن المجرمين الحقيقيين.
بدورها، وصفت خديجة جنكيز زوجة خاشقجي الأحكام النهائية التي أصدرها القضاء السعودي بأنها “مهزلة”، متهمة الرياض بإغلاق الملف من دون كشف هويات المخططين الفعليين للجريمة.
وكتبت جنكيز عبر تويتر أن “المجتمع الدولي لن يرضى بهذه المهزلة. لقد أغلقت السلطات السعودية هذا الملف من دون أن يعرف العالم حقيقة المسؤول عن قتل جمال”.
وتساءلت “من خطط للجريمة؟ من أمر بها؟ أين الجثة؟ هذه أهم الأسئلة التي تبقى من دون أجوبة”.
وأعلنت النيابة العامة في نظام آل سعود، أمس، صدور أحكام نهائية بحق المتهمين بقتل الصحفي خاشقجي، وإغلاق القضية بشقيها العام والخاص بعد التراجع عن الإعدامات.
وقالت النيابة في بيان صحفي إنه تم صدور أحكام قطعية بحق 8 مدانين في قضية مقتل خاشقجي، منوهةً إلى أن “الحق الخاص بقضية خاشقجي انتهى بالتنازل الشرعي لذوي القتيل”.
وحكمت النيابة بالسجن 20 عاماً على 5 مدانين بقضية خاشقجي، في وقت حكمت بالسجن على 3 مدانين بين 7 و 10 سنوات.
وشددت على أن الأحكام في قضية خاشقجي نهائية وواجبة النفاذ، والقضية أغلقت بشقيها العام والخاص. وتعدّ هذه الأحكام تراجعًا عن أحكام سابقة قضت بالإعدامات بحق خمسة من المتهمين.
وجاءت الأحكام النهائية بعدما أعلن أبناء خاشقجي الذي قتل بأيدي سعوديين في قنصلية بلاده في اسطنبول في 2018، “العفو” عن قتلة والدهم في أيار/مايو الماضي، في خطوة سمحت للمتهمين بالإفلات من عقوبة الإعدام.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2019، قضت محكمة في السعودية بإعدام 5 أشخاص، وسجن آخرين في قضية خاشقجي.
وقال النائب العام السعودي حينها، إن “القتل كان نتيجة عملية مارقة”، وإن “11 شخصا (لم يفصح عن أسمائهم) يحاكمون في القضية”.
ودارت الشبهات حول مقرّبين من ولي العهد محمد بن سلمان، وتنفيذهم بشكل مباشر عملية الاغتيال التي وقعت داخل القنصلية السعودية في اسطنبول، وصدمت العالم في وحشيتها.
غير أن سلطات آل سعود لم توجه أي تهمة إلى سعود القحطاني، المستشار السابق في الديوان الملكي، بعد التحقيق معه “بسبب قلة الأدلة”.
فيما أطلقت سراح أحمد العسيري، نائب رئيس الاستخبارات العامة، لـ”قلة الأدلة” أيضًا. كما برأت القنصل السعودي في اسطنبول محمد العتيبي.
وجاءت تلك الأحكام السعودية حينها على الرغم من صدور تحقيق دولي قادته المحققة الأممية أنيس كالامار، وخلص إلى أنّ عملية الاغتيال جرت بـ”أوامر عليا”.
واختفى خاشقجي (59 عاماً)، عقب دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول بتركيا، في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، للحصول على وثائق لزواجه، لكن تبين لاحقا أنه تم قتله وتقطيع جثته الأمر الذي أنكرته السعودية في البداية.
وبعد 18 يوماً من اختفائه، وعقب حملة استنكار عالمية واسعة، أقرّت الرياض بمقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول إثر “شجار” مع مسؤولين سعوديين، وقالت إنّها أوقفت 18 شخصاً سعودياً على خلفية الواقعة، بينما لم توضح مكان جثمانه.