طالبت أنييس كالامار المُقرّرة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء في المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بتدويل التحقيق في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
ووصفت كالامار في مقابلة تلفزيونية، الأحكام التي أعلنتها النيابة العامة في نظام آل سعود في قضية قتل خاشقجي بأنها “مخيبة للآمال ولم يتم تحقيق العدالة”.
وقالت “على العكس فإن ما جرى هو سخرية من العدالة وحالة تمويه للحقائق وتظاهر مزيف بالعدالة”.
وأضافت “حقيقة أن سلسلة صدور الأمر بالقتل ومسئولية الدولة تعني أن النظام الذي سهل قتل خاشقجي لم يتم المساس به ولذلك لدينا حالة إفلات من العقاب”.
وأكدت كالامار أن جريمة قتل خاشقجي تتطابق مع معايير الجريمة الدولية وأنها تآمل أن المحاكم في أوروبا أو في أمريكا اللاتينية أو أي محكمة في العالم من ذوات الاختصاص بالقضاء الدولي ستواصل التحقيق في جريمة القتل وتنقل المحاكمة لها.
وبعد نحو عام من جلسات غير علنية وعدم إعلان أسماء المتهمين، أعلنت النيابة العامة في نظام آل سعود يوم الاثنين الماضي عدم توجيه تهم لسعود القحطاني، وهو مستشار لولي العهد، بجانب تبرئة أحمد عسيري، النائب السابق لرئيس الاستخبارات السعودية، ومحمد العتيبي، القنصل السعودي السابق بمدينة إسطنبول التركية حين ارتكاب الجريمة.
وهذه الأحكام حفزت حقوقيين عربيين ومنظمة دولية وأسرة حقوقية سعودية محتجزة على العودة إلى خيار أهمية إجراء محاكمة خارج المملكة بالتزامن مع انتقاد أممي ودولي لتلك الأحكام.
وفي 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، اختفى خاشقجي (59 عامًا) عقب دخوله قنصلية بلده في إسطنبول، وبعد 18 يومًا من الإنكار، أعلنت الرياض مقتله، إثر ما قالت إنه “شجار” مع سعوديين.
وبعد نحو ثلاثة أشهر بدأت محاكمة المتهمين غير المعروفين إعلاميًا، دون الكشف عن مكان الجثة حتى الآن، ومع رفض لتدويل القضية.
ويؤكدون حقوقيون أن قضية خاشقجي جريمة قتل عمد ولها طابع دولي عابر للحدود، وتنازل العائلة أو تصالحها وحصولها على تعويض مادي ليس له أي أثر على الدعوى الجنائية.
وأصبحت قضية خاشقجي قيد التدويل بالفعل في ظل وجود لجنة تحقيق دولية خلصت إلى نتائج وعندما يكون هناك تدويل للمحاكمة والسير بإجراءات صادقة لإنشاء محكمة، فإن هذا يعني ضغوطًا وعقوبات على نظام آل سعود لتسليم المتهمين.
ويرى الحقوقيون أن المحاكمة في المملكة شابها بطلان مطلق نظرًا لسريتها وعدم شفافيتها، وجاءت الأحكام غير منطقية نتيجة للتلاعب بسير المحاكمة ما يتطلب ضغط دوليا من باب عدم الاعتراف بهذه المحاكمة وعدم معقوليتها وتشكيل محكمة دولية.
وفيما يلي رصد لأبرز المواقف بشأن خيار تدويل قضية خاشقجي:
-23 ديسمبر/ كانون الأول 2019.. تبرئة الكبار
أصدرت محكمة تابعة لنظام آل سعود أحكامًا أولية بإعدام 5 أشخاص (لم تسمهم) بين 11 مدانًا، وتبرئة القحطاني وعسيري والعتيبي.
وثمة اتهامات لولي العهد محمد بن سلمان بأنه من أصدر الأمر باغتيال خاشقجي، وهو ما تنفيه الرياض.
وصفت الخارجية التركية الحكم السعودي بأنه “بعيد عن تلبية تطلعات أنقرة والمجتمع الدولي”، ويعبر عن “قصور أساسي في تجلّي العدالة ومبدأ المساءلة”.
وجددت الإعراب عن تطلع تركيا إلى تعاون قضائي مع السلطات السعودية في جريمة اغتيال خاشقجي.
– 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2019.. تقصير سعودي
مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، قال داخل الكونغرس، إنه تم إبلاغ السعوديين بأن هناك تقصيرًا في العملية القضائية لمحاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي.
– 30 سبتمبر/أيلول 2019.. محاكمة وطنية ودولية
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مقال كتبه لصحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، إن السعي إلى عدم بقاء الجناة من دون عقاب هو “دَين علينا لعائلة جمال خاشقجي”.
وتابع: “نؤمن بأن العدالة لن تتحقق إلّا على يد المحاكمة الوطنية والدولية”.
– 21 يونيو/ حزيران 2019.. مطالبة بتحقيق أمريكي
حمل تقرير أممي أعدته أغنيس كالامارد، المسؤولية الأولية عن اغتيال خاشقجي لمحمد بن سلمان.
ودعا التقرير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي إلى البدء بتحقيقه الخاص بشأن الجريمة.
وانتقدت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان السعودية (شبه رسمية) هذا التقرير، معتبرة أنه “غير محايد وفاقد للمصداقية”.
– 14 يونيو/ حزيران 2019.. مشكلة دولية
قال وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن “جريمة قتل خاشقجي مشكلة دولية”.
– 14 مارس/آذار 2019.. مذكرات توقيف
أعلنت وزارة العدل التركية أن المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) أصدرت “نشرات حمراء” لاعتقال وتسليم 20 شخصًا مطلوبين للاشتباه بهم في قضية خاشقجي، في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، و21 ديسمبر/ كانون الأول 2018، و1 مارس/ آذار 2019.
-3 مارس/آذار 2019.. انتقاد أمريكي
قال التقرير الأمريكي لحقوق الإنسان في العالم لعام 2018 إن الحكومة السعودية لم تقدم شرحًا مفصلًا لاتجاه التحقيق بشأن مقتل خاشقجي.
– 25 يناير/ كانون الثاني 2019.. فريق مستقل
أعلن مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في بيان، أن فريقًا مستقلًا سيزور تركيا للوقوف على “طبيعة ومدى المسؤوليات الواقعة على دول وأفراد فيما يتعلق بقتل خاشقجي”.
– 21 يناير/كانون الثاني 2019.. تحقيق دولي
قال تشاووش أوغلو إن تركيا أنهت استعدادها من أجل تحقيق دولي، وستقدم على هذه الخطوة خلال الأيام المقبلة.
– 4 يناير/ كانون الثاني.. مطالبة بتحقيق دولي
طالب مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في بيان، بـ”إجراء تحقيق مستقل بمشاركة دولية”.
– 25 ديسمبر/ كانون الأول 2018.. 3 مسارات
تطرق تقرير بعنوان “تدويل قضية مقتل خاشقجي: الاحتمالات والآفاق”، نشره مركز الجزيرة للدراسات (غير حكومي)، إلى احتمالات المواجهة القضائية الدولية.
وناقش التقرير 5 خيارات: هي نظر المحكمة الجنائية الدولية، أو إنشاء محكمة خاصة كمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان، رفيق الحريري عام 2005، أو تشكيل فريق تحقيق دولي محايد، أو المحاكمة في دولة ثالثة، أو احتجاج تركيا بمسؤولية الدولة السعودية وليس الأفراد.
وخلص التقرير إلى أن المقترح الأول غير واقعي لأن المحكمة الجنائية مسؤولة عن جرائم الحرب والإبادة، وليس من اختصاصها القتل الجنائي، والخيارات الثانية والثالثة والرابعة ستكون صعبة لغياب الموافقة السعودية.
أما الخيار الخامس فلم يتم من جانب أنقرة، خاصة وأنه يتطلب اعتذارًا من السعودية، وترضية للجانب التركي، الذي انتهكت الرياض سيادته.
ورأى التقرير أن الضغوط الدولية الجدية ستكون سببًا في تدويل القضية، مستدركا “لكن هناك غياب للضغوط الدولية الجدية”.
– 3 ديسمبر/ كانون الأول 2018.. تأييد فرنسي للتدويل
أعلنت الخارجية الفرنسية، في بيان، عن تأييدها “منح قضية خاشقجي بُعدا دوليا”.
-5 ديسمبر/ كانون الأول 2018.. تمسك بالتدويل
قال تشاووش أوغلو: “لن نتردد في اللجوء إلى التحقيق الدولي إذا حصل انسداد في مسار قضية خاشقجي”.
وأعلنت المفوضة الأممية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، أنه يجب إجراء تحقيق دولي لتحديد المسؤول عن الجريمة.
– 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.. عقوبات كندية أمريكية
أعلنت الخارجية الكندية فرض عقوبات على 17 مواطنًا سعوديًا لارتباطهم بالجريمة.
وقبلها بنحو أسبوعين أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على 17 سعوديًا، بينهم القحطاني والعتيبي.
– 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.. خرق للقانون الدولي
قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إن اغتيال خاشقجي “خرق لأعراف القانون الدولى”.
– 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2018.. الأسرة تطالب بالتدويل
دعا عبد الله، نجل خاشقجي، في أول بيان له عبر حسابه بـ”تويتر”، إلى “تشكيل عاجل للجنة مستقلة وحيادية ذات طبيعة دولية لتقصي الحقائق حول ملابسات اختفائه والأنباء المتضاربة عن مقتله”.
لكن عقب صدور الأحكام، الإثنين، اعتبر عبد الله وشقيقه صلاح، في بيان، أن قضاء المملكة أنصف والدهما، وسط معلومات متواترة عن ضغوط هائلة مارسها النظام على العائلة.