ألقت سياسات ولى العهد محمد بن سلمان القمعية والوحشية بحق أفراد عائلته، بظلالها السلبية على أمراء العائلة الحاكمة الذين يعملون حاليا على تهريب ثرواتهم خارج المملكة.
ومنذ حملة الاعتقالات الشهيرة فندق “ريتز-كارلتون” بالرياض 2017م، واستيلاء ولى العهد على ثروات مئات الأمراء ورجال الأعمال مقابل حريتهم وإخلاء سبيلهم، ثم اعتقال كبار العائلة وأمراءها في سجون سرية.
ويعتقل بن سلمان 13 أميرا من العائلة المالكة في سجون وأماكن سرية، ويمنعهم من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم.
كما ألقت سياسة الاغتيالات الصامتة بحق أفراد العائلة، والمضايقات خارج المملكة، بانعكاساتها السلبية والقاتمة على مستقبل العائلة التي يسعى بن سلمان (35 عاما) أن يصبح حاكما جديدا للملكة بعد رحيل والده.
ومنذ مكوث الملك سلمان بن عبد العزيز، يوليو الماضي، على سرير المرض وتراجع حالته الصحية، يحاول بن سلمان السباق مع الزمن بإجراءات حاكمة وقرارات داخل الديوان الملكي، وشن حملة اعتقالات جديدة بزعم تهم الفساد، وذلك في محاولة لتثبت حكمه كخليفة لوالده.
وإزاء التوقعات والظروف المتلاحقة في المملكة، سارع مئات الأمراء من العائلة المالكة إلى تهريب ثرواتهم المالية خارج المملكة.
وقال مصدر مصرفي لـ”ويكليكس السعودية” هناك حراك جدى ومتسارع من قبل أفراد العائلة الذين يستحوذون على حصص كبيرة في البنوك والشركات العملاقة داخل المملكة إزاء تدهور الأوضاع الداخلية.
وأضاف المصدر السعودي أن هذه التحركات نابعة من خشية أمراء العائلة من حملة اعتقالات ثانية على غرار فندق “ريتز-كارلتون”، وكذلك خشية تدهور الأوضاع في المملكة خلال الفترة القريبة.
وأشار المصدر المصرفي إلى تعاقد الأمراء مع شركات محاماة وشركات استثمارات أجنبية في سبيل تخليص ملايين الدولارات من داخل المملكة وتهريبها خارجها.
ولا تزال تفاصيل أشهر حملة اعتقالات في المملكة ونفذها ولى العهد محمد بن سلمان، في 4 سبتمبر/ أيلول 2017م، تحت ذرائع تهم الفساد، غامضة حتى اللحظة، لكن موظفا في أحد البنوك العاملة في المملكة وهاجر من بلاده مؤخرا إلى كندا، كشف عن معلومات مثيرة جدا.
فحملة الاعتقالات الشهيرة طالت أكثر من 381 شخصية من كبار العائلة المالكة والشخصيات الاقتصادية الشهيرة في المملكة، وأوقف المتهمون في فندق ريتز كارلتون بالعاصمة السعودية الرياض، الذي تم إخلاء جميع النزلاء منه وإيقاف خدمات الحجز وقطع جميع خطوط الاتصال الهاتفي به.
ولأول مرة، كشف الموظف السابق في البنك السعودي الفرنسي، سعيد الزهراني، معلومات جديدة وتفاصيل مثيرة عن حملة “مكافحة الفساد” التي شنها ولي العهد آنذاك.
وأكد الزهراني أن المبالغ التي تمت مصادرتها من الأمراء ورجال الأعمال المحتجزين في فندق ريتز كارلتون آنذاك، والتي أعلنت الرياض عن تجاوزها حاجز الـ400 مليار ريال، تم نقلها من البنوك إلى مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي للسعودية)، إلا أنها لم تظهر لاحقا في ميزانيات الأعوام اللاحقة، وهو ما يثير شكوكا حول مصيرها.
وذكر الزهراني – الذي كان يعمل في وحدة تحليل الرقابة النظامية – أن عمل هذه الوحدة اختلف كليا بتأسيس جهاز أمن الدولة عام 2015 (جهاز أمني يتبع لولى العهد) والذي بات يرسل أوامر مباشرة لهم، ويتحكم في تجميد حسابات معارضين بشكل تعسفي.
ورأي أن البنك السعودي الفرنسي يأتي بالمرتبة السابعة أو الثامنة من حيث ترتيب البنوك الأكثر نشاطا في المملكة، وقال إن أرصدة الأمراء ورجال الأعمال في بنوك “الراجحي” و”الأهلي” وغيرها أضعاف الموجودة في هذا البنك.
وتحدث الزهراني – الذي عمل في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في الفترة (2011- 2018) – عن الليلة التي شنّت بها عناصر جهاز أمن الدولة بأوامر ابن سلمان حملة اعتقالات على الأمراء ورجال الأعمال، والزج بهم في فندق الريتز.
وقال: إن إدارة البنك أبلغتهم باكرا بأن شيئا ما سيحدث، ويجب عليهم البقاء بعد انتهاء دوامهم الرسمي، لافتا إلى أنه بقي تلك الليلة لصباح اليوم التالي، وبساعات عمل متواصلة (24 ساعة).
وأفاد الموظف المهاجر من المملكة إلى كندا بأن آلية العمل كانت بتخصيص السلطات الأمنية مجموعة عبر “واتساب” مع مدراء كافة البنوك في المملكة، يتم من خلالها إرسال الأسماء المستهدفة، ليقوم كل مدير بتعميمها على موظفيه وتجميدها مباشرة، وذلك نظرا لأن جل هذه الأسماء تمتلك حسابات في أكثر من بنك.
وأضاف أن المدة التي منحتها “أمن الدولة” لكل بنك، هي 30 دقيقة فقط من بداية إرسال الاسم إلى تجميده، وعند حدوث أي تأخير سيتم محاسبة الموظف المسؤول، وربما اتهامه بالتواطؤ مع الأمير أو رجل الأعمال المستهدف.
وتابع الزهراني أنه لم يشعر بالخوف عند تجميد الحسابات، باستثناء حساب واحد هو الأميرة سارة بنت محمد بن نايف، نظرا لشكوكه بإمكانية أن يكون وزير الداخلية وولي العهد السابق له نفوذ قد يتمكن من خلالها من معرفة ومحاسبة من جمّد حساباته وحسابات أبنائه.
ومن الأسماء التي وقعت تحت ناظري الزهراني عند تجميد حساباتها: أسرة الملك عبد الله بالكامل (زوجاته وأبناؤه)، صالح كامل، إبراهيم العساف، منصور البلوي.
وذكر الموظف السابق أنه بعد ذلك بنحو شهرين، بدأت الأوامر تصلهم برفع الحظر عن الحسابات تباعا، وذلك بحسب التسويات التي عقدت مع السلطات.
وتحفظ بن سلمان على أموال الشخصيات المعتقلة آنذاك، ووضع طائراتهم الخاصة تحت الحراسة لمنع هروبهم كما تم تشديد المراقبة على المطارات لمنع هروب أي شخص لا يزال تحت التحقيق.
وفي يناير 2019 وافق الملك سلمان بن عبد العزيز على طلب ولي العهد إنهاء أعمال لجنة مكافحة الفساد بعد استكمال دراسة كافة ملفات المتهمين ومواجهتهم بما نسب إليهم.
وتضمن التقرير المقدم من اللجنة للملك سلمان، استدعاء 381 شخصاً، وإجراء التسوية مع 87 منهم وإحالة 56 إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق إضافةً إلى 8 أشخاص لم يقبلوا بالتسوية وأُحيلوا إلى النيابة العامة. وأعلنت المملكة آنذاك استعادة 400 مليار ريال لخزينتها تتمثل في عدة أصول.
وكشف الزهراني عن قائمة بمعتقلي الرأي الحاليين داخل سجون المملكة، تم إرسالها من قبل جهاز أمن الدولة لإدارة البنك، بضرورة تجميد حساباتهم.
وذكر الزهراني أن المعتقلون الذين جمدت حساباتهم المالية هم: حسن المالكي، مساعد الكثيري، سامي الثبيتي، صنهات العتيبي، محمد المنجد، علي بادحدح، غرم البيشي، يوسف الأحمد، وجميعهم معتقلون حاليا.
وأشار إلى أن جهاز أمن الدولة خاطب البنك السعودي الفرنسي عدة مرات بشأن إرسال كشوفات حساب لجين الهذلول قبل اعتقالها، مؤكدا أن حسابها لم يكن فيه سوى بضعة آلاف، وحوالات متبادلة مع زوجها فقط.
وكشف الزهراني النقاب عن علاقة مدير البنك السعودي الفرنسي الوطيدة بأبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووصلت إلى حد فتح فرع للبنك في أحد قصور العاهل الراحل.
واستطرد أن الأمير تركي بن عبد الله -معتقل حاليا- كان من أبرز عملاء البنك، إضافة إلى وجود حسابات لديه غير مسجلة باسمه علنا، ويكون رقم الحساب على سبيل المثال (1111) ورقم الهوية (1111).
وأظهر جانبا من الملفات الموثقة لدية بأرصدة زوجات العاهل عبد الله (تاضي الجربا، حصة الشعلان) وأبنائه فيصل وتركي وريما والهنوف، وآخرين.
وامتلكت أسرة العاهل الراحل أرصدة في البنك الفرنسي فقط بنحو 8 مليارات ريال (2.2 مليار دولار) بحسب الموظف الزهراني.