ينفق نظام آل سعود نحو ثلث الموازنة العامة للمملكة على شراء السلاح لكنهم عاجزون عن هزيمة ميليشيا مسلحة تستنزف موارد المملكة وتُخترق حدودها.
وعد محمد بن سلمان بإنهاء حرب اليمن بعد وقت قصير، ولكنّ وبعد 4 سنوات من الحرب، تستهدف جماعة الحوثيين اليمنية منشآت المملكة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وتهاجم داخل أرضها برا في نجران وعسير وجازان، وفوق كل ذالك تخسر 200 مليون دولار يومياً بسبب تكاليف الحرب.
حول آل سعود المملكة إلى دولة لا تربح المعارك وظلّت حبيسة الحماية الأمريكية منذ عام 1945 وحتى اليوم.
وتظهر معطيات دولية بأن واحد من كل سبعة دولارات تنفق على شراء السلاح في العالم هو دولار سعودي.
تعد المملكة أكبر الدّول شراء للسلاح في العالم كماً ونوعاً. وقد بدأت الرحلة الطّويلة منذ عام 1974 مع سلاح أمريكي” 44.5 مليار دولار” رافقة فيما بعد سلاح بريطاني (بداية سلسة صفقات اليمامة) 56 مليار دولار، جاء عبر ما يُعرف بصفقة اليمامة التي تعد أكبر صفقات التسليح الفاسدة في تاريخ بريطانيا.
والصفقة أسلحة اليمامة بين بريطانيا والسعودية ينظر إليها أنها صفقة أكبر العمولات في تاريخ تجارة الأسلحة البريطانية، إنها صفقة تتعلق بالأساس بعدد محدود من الطائرات المقاتلة هي 72 طائرة، إذا أنت بصدد وحدات قليلة العدد بقيمة هائلة قرار الشراء أحيط بسرية بالغة لأنه يتعلق بالأمن القومي.
ومعدل الشراء السعودي أخذ ينمو بشكل تصاعدي طيلة فترة الثمانينات والتسعينات خلال ما يعرف بسباق التسلّح في الخليج الذي أعقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ثم غزو العراق للكويت عام 1990.
صفقات آل سعود في ميزان الاقتصاد:
شكّلت صفقات السلاح عبئا ثقيلاً على الموازنة السعودية منذ منتصف الثمانينات فبينما كانت أسعار النفط تتهاوى واصلت المملكة إنفاقا “مهولاً” بلغ 18% من الناتج المحلي الإجمالي مابين عامي 1987 و 1997، عجز مالي يقابله إنفاق عسكري ضخم معادلة لا تقتصر على الماضي القريب فحسب فمنذ عام 2014 وحتى اليوم.. تسجل السعودية عجزاً سنوياً في موازنتها.. عجز لم يقابله أي تخفيض بموازنة الدفاع قط.. بل على العكس تماما!
صفقات بالمليارات ومن كلّ مكان “من أميركا وبريطانيا وكندا وإيطاليا وروسيا وحتى الصين، ومن فرنسا والسويد وبلجيكا والنرويج وتركيا وسويسرا وإسبانيا وألمانيا وصربيا وجنوب أفريقيا واليونان وجوجيا”.
أموال طائلة دفعتها المملكة كيلة عقود لقاء أسلحة متطورة جداً لتشكّل بمجوعها ترسانة المملكة الأكثر فتكاً من السلاح.
تمتلك المملكة أحدث الطائرات في العالم من التايفون البريطانية وحتى F15 الأمريكية، ولديها أقوى الدبابات والمدرعات بترسانة ضخمة جداً وفي مياهها عدد من السفن والفرقاطات ولديها أكثر القنابل تدميراً، وعلى اراضيها تجد منظومة الدفاع الجوي المتطورة “باتريوت” وتستعد لاستيراد منظومة ثاد الأميركية الأكثر تقدماً، مسألة ضخمة قد تقودك لاعتقاد بأنّ المملكة تمتلك أقوى جيوش العالم!.
لكنها في الواقع تتربع في المرتبة 26 عالمياً وتسبقها إيران بـ 13 مرتبة، قد لا تكون الأرقام النظرية صادقة كفاية لذلك يمكن فحص ما فعله آل سعود عند الدخول بالحرب الحقيقية.
إذ أن عاصفة الحزم التي أطلقها تحالف آل سعود للحرب على اليمن، وهي معركة قلّل وزير الدفاع آنذاك محمد بن سلمان من أهميتها مثّلت أول امتحان حقيقي لقوة آل سعود.
عند إطلاقها صرح بن سلمان : “نستطيع أن نجتث الحوثي وصالح في أيام قليلة”. إلا أن أكثر من أربعة أعوام مضت من الحرب لم تحسم المعركة والمملكة لم تحقق أيا من اهدافها في حرب اليمن.
يقول ديفيد دي روش الخبير الدولي في شؤون التسليح “إذا نظرنا إلى أهداف السعودية من الحرب في اليمن حماية الحدود الجنوبية وتحصين السعودية من الهجمات وإعادة حكومة هادي وتقليص النفوذ الإيراني فمل هذه الأربعة يمكنني القول أن السعودية لا تنزال بمثل بعدها عن تحقيقها عند بداية الحرب إن لم تكن أبعد!”.
وقد تكبدت المملكة خسائر جسيمة في حربها على اليمن منها: 2400 جندي، 60 ضابطاً، 650 دبابة، لصدّ صاروخ باليستي واحد تحتاج المملكة 3 صواريخ باتريوت تكلفة الصاروخ الواحد 3 ملايين دولار.
وعدد الصواريخ التي وجّهها الحوثيون يقدّر حتى عام 2018 “100 على الأقل” ما يعني ان المملكة أنفقت 700 مليون دولار فقط على صدّ الصواريخ الباليستية، وبالرغم من ذلك العديد من هذه الصواريخ لم يتم اعتراضها.
ينفق آل سعود 72 مليار دولار سنوياً على حرب اليمن ما تسبب في انخفاض احتياطي المملكة من النّقد الأجنبي إلى 487 ملياراً عام 2017 بعد أن كان 737 ملياراً في عام 2014.
خسائر بالمليارات دفعت المملكة للاقتراض من المؤسسات النّقدية وستدفع المملكة لرفع الأسعار وفرض الضرائب على الوافدين وستعني بالمحصّلة أنّ صرف ثلث الناتج المحلي الإجمالي للمملكة على السلاح لم يحقّق أنتصاراا للمملكة، وظل التقدّم الأبرز طيلة السنوات الأربع منحصراً في شئ واحد صفقات السلاح المليارية.
كما أن معادلة العجز الاقتصادي وزيادة الإنفاق الدفاعي ستستمر، بلغ إنفاق السعودية شراء الأسلحة 90 مليار دولار منذ انطلاق عاصفة الحزم، رقم كبير قابله عجز أكبر في الموازنة العامة بلغ 98 مليار دولار، وبالنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي تعد السعودية ثاني أكبر بلد في الإنفاق العسكري بنسبة تصل إلى 10,3%.
إنفاق بلغ حتى نهاية عام 2017 حوالي 224 مليار ريال، ووصل حدّ 210 مليار ريال عام 2018 في أرقام طائلة أنفقت على سلاح غربي تشتريه دولة عربية لتستخدمه في دولة عربية أخرى!
يقول أندرو سميث “عضو حملة مناهضة تجارة الأسلحة” الدولية: إذا كان النظام السعودي لا يمكن الوثوق به في مجرد عدم استخدام القنابل العنقودية، فكيف يمكن الوثوق به لتقييم نفسه فيما يتعلق بجرائم الحرب، لقد كان هذا مؤشر آحر على دناءة وفظاعة حملات القصف المروعة هذه وخقيقة أن المدنيين هم من يدفع الثمن.
وليس اليمنيون من يعاني فحسب، فالسعوديون يشهدوم معاناة من نوع آخر، فبحسب موقع فوربس الشهير سخّرت السعودية ولأول مرة الجزء الأكبر من مخصّصاتها للإنفاق العسكري على حساب قطاعات حيوية آخرى مثل التعليم والصحة عام 2018.
يقول يحيى العسيري وهو ناشط حقوقي سعودي “في داخل المملكة لدينا إشكال في قطاع الصحة وإشكال كبير جداً..كثير من المرضى يتجه إلى المستشفى يعاني ربما حتى يفقد حياته بسبب عدم توفر سرير! ، وفي هذه الأيام الفقر في السعودية تجاوز ال23% أي أننا نقارب ربع سكان بلد غني جداً يعيشون تحت خط الفقر”.
وعلى إثر تردي أوضاع حقوق الإنسان في المملكة واستمرار حربها في اليمن، أعلنت العديد من الدول إيقاف مبيعات السلاح للمملكة وكانت السويد اول هذه الدول منذ عام 2015 تلتها ألمانيا ثم بلجيكا والنرويج عام 2018.
لكن ذلك لا يشكل فرق كبيراً في المعادلة فمعركة اليمن مستمرة وسوق المبيعات ينمو، عرض وطلب هكذا يراها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ودول كثيرة في سوق أسود يدر المليارات في جيوب المصنّعين ويفاقم العالم العجز في خزائن المشترين ولا يحمل محمل معه سوى الدمــار.