نظام آل سعود ونهج التنكيل بالمدافعين عن حقوق الإنسان

في انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، عمد نظام آل سعود إلى زيادة الحكم التعسفي بالسجن ضد المدافع عن حقوق الإنسان الشيخ الحبيب وهو ما اعتبرته منظمة حقوقية دليلا على سياسات تنكيل النظام بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

 

وقالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إنه في 25 آب/أغسطس 2019 أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، حكما قضائيا أوليًا جديدًا بحق رجل الدين الشيخ محمد حسن الحبيب، في محاكمة ثانية أقيمت له، يقضى بسجنه 5 سنوات ومنعه من السفر خارج البلاد مدة مماثلة. ويبدأ سريان هذا الحكم الثاني، بعد إنتهاء مدة الحكم الأول والذي كان سبع سنوات.

 

الحكم الجديد، استند إلى عدة تهم: “إلقاء الخطب والسفر إلى خارج البلاد مع علمه بكونه ممنوع من السفر وأن لديه موعد لدى المحكمة، وتأييد أحد الإرهابيين ممن نفذ فيهم حكم قضائي بالقتل ووصفه بالشهيد”، في إشارة إلى الشيخ نمر النمر الذي أعدمته الحكومة السعودية في يناير 2016.

 

واعتبرت المنظمة الحقوقية أن الحكم الجديد الذي يجعل من سنوات سجن الشيخ الحبيب 12 عاما، يؤكد إصرار السعودية على سياسات التنكيل بالمدافعين عن حقوق الإنسان، والاستمرار بالعمل على إطالة أمد حجب الأصوات التي تطرح وجهات نظر مختلفة عن التوجه الحكومي الرسمي. وقد استند الحكم بمعظمه إلى رأي ووجهة نظر القاضي، الغير مستقل، إذ أنه حكم “تعزيري”، غير خاضع لقوانين محددة.

 

ويستند القضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة إلى منهج متطرف ومتشدد في النظر للقضايا وإصدار الأحكام، وقد أشارت المنظمة إلى هذا النهج في تقرير: (“ليست من أعمال المسلمين” منهج متطرف يستخدمه قضاة السعودية لتبرير إعدام وقمع المعارضين).

 

إن الأحكام الصادرة ضد الشيخ الحبيب تبين إصرار الحكومة السعودية على تجاهل الآراء الدولية والانتقادات القانونية لممارساتها.

 

فقد اعتبر الخبير في القانون الدولي والشريعة البروفيسور محمد فاضل، أن الحكم الصادر على الشيخ محمد حسن الحبيب فشل في احترام مبادئ القانون الدولي والشريعة.

 

والخبير الدولي أصدر رأيه بعد مراجعة أحكام المحكمة الجزائية المتخصصة بالإرهاب، بناء على طلب نقابة المحامين الأميركيين، حيث عملت النقابة على تتبع بعض قضايا حقوق الإنسان في السعودية، وتحليلها بمنهج قانوني، وحث الحكومة على الالتزام بتعهداتها.

 

التحليل القانوني أكد انطواء التاريخ الإجرائي لمحاكمة الشيخ الحبيب على عدد من الانتهاكات. وأوضح فاضل أنه فيما اعتبر الادعاء العام أن خطابات الحبيب مثيرة للفتنة والتحريض، فإن مراجعتها أكدت أنها شملت الدعوة إلى الوحدة الوطنية ورفض الفتنة الطائفية والتأكيد على أهمية مواجهة الإرهاب.

 

فاضل، وهو أستاذ مشترك في كلية الحقوق بجامعة تورنتو، أشار إلى أنه بعد صدور الحكم الأولي بالبراءة وعلى الرغم من عدم تقديم أي أدلة جديدة، أدين الحبيب بعد الإستئناف في المحاكمة الأولى، وحكم بالسجن 7 سنوات. وقد طالب الخبير الدولي مقابلة السلطات القضائية السعودية إلا أنه لم يتلقى إستجابة.

 

الخبير الدولي طالب محكمة الاستئناف بإلغاء قرارها وإعلان براءة الشيخ الحبيب لسببين: أولها انتهاك حق المدعى عليه في محاكمة عادلة، والسبب الثاني فبسبب أن إدانته تستند على سلوك محمي ومكفول بموجب القانون الدولي والشريعة وبالتالي لا يمكن أن تخضع لعقوبة جنائية مشروعة.

 

وكان الحبيب قد اعتقل في تموز/يوليو 2016 وواجه تهماً فضفاضة، منها دعوة الناس للفتنة والطائفية، وذلك استنادا لأجزاء من خطب عديدة طالب فيها الحكومة باتخاذ قرارات حاسمة للعمل حيال ثقافة الكراهية والطائفية، وتكفير المختلفين عن مذهب الدولة الرسمي في المناهج الدراسية، وانتقد فيها مواقف رجال دين حكوميين تجاه التنوعات الدينية المختلفة في البلاد.

 

وأكدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن الأحكام الصادرة بحق الشيخ الحبيب، أحكام انتقامية على خلفية مواقفه التي دافع فيها عن حقوق الإنسان. كما تدين هذه الأحكام، التي صدرت رغما عن افتقار المحاكمة التي خضع لها إلى شروط العدالة، حيث منع من الحصول على محام حتى بداية محاكمته، إضافة إلى وضعه في السجن الإنفرادي لمدة أربعة أشهر وما انطوى عليه ذلك من تعريضه لسوء في المعاملة.

 

وشددت على أن العدالة تقتضي إطلاق سراح الشيخ الحبيب وإسقاط الأحكام الجائرة عنه، والعمل على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي حصلت له.

 

كما أكدت المنظمة أهمية إيجاد آليات متنوعة تلزم نظام آل سعود بتعهداته الدولية، بما يضمن وقف سياساته القمعية وانتهاكاته بحق المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء وأصحاب الرأي.