حقوق الإنسان في المملكة لا تشمل معتقلي الرأي
يصر نظام آل سعود على التعسف بمعتقلي الرأي عبر تركهم يواجهون مصيرهم الغامض في مواجهة جائحة فيروس كورونا في انتهاك جسيم لحقوق الإنسان.
وقرر الملك سلمان تعليق تنفيذ الأحكام القضائية المتصلة بحبس المدين لقضايا الحق الخاص، وتعليق تنفيذ أحكام قضايا الرؤية والزيارة، وذلك ضمن الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا وزوال الظروف الاستثنائية.
وأكد الأمر الملكي الذي صدر مساء الثلاثاء، ونشرته وكالة الأنباء الرسمية “واس” على حسابها في موقع “تويتر”، أنه تقرر “الإفراج المؤقت وبشكل فوري عمن حُبس تنفيذاً لتلك الأحكام والأوامر”.
وفي الوقت الذي جنحت العديد من الدول لمنع انتشار الفيروس، إلى اطلاق سراح المسجونين والمعتقلين الذين ليس لهم حول ولا قوة تجاه انتشار المرض، كونهم مضطرين للبقاء في عنابر السجن ذات الاختلاط الكبير، ولا فرصة لهم للتباعد فيما بينهم، قامت بإطلاق سراح بعضهم، والبعض الآخر تم إطلاق سراحهم بشكل مشروط، في إجراء للحيلولة دون إصابتهم.
والملفت للنظر، أن مثل هذا الاجراء لم تقم به الدول التي تحترم شعوبها فحسب، إنما قامت به حتى أكثر الدول الاستبدادية بالعالم، مثل إيران والعراق والعديد من الدول المشابه لتلكما الدولتين.
لكن نظام آل سعود رفض الالتفات إلى كل الدعوات التي طالبته بإطلاق سراح المسجونين ومعتقلي الرأي، والذين في غالبهم من المشايخ الطاعنين بالسن، والأكثر عرضة للإصابة والموت جراء هذا الفيروس.
لم يكتف النظام بذلك، إنما قام بإخراس كل صوت يطالبه بذلك الإجراء ولو على استحياء، هذا ما فعله الشيخ صالح المغامسي حينما طالب على استحياء بإطلاق سراح المسجونين، فما كان رد النظام السعودي إلا أن أقاله من إمامة مسجد قباء بالمدينة المنورة، وتحول إلى مغضوب عليه، بعد أن كان من المقربين وبوقٍ للنظام السعودي، يرفع صوته بالثناء والمدح لرموز هذا النظام ليل نهار، ولم تشفع له تغريدته بالاعتذار بعد ذلك، والتنازل عن طلبه بإطلاق المسجونين، وطويت صفحته إلى غير رجعه، ولسان حاله ربما يقول، إذا الأمور انتهت إلى هذه المرحلة فنحن بخير، ولا أن تتطور ليزج به هو الأخر بالسجن.
أبدت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان قلقها فيما تعلق بالوضع في سجون نظام آل سعود التي أصبحت مكتظة بالمعتقلين وتمثل بيئة سهلة لانتقال جائحة فيروس كورونا المستجد.
وقالت المنظمة الحقوقية إنه مما يضاعف هذا القلق هو استهتار حكومة آل سعود بحقوق المعتقلين وعدم اتخاذها خطوات استجابة مباشرة للحد من الآثار الخطرة المحتملة للفيروس.
ووسط تصاعد المخاوف الدولية من انتشار فيروس كورونا (covid-19)، أكد مقررون خاصون تابعون للأمم المتحدة في بيان لهم صدر في 16 مارس 2019، على أهمية أن التدابير “تكون متناسبة وضرورية وغير تمييزية”.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن هناك مخاوف من تأثير الوباء على المعتقلين، وخاصة أن من المعروف أن الحكومة السعودية غير شفافة فيما يتعلق بالمعلومات المتعلقة بهم.
وفيما لا يوجد معلومات رسمية، فإن معلومات المنظمة الأوروبية السعودية تؤكد أن السجون لا زالت مكتظة ما يزيد المخاوف من انتشار الوباء، وخاصة أنه في كثير من الحالات لا توجد أسرّة كافية لاستيعاب السجناء، كما قد يتناوب بعضهم على الأرض.
وفي عام 2013 أظهر مقطع فيديو تم تسريبه من داخل أحد السجون، ما يصفه محامون محليين بالظروف الطبيعية للسجون في السعودية، والتي بحسب ما يؤكدون ازدادت تدهورا خلال السنوات السبع الأخيرة.
يُظهر الفيديو غرفة تبلغ مساحتها حوالي 30 مترًا مربعًا، حيث يمكن إحصاء 80 شخصًا على الأقل، وهذه الظروف ستكون كارثية بلا شك، في حال أصاب الفيروس السجن بحسب المؤسسة الحقوقية.
بالإضافة إلى ظروف الاكتظاظ، فإن سياسات السجون المتعلقة بالأدوية تثير القلق بنفس القدر. يشتهر موظفو السجن بحرمان السجناء من الحصول على الرعاية الصحية الروتينية، وفي كثير من الحالات يُمنع السجناء الذين يعانون من مشاكل طبية مدى الحياة، مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، من الحصول على العلاج بشكل مريح. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت أن أشخاصًا مثل هؤلاء أكثر عرضة للفيروس.
إضافة إلى ذلك، لا زال هناك أعداد كبيرة من المعتقلين بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي وبارتكاب جرائم سياسية، وهم من الأفراد الذين لا يجب سجنهم في المقام الأول، والذين لا يمثلون أي تهديد للمجتمع السعودي. وبالتالي يجب أن يكون هؤلاء السجناء مرشحين رئيسيين للإفراج المبكر في مواجهة الأزمة، للتخفيف من مخاوف المرض.
ورغم إصدار الأمم المتحدة لهذه التحذيرات، ترى المنظمة الحقوقية أن حكومة آل سعود لم تلتفت إلى التحذيرات المقدمة حتى الآن، كما إنها ممن استغل الأزمة بإذكاء التمييز والكراهية بين المكونات السكانية.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن المنظمة تؤكد أن الحكومة لم تبدأ لحد الآن بأي تدابير تتعلق بالتخفيف من اكتظاظ السجون وتوفير الرعاية الطبية اللازمة لمن هم في سجونها. حيث لم يُعرف حتى الآن وجود أي تدابير وقائية ملائمة، أو الإفراج عن المجرمين غير العنيفين، أو الإفراج عن السجناء السياسيين اللذين كان يجب عدم سجنهم من الأساس.
أما فيما يتعلق بالمعتقلين من غير السعوديين، فقد قال رئيس لجنة المعتقلين السياسيين الأردنيين في المملكة خضر المشايخ، “إن خطر الإصابة بفيروس كورونا بين المعتقلين في سجون المملكة بمختلف جنسياتهم، بات “أمرا حتميا”، وسط تأكيد حالات الاشتباه”.
وأضاف ”بلغنا إصابة بعض المعتقلين في أحد السجون، وهذا بحد ذاته خطر يهدد إصابة الجميع”.
ونبه المشايخ إلى أن “المعتقلين الأردنيين، يحاكمون وتحتجز حرياتهم بتهم لا أساس لها من الصحة”.
يجدر بالذكر، أن سلطات آل سعود أوقفت عددا من المقيمين الأردنيين في فبراير/ شباط 2019، ضمن حملة طالت أردنيين، وعددا من الفلسطينيين، بتهم غير واضحة ولا مباشرة، لكنها ركزت بالمقام الأول على الدعم المالي للقضية الفلسطينية.