أكد مسئول سعودي أن المملكة تتفاوض مع إدارة الرئيس الأمريكي جو بادين بشأن منح حصانة قانونية لولي العهد محمد بن سلمان وعدة قضايا أخرى.
وقال المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه ل”سعودي ليكس”، إنه تم إحراز تقدم في المباحثات الجارية والتي تستند بالأساس إلى الاتفاق على رؤية مشتركة بشأن إنتاج النفط والأزمة الروسية الأوكرانية.
وأوضح المصدر أن محمد بن سلمان يريد استغلال أزمة أوكرانيا لحصد مكاسب شخصية أهمها استعادة مكانته والاعتراف به أمريكيا.
وأضاف أن بن سلمان يسعى كذلك إلى تحصين نفسه قانونيا في ظل مواجهته عدة دعاوى قضائية في الولايات المتحدة بما في ذلك قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية ذكرت أن جو بادين حاول مؤخرا ترتيب اتصالات مع محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لكن “دون جدوى”.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض الذين لم تحدد الصحيفة هويتهم، إن بن سلمان وبن زايد “رفضا طلب الولايات المتحدة بالتحدث إلى بايدن في الأسابيع الأخيرة، حيث أصبح المسؤولان السعودي والإماراتي أكثر صراحة في الأسابيع الأخيرة، في انتقادهم للسياسة الأميركية في الخليج”.
ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين الأميركيين عن المناقشة المخطط لها بين الأمير السعودي وبايدن، قوله “كان لدينا توقعات لإجراء مكالمة هاتفية، لكن ذلك لم يحدث”.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية إنه سيتم إعادة جدولة المكالمة بين بايدن ومحمد بن زايد. فيما أجرى وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد اتصالاً بنظيره الأميركي أنتوني بلينكن بحثا فيه “القضايا الثنائية، وعددا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك والمستجدات على الساحة الأوكرانية، وأهمية العمل على الوصول لتسوية سياسية للأزمة”.
وتدهورت العلاقة بين السعودية وواشنطن، في ظل إدارة بايدن، حيث تريد الرياض دعماً أكبر لحربها في اليمن، والمساعدة في برنامجها النووي المدني أسوة بإيران، والحصانة القانونية لبن سلمان في الولايات المتحدة، حيث يواجه دعاوى قضائية عدة في الولايات المتحدة، بما في ذلك بسبب مقتل خاشقجي في عام 2018.
ويشاطر الإماراتيون السعودية مخاوفهم حيال الرد الأميركي الباهت على الضربات الصاروخية الأخيرة التي شنها مسلحون حوثيون مدعومون من إيران في اليمن ضد الإمارات والسعودية.
وتشعر الحكومتان بالقلق أيضًا بشأن إحياء الاتفاق النووي الإيراني، الذي لا يعالج مخاوفهما الأمنية الأخرى، بعد أن دخل المراحل النهائية من المفاوضات في الأسابيع الأخيرة.
وتشير “وول ستريت جورنال” إلى أن البيت الأبيض يسعى إلى إصلاح العلاقات مع الدولتين، اللتين يحتاج إليهما بايدن مع ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 130 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ ما يقرب من 14 عامًا.
وتعدّ السعودية والإمارات المنتجين الرئيسيين الوحيدين للنفط اللذين يمكنهما ضخ ملايين البراميل الإضافية من النفط – كي تساعد، إذا تمت، في تهدئة سوق النفط الخام في وقت وصلت فيه أسعار البنزين الأميركية إلى مستويات مرتفعة.
وكان كل من بريت ماكغورك، منسق الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وآموس هوكشتاين، مبعوث وزارة الخارجية لشؤون الطاقة، قد سافرا إلى الرياض أواخر الشهر الماضي في محاولة لإصلاح العلاقات مع المسؤولين السعوديين.
كما التقى ماكغورك مع بن زايد في أبوظبي في محاولة لمناقشة الإحباط الإماراتي من رد الولايات المتحدة على هجمات الحوثيين. إذ كان من المتوقع أن تركز المكالمة مع بن زايد في أوائل فبراير على الطرق التي يمكن للبلدين من خلالها مواجهة هجمات الحوثيين من اليمن.
وقال مسؤول أميركي إن إدارة بايدن “عملت بجد لتعزيز الدفاعات الصاروخية السعودية والإماراتية، وإن أميركا ستزيد جهودا في الأشهر المقبلة لمساعدة الدولتين الخليجيتين على حماية نفسيهما”.
لكن السعوديين والإماراتيين رفضوا ضخ المزيد من النفط، قائلين إنهم متمسكون بخطة إنتاج تمت الموافقة عليها بين منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومجموعة من المنتجين الآخرين بقيادة روسيا.
وقد عزز تحالف الطاقة مع روسيا، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، قوة أوبك وزاد في قرب السعوديين والإماراتيين إلى موسكو.
وكان بن سلمان وبن زايد قد تلقيا مكالمات هاتفية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، بعد رفضهما التحدث مع بايدن.
وأشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى عدم وجود خطط للتحدث مع بن سلمان في أي وقت قريب بشأن النفط، وعدم وجود خطط لسفر بايدن إلى السعودية.
ويمتد الخلاف بين بايدن وولي العهد السعودي إلى الانتخابات الرئاسية لعام 2020، حين تعهد المرشح الديمقراطي بمعاملة المملكة كدولة “منبوذة” بعد أن قتل فريق اغتيال سعودي جمال خاشقجي في عام 2018 بإسطنبول.
وبعد توليه منصبه، أجاز بايدن تقريراً للاستخبارات الأميركية خلص إلى أن بن سلمان وافق على خطة القبض على خاشقجي أو قتله. وكان بن سلمان قد نفى معرفته بأي شيء عن المؤامرة، مع أن محكمة سعودية أدانت أشخاصًا مقربين من ولي العهد بالمشاركة في قتل الصحافي.
كما انتقد بايدن علناً المملكة العربية السعودية بسبب حربها الطويلة في اليمن، وقطع تدفق بعض الأسلحة التي يمكن أن تستخدمها الرياض لاستهداف الحوثيين. وتراجع بايدن عن خطة من سلفه ترامب وضعت الحوثيين على القائمة الرسمية الأميركية للجماعات الإرهابية العالمية.
وقالت ساكي قبل أيان إن الرئيس يتمسك بوجهة نظره بأن السعودية يجب أن تعامل كدولة “منبوذة”. وكان بن سلمان قد رد في مقابلة مع مجلة أتلانتيك نشرت الأسبوع الماضي عما إذا كان بايدن أساء فهم الزعيم السعودي: “ببساطة، لا أكترث”. وأضاف أن تنفير القادة السعوديين سيضر بالرئيس الأميركي. حيث قال: “الأمر متروك له للتفكير في مصالح أميركا”.
واعترف مسؤول أميركي بأن بن سلمان هو صانع القرار السعودي الرئيسي، وأنه سيتعين على إدارة بايدن إيجاد طرق للعمل مع ولي العهد في كل الملفات من سياسة الطاقة إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.