حصاد موسم الحج: انتهاكات من الأمن السعودي وغلاء أسعار وسوء إدارة
أصدرت الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين تقريرا تناول حصاد موسم الحج لهذا العام ١٤٤٣هـ وما شهده من انتهاكات وشكاوى غلاء الأسعار وسوء إدارة من السلطات السعودية.
وتضمن تقرير الهيئة الدولية الشكاوى باعتداء الأمن السعودي على أفراد من بعثات حج عدة دول، لاسيما على بعثة حجاج ليبيا بالضرب بالهراوات والأيدي وتوجيه الإهانات بما شمل النساء وكبار السن.
واستعرض التقرير شكاوى من احتجاز واعتقال حجاج من جنسيات عربية متعددة، منهم فلسطيني تم احتجازه لمدة أسبوع بسبب دعائه على اليهود في مكة المكرمة.
وأشار التقرير إلى قيام محمد العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بالخطبة والصلاة يوم عرفة بمسجد نمرة رغم الاعتراض الإسلامي الواسع ما يؤكد أن الحج مستباح.
وتناول التقرير ردود الفعل الرافضة بشدة لتكليف رئاسة شؤون الحرمين التابعة للحكومة السعودية، محمد العيسى بالخطبة والصلاة يوم عرفة وتصدر وسم #انزلوا_العيسى_من_المنبر الترند سعوديا وخليجيا وإسلاميا على مدار عدة أيام.
واعتبرت الهيئة الدولية أن الإصرار السعودي على فرض العيسى يؤكّد أنّ الحجّ مستباح، ويظهر حجم ازدراء حكام آل سعود بالشّعائر والمشاعر المقدّسة واستهانتهم بمشاعر ملياري مسلمٍ تهوي أفئدتهم إلى البيت العتيق.
ولفتت إلى أن العيسى تحدث عن قيمة الخلق الحسن وقيمة التواد والتراحم مركزًا في حديثه عن ترسيخ هذه القيم في التعامل مع الناس من غير المسلمين ولم ينبس ببنت شفة عن التعامل بهذه القيم والتراحم مع العلماء المسلمين المعتقلين في السعودية أو المعتقلين في سجون الطغاة في مصر وسوريا أو الاحتلال الصهيوني.
في خطبة عرفة نسي العيسى بل ترك متعمدًا كعادة منبر عرفات الحديث عن دماء المسلمين النازفة في كل مكان من هذه الأرض فلم يذكر حرفًا واحدًا عن أيّة قضيّة من قضايا المسلمين الذين يعانون في بقاع الأرض.
ولم يذكر العيسى المسجد الأقصى المبارك ولو بشطر كلمة في الخطبة أو الدعاء، على أنه لم ينسَ أن يذكر الملك سلمان وابنه محمد باسميهما على منبر عرفات مطالبًا المسلمين بالدعاء لهما وليؤكد مجددا أنّ الحج كان وما زال مختطفًا مستباحًا.
وأكد تقرير الهيئة الدولية بأن هذا التكليف للعيسى بإلقاء خطبة عرفه جاء مكافأة لمواقفه المشينة في الترويج لسياسة النظام السعودي بالتقرب من إسرائيل والتمهيد للتطبيع معها.
ولدى العيسى تاريخا حافلا بالترويج للحوار مع اليهود وتعزيز التطبيع مع إسرائيل. ومن ذلك أن قال خلال مؤتمر نظمته منظمة اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC)، حول قضايا اليهودية ومكافحة اللاسامية: إننا (آل سعود) ملزمون حاليا بإعادة جسور الحوار والبناء مع المجتمع اليهودي.
ونبه التقرير إلى تجدد الأصوات المطالبة بتدويل ملف الحج وإشراك الدول الإسلامية الكبرى في عملية تنظيم الحج؛ والحق في تنظيم شعائر الحج والإشراف اللوجستي على أداء المناسك دون تسييس للحج أو محاولة الاستفادة منه سياسيًّا.
وبدلًا من الإجابة المنطقية عن المطالبات بتدويل الحج، شنت وتشن وسائل الإعلام السعودية حملات شعواء ضد هذه المطالبات المحقة.
إذ تصف وسائل الإعلام السعودية هذه المطالب بالحملات الإخوانية والإيرانية لابتزاز المملكة العربية السعودية؛ كما شنت وسائل الإعلام هذه حملة شعواء على كل من يتناول مثل هذه المطالبات.
وأكد التقرير مجددا على أن مسألة الحج تتعلق بأكثر من مليار ونصف المليار مسلم ولا تعد بحال من الأحوال مسألة داخلية كما تصورها السعودية.
إلى ذلك تناول التقرير غلاء أسعار الحج لهذا العام، إذ أطلقت السعودية بوابة إلكترونية باسم “مطوف”، ويجب على المسلمين من أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا التسجيل عليها إذا كانوا يريدون السفر لأداء الحج لهذا العام.
وأبلغت السلطات الحجاج بتسجيل رغبتهم في الحج من خلال هذا الموقع، وأنه سيتم إجراء قرعة لاختيار من سيذهب لأداء الفريضة.
وقد تسبب نظام “مطوف” السعودي بإلغاء حجوزات العديد من الحجاج بسبب مشكلات تقنية وتم حرمان هؤلاء الحجاج من الوصول إلى السعودية لأداء مناسك الحج على الرغم من دفعهم مبالغ طائلة تصل إلى 20 ألف جنيه إسترليني في بريطانيا مثلًا.
وتصر السعودية بشكل وبآخر على أن الطريقة الوحيدة لأداء مناسك الحج في العام القادم ستكون عبر منصة “مطوف”، وبأنه لا بديل عنها لمن يرغب في أداء مناسك الحج.
وهذه العملية تسهم في تعطيل العديد من شركات الحج التي كانت تنظم عملية الحصول على الفيزا وتنظيم الحجوزات في بلد المبدأ كما أنها أغلى من شركات تنظيم الحج، على عكس ما ادعاه المسؤولون في السعودية.
من ناحيةٍ أخرى، فقد ارتفعت أسعار الحج هذا العام لتصل إلى مستويات خيالية، وإذا ما قمنا باستبعاد ارتفاع أسعار السلع الغذائية والضرائب على المواد الغذائية، وغيرها من السلع، فسوف نصطدم بارتفاع جنوني لأسعار النقل الجوي للوصول إلى المملكة.
كما أن نظام “مطوف” والأسعار المرتفعة للفنادق والطائرات، وغيرها جعل العديد من الحجاج يلغون مشروع الحج لهذا العام.
تكلفة الحج من لبنان على سبيل المثال تتراوح بين 2700 إلى 14700 دولار أمريكي للشخص الواحد، كما بلغ هذا الرقم حوالي 4200 دولارًا للحاج القادم من العراق..إلخ؛ بشكل متوسط فإن التكلفة النهائية لأداء مناسك الحج لهذا العام شهدت ارتفاعًا بين 30 إلى 70%.
وأكدت الهيئة الدولية أن إلغاء النظام الموحد أو العمل على حل مشكلاته العديدة في العام القادم مطلب إسلامي مشروع؛ كما أن محاولة تقليل تكلفة الحج لحجاج بيت الله الحرام تكليف شرعي ملقى على عاتق المملكة.
يشار إلى أنه تم إنشاء الهيئة الدولية لمراقبة إدارة السعودية للحرمين مع بداية عام 2018 بهدف الضغط لضمان قيام السعودية بإدارة جيدة للمشاعر المقدسة والحفاظ على المواقع التاريخية الإسلامية، وعدم تسييس مشاعر الحج والعمرة، ومنع استفراد الرياض بالمشاعر المقدسة.