تعمل حكومة نظام آل سعود على تخفيض نفقاتها على برنامج حساب المواطن ما يهدد بتقويض الدعم الشعبي اللازم لتمرير الإصلاحات الاقتصادية المزعومة والتغطية على فشل سياسات ولي العهد محمد بن سلمان.
وأظهرت البيانات أن المملكة قلصت نحو مليوني شخص من “حساب المواطن”، منذ أبريل/نيسان 2020. وحدث أكبر انخفاض بين يونيو/حزيران ويوليو/تموز.
وانخفضت المدفوعات للحساب بمقدار مليار ريال (حوالي 267 مليون دولار) بحلول يوليو، انخفاضا من 2.7 مليار ريال في مارس/آذار.
وقالت الحكومة إنها شددت الرقابة على من يحصل على الإعانات من خلال إزالة الأشخاص الذين يعيشون مع أسر، مع تعزيز المساعدة المباشرة لمن صنفته الدولة على أنهم سعوديون أكثر فقرا.
وستؤدي تخفيضات ميزانية البرنامج إلى تفاقم الصعوبات المالية التي يعاني منها الفقراء بالسعودية في وقت يفقدون فيه أيضا خيارات تعويض الدخل من خلال القطاع الخاص.
وأثرت عمليات الإغلاق المتعلقة بـ”كورنا” وانهيار أسعار النفط على اقتصاد المملكة، ويمكن أن تؤدي إلى انكماشة بنسبة تصل إلى 6.8%، وفقا لصندوق النقد الدولي.
كما ضاعفت السعودية، مؤخرا، ضريبة القيمة المضافة لديها 3 مرات من 5% إلى 15%؛ للمساعدة في تمويل مشروعات الدولة وتحقيق بعض أهداف “رؤية 2030”.
وتفاقم معدل البطالة خلال الوباء حيث توقفت السياحة، وخاصة خلال موسم الحج؛ مما عطل أجزاء كبيرة من القطاع غير النفطي. ولا يتوقع صندوق النقد أي نمو اقتصادي جديد للسعودية حتى عام 2021 على أقل تقدير، وليس حتى يتم تطوير لقاح “كورونا”.
وبدون خيارات توظيف قابلة للتطبيق في القطاع الخاص، فمن المرجح أن يتراجع الدعم الشعبي لخطط الإصلاح الاقتصادي، بل حتى قد تظهر بعض ردود الفعل العكسية.
وأدخلت الرياض برنامج حساب المواطن في ديسمبر/كانون الثاني 2018، استجابة لشكاوى عامة حول تأثير ضريبة القيمة المضافة. وجاء القرار في اتساق مع عقود من تقديم الدعم المباشر وغير المباشر للسعوديين مقابل الرضا السياسي بالملكية المطلقة، وفي محاولة لزيادة القبول العام لجهود الإصلاح الاقتصادي.
وظل الجمهور مقاوما لإعادة الهيكلة الاقتصادية، التي تزيد الأعباء على كاهله كما ظهر من خلال الحملات الإلكترونية لدعم الكهرباء والمياه. وحتى الآن، تم تنفيذ القليل من الإصلاحات التي غيرت بشكل عميق العلاقة بين دولة الرفاهية السعودية ومواطنيها.
قد تظهر التخفيضات على برنامج حساب المواطن التي تقيد القدرة الشرائية للمواطنين في الاحتجاجات القبلية والعائلية وعلى الإنترنت؛ حيث يشكو بعض السعوديين من عدم قدرتهم على شراء السلع والخدمات اليومية.
إذا كانت الحكومة السعودية تعتقد أن هذه الاحتجاجات يمكن أن تقوض بشكل كبير ولاء القبائل أو العائلات أو المناطق الرئيسية، فقد تفكر في إعانات أخرى لمحاولة موازنة الضغط الاقتصادي الذي يشعر به المتضررون من التغييرات في برنامج حساب المواطن.
ولم تقتصر خطة نظام آل سعود الممنهجة على إلغاء بدل المعيشية للموظفين الحكوميين، ورفع نسبة القيمة المضافة على جميع السلع والمنتجات داخل المملكة، بل تعدت ذلك لتصل شريحة “الفقر المدقع” المدرجين ضمن برنامج حساب المواطن.
وأزالت سلطات آل سعود خلا الأشهر الماضية، بحسب وكالة بلومبيرغ الأمريكية، مليوني شخص من برنامج حساب المواطن الذي يهدف إلى تخفيف حدة ضربة الإصلاح الاقتصادي، مما أثار الإحباط بين البعض خلال أسوأ فترة ركود منذ عقود.
وبدأ نظام آل سعود بتقليص أعداد برنامج حساب المواطن في أبريل/ نيسان المنصرم، عندما قام بتعليق الطلبات الجديدة، ووضعوا حدًا أقصى للعوائد وقواعد الأهلية المؤهلة.
وبدأ عدد المستفيدين في الهبوط وتسارع الانخفاض. في يوليو وحده، فقد 1.3 مليون شخص المدفوعات النقدية.
وقالت سلطات آل سعود إن التغييرات في البرنامج ستساعد على توجيه الدعم لمن هم في أشد الحاجة إليه، ولم تكن مرتبطة بالأزمة ذات الشقين المتمثلة في اضطراب سوق النفط ووباء كوفيد 19 الذي يجتاح المملكة.
قال بندر عوض، وهو ساعي يبلغ من العمر 34 عامًا، عبر رسالة نصية، إنه لم يعد يحق له الحصول على 300 ريال (80 دولارًا) مقابل 400 ريال ليحصل عليها شهريًا: “يبدو الأمر وكأنه الموت”. “حتى إعادة شحن رصيد هاتفي الخلوي أصبح أمراً صعباً”.
وستختبر هذه المشقة الدعم لأداة حاسمة كشف عنها ولي العهد محمد بن سلمان في عام 2016. ومن المحتمل أن تضر أيضًا بالاستهلاك مع انكماش الاقتصاد.