في تكريس لواقع مملكة القمع في ظل انتهاكات نام آل سعود، قدم المعارض المقيم في كندا عمر بن عبدالعزيز (صديق الصحفي الراحل جمال خاشقجي) عرضا ماليا كبيرا لولي العهد محمد بن سلمان مقابل حرية عائلته وإطلاق سراحها من سجون المملكة والسماح لهم بالسفر خارجها.
وسخر عبد العزيز خلال مقطع فيديو، من أن على سلطات آل سعود الاستثمار في قضية معتقلي الرأي والمعارضين لتأمين موارد إضافية للدخل لدعم الاقتصاد المتدهور في البلاد.
وقال عبدالعزيز: قامت سلطات آل سعود باعتقال شقيقي أحمد وعبد المجيد، ومجموعة من أصدقائي، وبعد ذلك عن طريق وسطاء من الحكومة كانوا يقولون لي (إن توقفت عن الظهور الإعلامي والمشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي، فسنطلق سراح أشقائك فقط).
وأضاف: “في ذلك الوقت كان جوّالي مخترقا، واستطاعوا رؤية جميع المحادثات التي كنت أجريها، وكانوا يخرجون أشقائي ويعتقلونهم مجددا كنوع من المفاوضات، وبعد ذلك اعتُقل العشرات بسببي، وكل هؤلاء لا علاقة لهم إطلاقا بالسياسة، وهم معتقلون منذ حوالي سنتين تقريبا”.
وتابع: “كان لدي علاقات بمعارضين في شمال سوريا، واكتشفت أخيرا أنهم يتعاملون مع نظام الأسد بطريقة عجيبة، فإذا كان لهم أسرى يدفعون للنظام فدية لإطلاق سراحهم، وبعضهم يدفع كيلو ذهب، لأن النظام السوري تحول إلى مافيا”.
واستدرك: “أنا فكرت وقلت لماذا لا أقدم عرضا للحكومة السعودية لإطلاق سراح عائلتي وأصدقائي، بحيث أدفع 2 مليون مقابل كل معتقل من أصل عشرة، ليصبح المبلغ 20 مليون دولار، على أن تعاملهم الحكومة معاملة الأمراء المعتقلين في الريتز كارلتون، الذين تم إطلاق سراحهم جميعا، بعد الحصول على أموالهم”.
وذكر أن “هناك مصادر تتحدث عن وجود 30 ألف معتقل سياسي في سجون محمد بن سلمان، ولو جربنا قصة الفدية فهي ستؤمن له دخلا أكثر من مشروع نيوم! الأمة الإسلامية تستطيع أن تدفع 100 مليون دولار لإطلاق سراح الشيخ سلمان العودة، كما يمكن أن تدفع المؤسسات الدولية 20 مليون دولار لإطلاق سراح لجين الهذلول، وغيرهم من رجال الدين والنشطاء السياسيين السعوديين المعروفين”.
واستطرد المعارض السعودي: “بهذا ستستفيد الدولة ماليا لأن الوضع الاقتصادي صعب، كما ترتاح أيضا من دعوات عائلات المعتقلين، وأيضا تحسن صورتها أمام الإعلام العربي والدولي”.
وبرز اسم عمر عبد العزيز بعد اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في مدينة إسطنبول في تشرين الثاني/ أكتوبر عام 2018، وكشف حينها عن اختراق سلطات آل سعود لهاتفه والكشف عن محادثاته مع صديقه خاشقجي.
وكان الرجلان يستعدان لتشكيل مشروع “النحل الإلكتروني” لمقاومة “الذباب الإلكتروني السعودي” الذي كان يستخدمه ولي العهد السعودي لمراقبة وإسكات معارضيه.
ولا يعتبر عرض المعارض عبد العزيز، هو الأول من نوعه، إذ تكثف وساطات أميركية وأوروبية جهدها في محاولة للضغط على المملكة وولى عهدها من أجل الإفراج عن الأمير سلمان بن عبدالعزيز بن سلمان بن محمد آل سعود، (زوج إحدى بنات الملك الراحل عبدالله) ووالده المعتقلان منذ يناير 2018.
وتعرض الوساطات الأميركية مبلغا ماليا قدره 2 مليون دولار مقابل الإفراج عنهما، كما يقدم مشرعين أوروبيين التماسا للإفراج عن الأمير سلمان ووالده، المعتقلان منذ عامين دون تهمة وسط حملة صارمة ملكية بحقهما.
ويأتي اعتقال الأمير سلمان ووالده عبد العزيز منذ يناير 2018 كجزء من حملة قمع ينفذها ولي العهد محمد بن سلمان، منذ توليه الحكم 2017م، والتي لم تقتصر على المنافسين المحتملين فحسب، بل أيضا شخصيات في العائلة ورجال أعمال.
والهدف الأكثر ترجيحا هو الأمير سلمان، متعدد اللغات يبلغ من العمر 37 عامًا تلقى تعليمه في جامعة السوربون بباريس، ويبدو أنه لم يعتنق أي طموحات سياسية واكتسب سمعة بأنه “شيك على بياض” لتمويل مشاريع التنمية في البلدان الفقيرة.
وقال مساعد للأمير لوكالة فرانس برس “هذا ليس مجرد اعتقال غير قانوني.. هذا اختطاف في وضح النهار. هذا اختفاء قسري”.
وتحفظ جهاز أمن الدولة التابع – لولى العهد – على اعتقال الأمير سلمان داخل سجن الحائر المشدد الحراسة قرب العاصمة الرياض، وبعد ذلك وضعوه في فيلا خاصة مع والده الأمير عبد العزيز بن سلمان، ثم نقلوه إلى مكان اعتقال سري في مارس/ آذار الماضي، حسبما ذكرت مصادر متعددة لوكالة فرانس برس.
وذكرت المصادر أن المخابرات السعودية تراقب مكالماته الهاتفية مع عائلته.
لكن عودته قد تكون علامة مبدئية على أن الضغط الدولي من أجل إطلاق سراحه ناجح. ولم ترد السلطات السعودية على طلب للتعليق على القضية.
وناشد وفد من البرلمان الأوروبي سلطات آل سعود الإفراج عن أفراد العائلة المالكة المحتجزين بمن فيهم الأمير سلمان خلال زيارة إلى الرياض في فبراير/ شباط ، بحسب مصدر وتقرير داخلي للجولة التي شاهدتها وكالة الأنباء الفرنسية.
ويعتقل ولى العهد إلى جانب الأمير سلمان ووالده، منذ آذار/مارس 2020، ثلاثة أمراء كبار منهم الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، إلى جانب ولي العهد السابق ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وبعد ذلك وُضِع تحت الإقامة الجبرية الطويلة.
وإلى جانب هؤلاء، تعتقل السلطات الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود، نجل الملك الراحل عبد الله، والرئيس السابق لـ “هيئة الهلال الأحمر” السعودي، إضافة إلى الأميرة بسمة بنت سعود آل سعود المعتقلة في سجن (الحائر).
كما يعتقل جهاز أمن الدولة، بأوامر من بن سلمان، طفلين بالغين وشقيق سعد الجبري، الذي كان أحد كبار مساعدي الأمير نايف، حيث وصفهم مصدر قريب من العائلة بـ “ضحايا لعبة العروش السعودية”.
وصرح المصدر لوكالة فرانس برس إن الجبري المنفي في كندا حاول في وقت سابق حمل أبناءه على مغادرة السعودية لكن السلطات وضعتهم تحت حظر السفر.
وقالت كيرستن فونتينروز المسؤولة السابقة في البيت الأبيض والمسؤولة عن السياسة تجاه المملكة والآن مع المجلس الأطلسي لوكالة فرانس برس “إن الذين دفعوا من أجل هذا الاعتقال اساءوا فهم السياسة الأمريكية بشكل خطير”.
وأضافت “أن سجن شخص بسبب لقائه مع ديمقراطي أميركي سيجعل من الصعب على ترامب الحفاظ على علاقات وثيقة مع العائلة السعودية الحاكمة التي سبقت الانتخابات الأمريكية.
وختمت: “ستعود بالتأكيد لدغة المملكة إذا قاد الديمقراطيون الإدارة المقبلة”.