استهدف محمد بن سلمان في إعلان حربه الإجرامية على اليمن رفع أسهمه داخليا وخارجيا، ولكن بعد مرور أكثر من 4 أعوام على ذلك تحولت الحرب إلى كابوس وشبح يطارد ولي العهد دون تحقيق أي فائدة.
قبل أكثر من 4 أعوام ظهر محمد بن سلمان، الذي كان يبلغ عمره حينها 29 عاماً، ومرت ثلاثة أشهر فقط على توليه منصب وزير الدفاع، في الصور الرسمية وهو محاط بالقادة العسكريين، ويمعن النظر في الخرائط، ويتفحص طائرة مروحية، وحتى وهو مرتدٍ سماعة طيار بينما يركب في المقعد الخلفي بطائرة نقل حربية.
الواقع اليوم يظهر مضي سنوات الحرب من دون أن يحقق آل سعودي الانتصار الموعود بل إنها حولت المملكة إلى هدفا هشا لهجمات جماعة أنصار الله “الحوثيون”.
وتثار العديد من التساؤلات حول الذي تحقق من أهداف تحالف آل سعود لدعم الشرعية في اليمن؟ وهل بمقدور التحالف الحسم العسكري في اليمن؟ وهل ما زال التحالف العربي متمسكا بأهدافه التي أعلن عنها حينها؟ أم أن التحالف ضل طريق أهدافه وبات يطلق النار على قدميه بحسب مراقبين.
العشرات من الجرائم التي ارتكبتها مقاتلات آل سعود، منذ بدء الحرب على اليمن، في أكثر من 2500 طلعة جوية لمقاتلات التحالف استهدفت مواقع عسكرية وحيوية ومنازل آهلة بالسكان وأسواق شعبية، في مختلف مناطق البلاد، أدت إلى مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين وتدمير البنية التحتية لليمن.
ورغم أن نظام آل سعود روج لقدراته على حسم المعركة في اليمن خلال أسابيع قليلة فقط عقب انطلاق الحرب فإنهم فشلوا حتى في السيطرة على العاصمة صنعاء، والقضاء على جماعة الحوثيين الذين باتوا اليوم أكثر قوة وأصبحت صواريخهم تصل إلى عمق أراضي المملكة.
بينما يذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك إذ يرون أن التحالف بعد 4 سنوات يكاد يكون قد انقلب على بعض أهدافه المعلنة، فيما فشل فشلا ذريعا في تحقيق بعض منها.
ويدلل المراقبون على صحة القول بالمقارنة بين هدف التحالف في إعادة الشرعية ممثلة بالرئيس هادي إلى العاصمة صنعاء، فالواقع بحسب المراقبين أن الرئيس هادي لم يعد قادرا على العودة إلى العاصمة المحررة المؤقتة عدن وبتوجيهات من التحالف ذاته.
فيما يرى مهتمون بالشأن اليمني أن التحالف فشل في تدمير الصواريخ البالستية لدى المليشيا، فقد استطاعت المليشيا تطويرها، بعد مرور 4 سنوات من الحرب، بصورة فائقة.
في المقابل تمكنت جماعة الحوثيين من إحداث تطورا ملحوظا في جانب مهم، يتعلق بالقوة الصاروخية وتشكيل تهديدا حقيقيا للمملكة.
على الجانب الآخر، تحدث مراقبون عن وجود أطماع سعودية وإماراتية في مناطق بعينها في اليمن، مثل المهرة وسجزيرة سقطرى وميناء الحديدة وغيرها من الموانئ.
أيضا، تأزم الشارع اليمني اقتصاديا وصحيا، فالأمراض والاقتصاد المنهار أوجع اليمنيين، ووضعهم في أفقر شعوب العالم.
عبد العزيز العريقان، ناشط حقوقي يمني قال في تصريحات سابقة إن اليمن كله يحتاج للمساعدة وليس الأطفال وحدهم، اليمنيون يموتون من الجوع والفقر والمرض بسبب الحرب، فهم مجبرون على البقاء في بلدهم المحاصر من قبل التحالف والحوثي.
وأوضح أن غالبية من قتلوا في الحرب الدائرة منذ 4 سنوات من الأطفال والنساء، وللأسف العالم كله يشاهد القتل والانتهاكات ولا يتحدث أحد، قائلا: الخليج والغرب من صالحهم استمرار الحرب في اليمن.
وتابع: الأطفال في بلدنا ضاعت فرحتهم بطفولتهم، فهم الآن مقاتلون زجت بهم جماعة الحوثي وميليشيات صالح في معارك ضارية في الشمال والجنوب وعلى الحدود مع المملكة، بعضهم مصيره مجهول ممن وقع في الأسر، والآخر بين قتيل وجريح، وما تبقى منهم يقاتل مع التحالف على الأرض في عدن وتعز وغالبية المناطق التي تسيطر عليها قوات الشرعية.
دخل محمد بن سلمان الحرب على اليمن أمام دولة متهالكة لا يوجد فيها جيش أو شرطة، وكانت تمثل لقمة سائغة له حتى يحقق ذاته ويتجاوز الأمير مقرن بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف ويحقق مغامراته وطموحاته، لكنه فشل بصورة كبيرة.
وبفعل العمليات العسكرية، التي تدور منذ مارس 2015، يعاني اليمن حالياً أسوأ أزمة إنسانية في العالم، فبحسب الأمم المتحدة قتل وجرح آلاف المدنيين ونزح مئات الآلاف من منازلهم، كما يحتاج 22 مليون شخص، أي 75 بالمئة من السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة والحماية الإنسانية، بما في ذلك 8.4 مليون شخص لا يعرفون من أين يحصلون على وجبتهم القادمة.
وتتفاقم الأوضاع المعيشية والإنسانية في مدن اليمن بشكل متسارع يسابق إيقاع الحرب التي تضرب البلاد منذُ أكثر من عامين، ومع انهيار الدولة اليمنية في الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014 اتسعت رقعة الفقر والجوع بشكل كبير ينذر بكارثة إنسانية في المدينة “السمراء”.
وتصاعدت الحرب بين الحوثيين والقوات الموالية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مارس 2015، عندما هرب هادي إلى السعودية وتدخل التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن.
وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار منذ سيطرة مليشيات الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتدخُّل تحالف عسكري بقيادة الرياض بالنزاع في مارس 2015، بحجة دعم حكومة هادي.
ومنذ ذلك الحين، قتلت الحرب قرابة عشرة آلاف شخص وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، رغم أن منظمات حقوق الإنسان تقول إن عدد القتلى الحقيقي قد يبلغ خمسة أضعاف ذلك.
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بـ”الأسوأ في العالم”، وتؤكد أن أكثر من 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.