لم تحرق حرب اليمن الدائرة منذ عدة أعوام الشعب اليمني فقط وإنما طالت نظام آل سعود التي تقود تحالفا عسكريا لمحاربة جماعة الحوثي المدعومة من إيران منذ عام 2015 دون تحقيق أية انتصارات تذكر.
ويشهد اليمن، منذ خريف عام 2014، حرباً بين القوات الموالية للحكومة من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي والقوات الموالية للرئيس المقتول، علي عبد الله صالح، من جهة أخرى.
ولم يكن المواطن اليمني فقط هو الذي اكتوى بنيران هذه الحرب وإنما اكتوى بها أيضاً المواطن السعودي سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني، خاصة وأن المملكة تتحمل العبء الأكبر من تكاليف هذه الحرب في ظل انخفاض أسعار النفط وزيادة نفقات التسلح.
فحرب اليمن انعكست سلباً على المملكة, لأنها دخلت حرباً دون استراتيجية، كما لو كانت لحظة مجنونة لم تحسب عواقبها، فالشعار كان ردع الأطماع الإيرانية، لكن ما حدث على الأرض لا علاقة له بالشعار، وكبَّد الرياض خسائر لم تتوقّعها أبداً.
كما أن المعطيات والأرقام حول الخسائر المادية في الحرب اليمنية قدّرتها مجلة “فوربس” الأمريكية بنحو 120 مليار دولار شهرياً، ولا يشمل ذلك الخسائر غير المباشرة التي تكبّدتها المملكة مثلاً بتراجع الاستثمارات، والنقص في الاحتياطي الأجنبي، وزيادة الإنفاق العسكري.
ويدخل ضمن نفقات الحرب أيضا المساعدات والتعويضات التي تقدمها المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لبلدان عربية لقاء مشاركتها في العمليات والتي تقدر بمليارات الدولارات.
وتتحمل المملكة بشكل أساسي تكاليف الحرب كونها تقود التحالف إذ تشارك لوحدها بمائة طائرة مقاتلة، كما أن حدودها الطويلة مع اليمن تشهد مناوشات عسكرية تصيب قرى ومدن ومواقع داخل المملكة بأضرار لا تتوفر معلومات حول حجمها.
أما بالنسبة للطائرات فإن تكاليف استخدام مثل هذا العدد منها تقدّر بما لا يقل عن 175 مليون دولار شهريا.
في سياق متصل تفيد بيانات مؤسسة النقد العربي السعودية التي تلعب دور البنك المركزي أن حكومة نظام آل سعود سحبت ما يزيد على 25 مليار دولار من أرصدتها الاحتياطية.
مع استمرار الحرب على اليمن وزيادة نفقات التسلح وبقاء أسعار النفط منخفضة تتزايد التأثيرات السلبية على اقتصاديات واحتياطات الصناديق السيادية في دول الخليج التي تقود الحرب وتتحمل تكاليفها المتزايدة.
وسيدفع ارتفاع التكاليف بدول الخليج إلى سحب مزيد من أموال هذه الصناديق لتمويل الحرب وتغطية نفقات التسلح التي تشهد طفرة في عموم بلدان الشرق الأوسط.
ويزيد الأمر سوءا بتزايد التوقعات بتراجع معدلات النمو في المملكة صاحبة أكبر اقتصاد عربي، ويزيد من التبعات السلبية على الاقتصاديات المذكورة ابتعاد الاستثمارات الأجنبية عن المشاريع طويلة الأمد وتراجع السياحة وارتفاع تكاليف النقل والتأمين والخدمات الأخرى.
من المستبعد أن ينهي قرار الإمارات العربية سحب معظم قواتها التي تقاتل المتمردين الحوثيين في اليمن النزاعات المتعددة التي تدور رحاها في هذا البلد المتعب، لكنَّه قد يُسفر عن تداعياتٍ أكبر على العلاقات بين الإمارات وشريكتها الإقليمية الأهم: السعودية.
نظام آل سعود -متمثلً في محمد بن سلمان- ملتزم بمحاربة الحوثيين، وعادةً ما توصَف بأنَّها قائدة “التحالف” الذي يشن العملية الجارية هناك منذ فترةٍ طويلة.
لكنَّ الإمارات هي التي كانت تتكفَّل بمعظم العمليات القتالية على الأرض, فيما اقتصر السعوديون جميع إسهاماتهم تقريباً على شنِّ الغارات الجوية.
وحتى حين كانت الإمارات مُشاركةً في الحرب بكامل قوتها، لم يقترب نظام آل سعود قيد أنملةٍ من تحقيق أهدافهم التي حدَّدوها عند تدخلهم في النزاع اليمني قبل أربع سنوات.
والآن، ما زالوا ملتزمين بمواصلة الحرب، لكنَّهم صاروا يفتقرون إلى أهمِّ أداةٍ لمواصلتها، كما يقول توماس ليبمان الكاتب والصحفي الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقالة بموقع Lobelog الأمريكي.
ومع ذلك، توقَّع جيرالد فيرشتاين، السفير الأمريكي السابق لدى اليمن، مؤخراً، أنَّ نظام آل سعود “سيواصلون حملتهم بغض النظر عمَّا يفعله الإماراتيون أو الولايات المتحدة”، لأنَّهم يعتقدون أنَّه ليس أمامهم بديل آخر, إذ أوضح السعوديون أنَّهم يعتبرون الصراع مع الحوثيين حرباً ضرورية، وليست اختيارية.
ووفقاً لجميع التقارير، فقد أقنعوا الشعب السعودي بذلك, فالسعوديون ليسوا مستعدين للتسامح مع وجود قوة عسكرية مدعومة من إيران على الجانب الآخر مباشرةً من حدودهم الجنوبية، لا سيما أنَّ الحوثيين يطلقون صواريخ على مطاراتٍ ومدن سعودية.
وقد تراجعت أرباح الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، خلال الربع الثاني من 2019، بنسبة 68.3 بالمائة على أساس سنوي إلى 2.12 مليار ريال (566 مليون دولار)، من 6.7 مليارات ريال (1.79 مليار دولار) بالفترة المماثلة من العام الماضي.
وتراجع صافي أرباح “سابك”، بنسبة 54.7 بالمائة على أساس سنوي خلال النصف الأول 2019، بسبب تراجع أسعار بيع المنتجات.
وقالت “سابك” إن صافي أرباحها بلغ 5.52 مليارات ريال في النصف الأول من العام الحالي، مقابل 12.2 مليار ريال في الفترة المقابلة 2018.
وأرجعت “سابك” سبب انخفاض الأرباح خلال النصف الأول 2019، إلى انخفاض متوسط أسعار بيع المنتجات، وانخفاض حصة الشركات في نتائج شركات زميلة ومشروعات مشتركة.
وتراجع إجمالي إيرادات الشركة بنسبة 13.9 بالمائة، إلى 73.24 مليار ريال، مقارنة مع 85.15 مليار ريال في الفترة المقابلة 2018.
و”سابك”، هي أكبر شركة بتروكيميائيات في الشرق الأوسط والرابعة عالمياً، استحوذت أرامكو على حصة بنسبة 70 بالمائة منها في مارس/آذار الماضي من صندوق الاستثمارات العامة السعودية مقابل 69 مليار دولار.
وقد يستغرق الأمر أشهراً قليلة لدخول حصيلة صفقة سابك في صندوق الاستثمارات العامة، إذ قالت أرامكو إن من المتوقع إغلاق الصفقة في 2020، بينما ذكرت وثيقة وفقاً لوكالة “رويترز” أن عملاق النفط سيسدد ثمن الصفقة على شرائح.
وقالت مصادر في وقت سابق, إن أرامكو ستدفع 123.4 ريالاً للسهم في صفقة شراء الحصة، فيما ذكرت أرامكو، في بيان سابق، أنها لا تنوي الاستحواذ على الحصة المتبقية في سابك، وأنها تخطط لزيادة طاقتها التكريرية من 4.9 ملايين إلى 8-10 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030، من بينها 2-3 ملايين برميل سيتم تحويلها إلى منتجات بتروكيميائية.
وتواصل الشركات السعودية نزيف الخسائر في الربع الثاني من 2019 دون ظهور أي بوادر للتعافي من الخسائر الكبيرة التي حققتها في 2018 .
ونتيجة لذلك تشهد البورصة في المملكة تراجعات متتالية بلغت ذروتها أمس حين هبطت لأدنى مستوى في ثمانية أشهر، وانخفض المؤشر الرئيسي للسوق السعودية 1.5 بالمائة، متأثرا بخسائر أسهم القطاع المالي وشركات البتروكيماويات.
ولم تظهر الشركات السعودية بعد أي علامات على التعافي من خسائر 2018 ، وفي وقت سابق كشفت البيانات المالية الرسمية للشركات السعودية لعام 2018 عن تكبد العشرات من هذه الشركات خسائر مالية ضخمة, ومن بين هذه الشركات من تفاقمت خسائرها بنحو خمسة أضعاف على أساس سنوي.
وتكشف هذه البيانات عن مستوى الركود الذي يتخبط فيه الاقتصاد السعودي وما وصل إليه من مناخ استثماري طارد، كما يكشف عن تدني معدلات النمو والأرباح المتوقعة لهذه الشركات للعام الجاري 2019.
كما توجه هذه الخسائر جرس إنذار بانهيارات البورصة في المملكة وتفاقم نزيف خسائرها المتواصل.
وفقا لهذه البيانات، سجلت أن أكثر من خمسين شركة مدرجة بالبورصة بالمملكة سجلت خسائر في عام 2018، فارتفعت خسائر 13 شركة منها، وسجلت 24 أخرى خسائر مقابل أرباح في عام 2017، في حين قلّصت الـ13 شركة المتبقية خسائرها مقارنة بعام 2017.