يستغل نظام آل سعود موسم الحج لأهداف سياسية وخدمة مؤامراته بما في ذلك دعم مرتزقته في الميليشيات المسلحة في ليبيا واليمن.
ويصف مهند يونس وزير شؤون أسر الشهداء والجرحى والمفقودين الليبي، منح آل سعود تأشيرات حج لأهالي قتلى مليشيات خليفة حفتر ممن سقطوا خلال الحملة على طرابلس بـ”جبر خواطر المعتدين” لحثهم على الاستمرار في حربهم.
وحصلت مليشيات حفتر على 1750 تأشيرة حج، بعد تنسيق مسبق مع سلطات آل سعود جرى في شهر رمضان الماضي، وتم تخصيصها لأسر “شهداء عملية الكرامة.
وتبلغ حصة ليبيا من الحج 7800 مقعد لموسم 2019 فيما اعتبر مسئولون أن منح آل سعود لحفتر هذا القدر الكبير من التأشيرات للحج متجاوزة بذلك الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً يعد خرقاً لكافة الأعراف والمواثيق السياسية، فلا يُتصور أبداً أن تقوم دولة ما بتجاوز السلطة الشرعية في دولة أخرى وتتعامل مع منقلب على السلطة.
ولم يعد يخفى على أحد الدعم المباشر الذي يقدمه نظام آل سعود لمجرم الحرب حفتر رغم تصريحاتها الرسمية التي تبدي فيها اعترافها بشرعية حكومة الوفاق الوطني، إلا أن الممارسات الفعلية التي تقوم بها السعودية تدعم مجرم الحرب حفتر بشكل واضح وصريح، منذ انطلاق العدوان في الرابع من إبريل/نيسان الماضي بعد يومين من لقاء جمع حفتر مع الملك سلمان.
ومنحة آل سعود لحفتر تكررت في اليمن ولكن على يد حليفتها الإمارات هذه المرة والتي تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي الذي تشكل في مايو/أيار 2017 بدعم إماراتي عقب إقالة رئيسه عيدروس الزبيدي من منصب محافظ عدن)، والذي يشن حربا على قوات الحكومة منذ 7 أغسطس/آب الجاري، عبر منحة قدمها محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، وشملت 568 حاجا تم نقلهم على متن الطائرات الإماراتية إلى السعودية، بإشراف نائب رئيس المجلس الانتقالي هاني بن بريك وفق ما أكده في تغريدة له على حسابه في تويتر في 31 يوليو/تموز الماضي.
وتعد التأشيرات المدعومة إماراتيا ضمن عملية استقطاب مستمرة لمشروع أبوظبي في اليمن، بحسب الباحث والناشط السياسي اليمني نبيل البكيري رئيس المنتدى العربي للدراسات.
وقال إن “أبوظبي تريد من خلال أدواتها في عدن، أمثال هاني بن بريك تحقيق أهدافها والترويج لسياساتها الانفصالية التخريبية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية”، مضيفا أن اختيار أبو ظبي لشخص هاني بن بريك المتهم الرئيس في اغتيال العلماء وقيادات المقاومة في عدن، يعتبر نوعا من “غسل الشخصيات القذرة وإعادة تعويمهم في المشهد اليمني لرسم صورة الوديع الذي ييسر أمور الناس ويساعدهم على أداء مناسك الحج، بعد ما تأكدت صورة هاني القاتل، إذ كشفت محاضر تحقيقات النيابة الابتدائية الجزائية المتخصصة بمدينة عدن في يوليو/تموز الماضي أن (الشيخ السلفي) هاني بن بريك يقف وراء تصفية ثلاثين من علماء وخطباء وقيادات المقاومة في عدن، وفق اعترافات منفذي جريمة اغتيال الشيح سمحان الراوي أحد أبرز قيادات المقاومة وإمام أحد مساجد مدينة البريقة غرب عدن، والذي اغتيل أواخر يناير/كانون الثاني 2016”.
وتأتي تأشيرات الحج الممنوحة للمجلس الانتقالي، للعام الرابع على التوالي تحت مسمى “الجرحى وأسر الشهداء” في جبهات القتال التي يشرف عليها ضباط إماراتيون وفي مقدمتها جبهة الساحل الغربي، لكن الجندي الجريح سالم عبود، قال إنه يسمع عن هذه المنح لكن لا أحد يعرف كيف يتم توزيعها، متسائلا: لماذا لم يستفد منها هو وزملاؤه الجرحى.
وذكر أنه عرف مؤخرا أن هذه المنح يتم توزيعها حسب الولاء لدولة الإمارات من قبل أتباع هاني بن بريك في المجلس الانتقالي، وهو ما كرره الجندي في قوات العمالقة بالساحل الغربي، هادي فضل علي قائلا إن “منح الحج المقدمة من دولة الإمارات كمكرمة من الشيخ محمد بن زايد، وزعت قبل عدة أشهر حسب علمه على أربع مجموعات، كلها بإشراف هاني بن بريك؛ المجموعة الأولى تضم أسر الشهداء ووزعت على معسكرات الساحل الغربي التي تتبع الإمارات، وكل قائد معسكر اختار حسب القرعة بين أقارب الشهداء في معسكره.
أما المجموعة الثانية فتم توزيعها من قبل هاني بن بريك على الموالين له تحت مسمى أفراد المقاومة. وثالثة باسم الجرحى، وهي كسابقتها وزعها بن بريك على عدد من أنصاره. أما الفئة الرابعة فهي بدون مسمى معروف، وخضعت لتوزيع بن بريك وقيادات في المجلس الانتقالي، اختاروا المقربين منهم والموالين لهم”، مؤكدا أن بعض المستفيدين لم يكتفوا بتسجيل أنفسهم ولكنهم أضافوا بعض أقاربهم وليست لهم أي صلة لا بالجرحى ولا الشهداء ولا جبهات القتال.
ويؤكد الخمسيني عبد الله مقبل شقيق أحد الشهداء، أن قلّةً من المستفيدين من المنح هم من الجرحى أو أقارب الشهداء بينما الغالبية تم اخيارهم بناء على العلاقات الشخصية وحسب موالاتهم لقيادات المجلس الانتقالي ودولة الإمارات، مشيرا إلى وجود بعض من حصلوا على منحة الحج عبر أقارب لهم.
وهو أمر يؤكده مصدر في وزارة الأوقاف التابعة للحكومة الشرعية (رفض الكشف عن اسمه حفاظا على سلامته)، مشيرا إلى أن أشخاصا حصلوا على منح الحج، لأنهم يمارسون الترويج لدولة الإمارات وأدواتها ويهاجمون الحكومة الشرعية فقط، وليس لهم أي صلة بجبهات القتال.
لم تمر التأشيرات الممنوحة لمليشيات حفتر، ضمن الإجراء المتعارف عليه رسميا في ليبيا عبر الحكومة الشرعية بحسب يونس.
وهو ذات الإجراء الذي حدث في اليمن مع المجلس الانتقالي، الذي نظم تفويج حجاج المنحة الإماراتية، بإشراف من هاني بن بريك، وفق تأكيده في فيديو منشور على حسابه في تويتر وهو يودع الحجاج.
وكان مفتي ليبيا الصادق الغرياني دعا عقب عدوان مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس، المسلمين عامة والليبيين خاصة ممن أدوا مناسك الحج والعمرة من قبل، إلى عدم الذهاب مرة أخرى حتى لا يساهموا عبر أموالهم في دعم آل سعود في قتل المسلمين ويصبح إثم الحج والعمرة أكبر من نفعهما.
وأضاف أن “السعودية تستخدم الأموال التي تجنيها من الحج والعمرة في قتل أبناء المسلمين في ليبيا وقبلها في اليمن، وقد تستخدمها لقتلهم في بلدان أخرى مثل السودان والجزائر وتونس”.
ويوثق عمران اشتيوي عضو المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب التابعة لحكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً، الاستغلال السياسي للحج من قبل السعودية، عبر تسريبات ويكيليكس والتي سبق أن كشفت عن مزاجية مبالغ فيها في توزيع مئات الآلاف من تأشيرات الحج من قبل السعودية، بحيث أصبحت وسيلة للضغط وشراء الذمم ومكافأة من يتعاون معها لأداء الفريضة الركن الخامس من الإسلام كما يقول.
وأضاف “تم استخدام سياسة الحرمان من تأشيرات الحج ضد كل من يختلفون في الرأي أو الموقف السياسي مع المملكة، من دون أن تأبه لكون الحج ركنا من أركان الإسلام”، وهو ما برز عبر وثيقة مسرّبة سابقا إذ رفضت وزارة الخارجية السعودية طلبا لزيادة حصة ليبيا في عام 2012، بينما توافق على زيادة لحصة مصر بحجة “تحييد الأطراف الرسمية المصرية والإعلامية”.