يواصل منذ أيام مئات الجنود اليمنيين في الحد الجنوبي للمملكة احتجاجات واسعة ضد نظام آل سعود وتعسفه بحقوقهم وعدم توفير أبسط احتياجاتهم الأساسية.
وقالت مصادر يمنية إن الجنود المحتجين وأغلبهم من شبوه لواء القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب يطالبون برواتب وامتيازات وترحيل إلى بلادهم.
وأوضحت المصادر أن سلطات آل سعود صادرت هواتف الجنود اليمنيين المرابطين بالحد الجنوبي وعمدت إلى تفتيش خصوصياتهم وهو ما زاد من سخطهم وغضبهم وفقد البعض وسائل التواصل مع أهلهم وذويهم.
ويطالب غالبية الجنود المحتجين بترحيلهم إلى مارب للدفاع عن بلدهم ويهتفون (ترحيل ترحيل وبالروح بالدم نفديك يا يمن) يشكون ظلم قوات آل سعود.
يحدث الان :انتفاضة لمئات من الجنود اليمنيين بالحد الجنوبي السعودي واغلب المحتجين من شبوه لواء القوات الخاصه ومكافحة الإرهاب الذي يقوده المصعبي ومقر المعسكر بمحور ومنطقة جيزان يطالبون برواتب وامتيازات واهتمام وترحيل وانتفاضة اخرى في لواء العروبة الذي يقوده عبدالكريم السعدي
— انيس منصور – Anes Mansoor (@anesmansory) April 23, 2020
ويوم أمس قالت مصادر إعلامية إن شرطة آل سعود فرّقت عشرات الجنود اليمنيين المطالبين بحقوقهم في الحد الجنوبي، واعتقلت بعضهم.
وكان مئات الجنود اليمنيين في محوري حرض وصعدة على الحد الجنوبي للمملكة، تظاهروا للمطالبة بعودتهم إلى ديارهم، وصرف رواتبهم التي أوقفتها السلطات السعودية منذ ستة أشهر.
ونشر القيادي السابق في المقاومة الجنوبية عادل الحسني عبر تويتر فيديو يظهر مجموعة من الجنود اليمنيين على الحدود اليمنية السعودية وهم يتعرضون لإطلاق النار من قبل قوات التحالف السعودي الإماراتي لمنعهم من مغادرة المعسكر.
ويظهر الفيديو الذي نشره الحسني، مجموعة من الجنود وهم يحملون ملابسهم وأغراضهم أثناء مغادرتهم المعسكر بعد وقف قوات التحالف تسليم مرتباتهم منذ ثلاثة أشهر.
السعودية توقف مرتبات الجنود من ابناء اليمن الذين يقاتلون معهم في نجران وتطلق عليهم النيران! pic.twitter.com/0qADWg34um
— عادل الحسني (@Adelalhasanii) April 22, 2020
وقبل شهر كشف فيلم استقصائي خفايا وكواليس تجنيد نظام آل سعود اليمنيين بشكل عشوائي، وتفاصيل المعارك على الحد الجنوبي للمملكة.
واستعرض الفيلم الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية بعنوان “موت على الحدود” أن نظام آل سعود أسس بعد عاصفة الحزم عام 2015 ألوية عسكرية تتوزع على جبهات عديدة على حدودها مع اليمن.
وحصل فريق البرنامج على مشاهد حصرية تبين آثار القصف على مدينة الربوعة في المملكة، ولكن الغريب هو الغياب التام للجيش السعودي من المشهد، بينما ظهر بالمدينة مقاتلون يمنيون يتصارعون على الحدود، إذ وثقت المشاهد الحصرية من الأراضي السعودية ما يحدث في معسكرات تجنيد اليمنيين.
انطلقت رحلة بحث فريق البرنامج من عند السماسرة الذين يحشدون المقاتلين ويقنعونهم بالذهاب إلى الحد الجنوبي للسعودية، وتمكن الفريق من التواصل مع أحد السائقين الذين ينقل المقاتلين إلى السعودية، وبعضهم لا يتجاوز عمره 15 عاما.
أوضح السائق الذي أصر على إخفاء هويته، أنه كان يوصل 5 دفعات في الشهر، ولكن الآن انخفض العدد لأن الناس بدؤوا يخافون من وجود متاجرة بالبشر.
وأضاف أنه في البداية كان المقابل الذي يحصل عليه يبلغ 500 ريال سعودي (133 دولارا) عن كل شخص، إلا أن المبلغ انخفض منذ العام 2018 وأصبح 20 ألف ريال يمني (80 دولارا). وأشار إلى أن السماسرة لا يتواصلون مع السعوديين، فالتواصل يتم عبر “مناديب” الألوية السعوديين إذ يتم تسليم مبلغ مالي مقابل كل رأس.
تمكن فريق البرنامج من الحصول على تسجيلات سرية قرب منفذ “الوديعة”، حيث يتم إحصاء الواصلين وأخد بطاقاتهم الشخصية للبدء بعملية التسجيل.
ووثق التصوير السري للمنفذ السعودي لحظة العبور إلى الجانب السعودي، إذ يتم نقل المقاتلين مباشرة وبرفقة قوة عسكرية سعودية دون المرور بالمنفذ اليمني أو تسجيل الخروج رسميا.
كما كشفت التسجيلات عن تفاصيل حشد المقاتلين كما ينقلها أحد المندوبين، وكذا الإشارة الواضحة إلى أن اللواء يتبع الأمير فهم بن تركي. وهنا يتم إصدار وثيقة خاصة لكل مقاتل لتكون بمثابة جواز سفر تمنح المقاتل حق الانتقال عبر الحدود للدخول إلى المملكة العربية السعودية.
في 13 سبتمبر/أيلول 2019، أعلن العقيد اليمني بشير الجزمي استقالته من منصبه في التحالف، حيث كان يشغل منصب المسؤول عن الحشد في معسكر التحالف بمنفذ الوديعة.
وبعد اضطراره للتخفي بسبب المضايقات الأمنية بعد استقالته، تمكنت الجزيرة من مقابلته فقال إنه استقال عن قناعة، لأنه كان ممن استبشروا خيرا بقدوم عاصفة الحزم، وصدّق أنها جاءت لوضع حد للحوثيين. لكنه أضاف “ولكن ما حصل لا يرضى به كل يمني حر لديه كرامة”.
وأضاف الجزمي أن معكسر تدريب “الوديعة” هو جهة منفذة للمرؤوسين، أما التحالف فهو شكلي وإعلامي فقط، مضيفا أن الوحدات العسكرية الموجودة يقارب عددها 20 ألفا.
وأفاد بأن نسبة المقاتلين حقا ممن يتم تجنيدهم من اليمنيين لا تتجاوز 15%، أما البقية فهم مجرد مواطنين لم يحصلوا على أبسط أنواع التدريب على عكس الحوثيين، مشددا على أن التدريب لا ينال المستوى المطلوب، خاصة أنه لم يتم كسر حاجز الخوف لديهم. كما انتقد آلية تدريب اليمنيين الذين يُستقطبون للمحاربة في صفوف السعودية.
واعتبر الجزمي أن من أهم نقاط ضعف هذا التدريب أنه تدريب افتراضي لا يتم فيه إطلاق نار حقيقي بحيث يتم كسر حاجز الخوف لدى المقاتل. كما أظهر الفيلم المقاتلين اليمنيين وهم يحملون أثناء تدريباتهم أعوادا خشبية بدلا من الأسلحة الحقيقية.
حصل فريق البرنامج على بعض التسجيلات الدينية التي تُعرض على المقاتل اليمني في معسكرات السعودية، والتي تنادي إلى الجهاد في سبيل الله.
من جهته، اعتبر اللواء محسن خصروف الذي قدم استقالته مباشرة على التلفزيون اليمني، أن حرص المملكة السعودية على عدم التضحية بجنودها يدفعها إلى استبدالهم بالشباب اليمنيين.
وأوضح أنه يُفترض أن يكون المقاتلون في وضع نظامي، ولكنه وصف ما يجري في السعودية بأنه خارج إطار الإنسانية والقانون الدولي، معتبرا أن البطاقات التي يحصل عليها المقاتلون اليمنيين هي تزوير منفرد لأنه لا يوجد شكل من أشكال التنسيق مع أي هيئة نظامية عسكرية يمنية.
كما تمكن فريق البرنامج من نشر تسجيلات من داخل مقابر المقاتلين اليمنيين في السعودية، حيث يتم الدفن بشكل جماعي وبدون أي هوية تحفظ خصوصيتهم، كما لا يتم السماح بترحيل جثثهم إلى اليمن ولا بزيارة أهاليهم لمقابرهم ولو لإلقاء النظرة الأخيرة عليهم.
قال علي الهجرة والد أحد الضحايا الذين قتلوا في حدود السعودية، إن تجنيد ابنه أتى نتيجة ظروف الحاجة، معتبرا أن الرياض تستغل حاجة الناس في ظروف الحرب والغلاء الفاحش، مضيفا أنه لم يتوصل لحد الآن بشهادة وفاة أو دفن ابنه.
ويروي أحد المقاتلين العائدين من الحدود حذيفة الحاتمي أنه بعد ما حصل له من خوف أصبح يصيح ليلا من الفزع ولم يعالج إلا بعد عودته إلى اليمن.
من جهته، أوضح العقيد سنان الحميري أن ظاهرة تجنيد الشباب في محافظة تعز بدأت بعد عاصفة الحزم نتيجة أن الحوثيين كانوا يهاجمون السعودية فطلبت شبابا لحماية حدودها.