يهمش نظام آل سعود مناطق واسعة في المملكة وخاصة المناطق الجنوبية وينظر بعنصرية بالغة تجاه سكانها, إذ يتعمد هذا التهميش تجاه الجنوبيين.
ولم يزر الملك سلمان منذ وصوله إلى السلطة مطلع عام 2015، مناطق واسعة في المملكة مثل الطائف وعسير وأبها ونجران وجيزان
ويعاني سكان القبائل الذين يسكنون المناطق الجنوبية في المملكة من تنامي حدة التمييز العنصري وموجة كراهية عجيبة تعكسها تصرفات الجانب الرسمي لحكومة آل سعود.
وتتخذ هذه العنصرية طابعا غير رسمي لكن سرعان ما يتضح أن وراءه جهات رسمية تابعة للنظام الحاكم.
هذه التصرفات تتلخص في التضييق على سكان مناطق جنوب المملكة في معاملاتهم في المؤسسات الرسمية والسخرية منهم والمماطلة معهم وإطلاق كلمات نابية تجاههم بشكل مستمر.
ومنذ صعود الملك سلمان وابنه زادت حدت الاحتقان داخل المجتمع السعودي بالتزامن مع ارتفاع وتيرة التمييز ونبرة الكراهية في الخطاب والتعاملات الرسمية وغير الرسمية.
ويتم ذلك في ظل الحروب الداخلية المنسية والعنيفة التي تشنها أجهزة الأمن والجيش المرتبطة مباشرة بأبن سلمان ضد أبناء الطائفة الشيعية في المناطق الشرقية وحروب الاعتقالات والتعسفات والتعذيب داخل السجون والتغييب والاخفاء القسري ضد أبناء الطوائف الإسماعيلية والصوفية والزيدية في نجران وجيزان وعسير.
كما يضاف حروب الاعتداءات اللفظية العنصرية التي برزت مؤخرا ضد أبناء قبائل جنوب المملكة بشكل عام وسياسة تأليب بعض المجتمع ضد بعضه .
رغم أنه ملك لكافة المناطق والمدن، إن عنصرية الملك ليست تجاه أهل الجنوب فقط فقد كشفت التسريبات موقفه العنصري وأنه يحمل كرهاً خاصاً ومتجذراً لأهل الحجاز، ففي مجالسه وسهراته، حين يذكرهم، يستصغرهم ويستهزئ بهم، ولا يُسميهم إلا بـ “هذولي الأجنبه” (ويقصد أجانب).
وهذا ما يُفسر كثير من الأحداث التي تطال الحجاز وعائلاته, ولكن ألا يفترض بالملك أن يكون ملكاً لكل البلاد وأن ينزع عنه ثوب العنصرية.
إضافة إلى ذلك يمارس آل سعود أيضا ضد أبناء تلك المناطق (نجران _ جيزان _ عسير ) وقبائلها الإقصاء الشديد والغير مفهوم من قبل المواطنين هناك وكثيرا ما يصفهم بعض مرتزقة آل سعود بأنهم يمنيون ويخونونهم ويقولون بأنهم عملاء لليمنيين وللحوثي حسب وصفهم.
وقد بدأت هذه الظاهرة تزداد في الآونة الأخيرة بحيث زاد من تخوف أهالي تلك المناطق من تلك التصرفات التي كانوا يظنون أنها تصرفات فردية وليست مقصودة ولا سياسة رسمية متعمدة .
المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي ـ خصوصاً تويتر ـ يرى أنها أصبحت تعج بهذه الظاهرة التي باتت تشكل تهديدا للسلم الاجتماعي وحق المواطن سواء كان شماليا أو جنوبيا سنيا أو شيعيا أو اسماعيليا أو صوفيا في العيش الكريم .
كما أنه يسود جو من عدم الثقة بين سكان المنطقة تجاه سلطات آل سعود، خاصة وأن لهم تجربة طويلة مع هذه السلطات، التي لطالما تعاملت معهم كمواطنين من درجة متدنية، وحرمتهم من العديد من الحقوق التي يتمتع بها المواطن السعودي، ومنعت عنهم امتيازات مالية ووظيفية وتعليمية كثيرة.
وقد رفضت قبائل آل زيدان وآل مالك التي تقطن أقصى شرق جبال جيزان، الانصياع لقرار التهجير، وأبدوا استعدادهم للتصدي لمحاولات اغتصاب أراضيهم، “التي يعتقدون أنها قد تُحوّل لمشاريع سياحية او تؤول لشركات” لصالح أمراء آل سعود بحجة الحرب.
وقد أصدرت هذه القبائل رسالة ذكّرت فيها بأن السلطات السعودية قد نكثت بالاتفاق السابق وقع عليه ممثلو السلطة والأهالي يضمن حصر ممتلكاتهم وتعويضهم قبل إخلائهم، إلا أن سلطات آل سعود نقضت عهدها ورفضت حتى دفع المعونة الشهرية التي تمكنهم من استئجار سكن مؤقت ريثما يتم تعويضهم.
وأضافت الرسالة: “أن قوات آل سعود فرضت حصاراً عليهم ومنعت عنهم صهاريج الماء وإدخال الطعام ودخول زوارهم وضيوفهم، وتقوم باستفزاز شبابهم واعتقالهم لمساومة أهاليهم على الرحيل وإخلاء تلك المنطقة التي تصل مساحتها 51 مليون متر مربع لتصبح جزيرة مهجورة بين المملكة واليمن”، دون أن تقدم لهم مبرراً مقنعاً.
وأكدت القبائل في رسالتها رفضها “أي مزاعم بوجود خطر لأن بينهم وبين القبائل اليمنية المجاورة لهم اتفاقيات ومواثيق قديمة يحترمها كلا منهما، والحرب لم تصل لها لوعورة المنطقة ولكونها حصنا طبيعيا وأنها لن يستطيع أحد الدفاع عنها إلا أهلها وليس حرس الحدود المتورطون في الفساد او الجيش الذي لا يجيد القتال في الجبال”.
ويبدوا أن الوضع في المناطق الجنوبية من المملكة مرشح للانفجار، في ظل التصعيد الحاصل بين سلطات آل سعود وسكان المنطقة، لا سيما بعد فشل المفاوضات التي أجراها الأهالي مع القيادة العسكرية، والتهديد بسحب الجنسية ووثائق السفر من السكان، وقيام دوريات عسكرية بمنع أبناء المنطقة من العودة إلى منازلهم بالقوة.
وعلى الشبكات الاجتماعية لاقى قرار التهجير القسري الذي عمدت إليه سطات آل سعود الكثير من الانتقاد من المغردين السعوديين، وتداول الناشطون هشتاق #تهجير_قسري_لقبائل_جيزان، معبرين عن تضامنهم مع قبائل جيزان حيال الممارسات القمعية للنظام السعودي تجاهه
ولاشك أن عملية التهجير القسري الذي يمارسه آل سعود في حق قبائل الجنوب على الحدود مع اليمن، تأتي نتيجة عجز قوات آل سعود عن صد عمليات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، حيث تحاول الرياض احتواء تداعيات تقدم القوات اليمنية بعمليات إخلاء واسعة للمدن والقرى الواقعة على طول خط الحدود، ومحاولة التقليل من الانجاز اليمني بدعوى أن المناطق المسيطر عليها خالية من السكان، وليست ذات أهمية استراتيجية.