سجل النظام السعودي سقوطا فاضحا للمملكة ومكانتها التاريخية في قضايا المسلمين عبر مساندته جرائم الصين بحق أقلية الإيغور المسلمة ورفض إدانة انتهاكات بكين ضدهم في الأمم المتحدة.
وتقدمت السعودية بيانا موقعا من 62 دولة للدفاع عن الصين وانتهاكاتها في ظل تفضيل النظام السعودي مصالحه الاقتصادية عن مجرد استنكار ما تتعرض له أقلية الإيغور من اضطهاد وقمع ممنهج.
جاء ذلك بعد أن أدانت 43 دولة ممارسات الصين بحق مسلمي الإيغور وأقليات أخرى في منطقة شينجيانغ، وذلك في بيان موحد بالأمم المتحدة.
وأصبحت المواجهات بشأن أقلية الإيغور بين الصين والدول الغربية في الغالب، حدثاً معتاداً في كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، إلا أن بيان الدول الداعمة للصين ومنها العربية شكل حدثاً جديداً تحت سقف المنظمة الأممية.
وأعربت 43 دولة، في بيان قرأه سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة نيكولاس دي ريفيير أمام لجنة حقوق الإنسان بالجمعية العامة عن القلق بشأن تزايد “التقارير عن انتهاكات واسعة النطاق ومنهجية لحقوق الإنسان”، متهمة الصين باحتجاز أكثر من مليون شخص في معسكرات.
وقالت الدول في البيان إن الاتهامات بالانتهاكات تشمل “تقارير توثق التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية والمُهينة، أو التعقيم القسري والعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس وفصل الأطفال قسرياً عن ذويهم”.
من بين الدول الـ43: تركيا، الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، استراليا، النمسا، بلجيكا، بلغاريا، كندا، كرواتيا، التشيك، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، ألمانيا، هندوراس، إيطاليا، اليابان، هولندا، وإسبانيا، والسويد.
على الطرف الآخر، دافعت 62 دولة بينها 14 عربية عن الانتهاكات الصينية ضد أقلية الإيغور المسلمة، في بيان مضاد.
قالت هذه الدول في بيانها إنها “تعارض المزاعم التي لا أساس لها ضد الصين بدوافع سياسية قائمة على التضليل الإعلامي والتدخل في الشؤون الداخلية لذلك البلد بحجة حقوق الإنسان”.
وأكدت في البيان أنه “يجب على كل الدول الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والحياد والموضوعية”.
وأضاف البيان: “نحن نعارض تسييس حقوق الإنسان وازدواجية المعايير، كما نعارض المزاعم التي لا أساس لها ضد الصين بدوافع سياسية قائمة على التضليل الإعلامي والتدخل في الشؤون الداخلية للصين بحجة حقوق الإنسان”.
والدول العربية الـ 14 التي وقّعت على البيان المضاد هي: مصر، والسعودية، والجزائر، وتونس، والمغرب، والإمارات، وفلسطين، والعراق، ولبنان، وليبيا، والسودان، واليمن، وموريتانيا، والصومال.
كما وقعت عليه دول أخرى، منها: إيران وميانمار وباكستان وفنزويلا وبنغلاديش.
يشار إلى أن ميشيل باشليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تفاوض الصين من أجل السماح لها بزيارة شينجيانغ منذ سبتمبر/أيلول 2018. وأبلغت مجلس حقوق الإنسان في يونيو/حزيران 2021 بأنها تأمل في الاتفاق على شروط زيارة هذا العام لبحث تقارير الانتهاكات الجسيمة ضد مسلمي الإيغور.
وحثت أكثر من 40 دولة في مجلس حقوق الإنسان الصين في يونيو/حزيران على السماح لباشليت بالدخول فوراً.
ومنذ 1949، تسيطر بكين على إقليم “تركستان الشرقية”، الذي يعد موطن “الإيغور” المسلمين، وتطلق عليه اسم “شينجيانغ”، أي “الحدود الجديدة”.
وتشير إحصاءات رسمية إلى وجود 30 مليون مسلم في البلاد، 23 مليوناً منهم من الإيغور، فيما تؤكد تقارير غير رسمية أن أعداد المسلمين تناهز 100 مليون، أي نحو 9.5% من مجموع السكان.
وتقول منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان إنّ مليوناً على الأقلّ من الإيغور وغيرهم من المسلمين الناطقين بالتركية محتجزون في معسكرات في شينجيانغ، وتفرض الصين قيوداً مشدّدة على الوصول إلى هذه المنطقة الحساسة، ممّا يجعل الإبلاغ عن حالات والتحقّق منها شبه مستحيل.
لكنّ شهود عيان ونشطاء يقولون إنّ الصين تسعى إلى دمج الإيغور قسراً في ثقافة الهان الذين يشكلون غالبية سكان البلاد، وذلك عبر محاولتها القضاء على العادات الإسلامية بما في ذلك إجبار المسلمين على أكل لحم الخنزير وشرب الكحول، مع فرض نظام للعمل القسري.
غير أن الصين عادة ما تدعي أن المراكز التي يصفها المجتمع الدولي بـ”معسكرات اعتقال”، إنما هي “مراكز تدريب مهني” وترمي إلى “تطهير عقول المحتجزين فيها من الأفكار المتطرفة”.