تضرر اقتصاد المملكة الذي يعاني الأمرين أصلا، جراء هجوم الذي تعرضت له منشأتين تابعتين لشركة “أرامكو” الحكومية السبت الماضي في بقيق وخريص (شرق المملكة).
ومن المتوقع أن يتكبد اقتصاد المملكة خسائر بمبلغ 394 مليون دولار يومياً جراء هذا الهجوم وذلك بحساب فاقد إنتاج نفط “أرامكو” بعد الهجوم الذي تعرّضت له منشآتها، فيما لا يزال مبكرًا احتساب خسائر الاقتصاد المتشعّبة والتي لا يمكن إحصاؤها الآن.
وخسرت المملكة من إنتاجها يومياً 5.7 ملايين برميل من إجمالي إنتاج السعودية البالغ 9.8 ملايين برميل يومياً، بنسبة تصل إلى 50% من إنتاجها، وقرابة 6% من إمدادات الخام العالمية.
وباحتساب سعر البرميل المتداول اليوم بحدود 69 دولارًا، تكون الخزينة المملكة قد خسرت عمليًا إيرادات نفطية يومية تناهز 394 مليون دولار في اليوم، و3 مليارات و940 مليون دولار كل 10 أيام.
وإذا كان تصليح هذه الأعطال يحتاج إلى 6 أسابيع بأكثر السيناريوهات تفاؤلًا، فإن السعودية ستخسر في هذه الحالة 16 مليارًا و548 مليون دولار، إلا إذا صحّت التنبؤات بأن تستعيد المملكة فاقد إنتاجها خلال 3 أسابيع، وهي مهمّة صعبة، لتنحسر هذه الخسائر الإجمالية قليلًا.
يُضاف إلى ذلك خسائر هائلة في قطاع البتروكيماويات المرتبط بصناعة النفط مباشرة، وهذا ما عبّرت عنه “الشركة السعودية للصناعات الأساسية” (سابك)، أكبر شركة بتروكيماويات في المملكة، والتي مُنيت أسهمها بخسائر كبيرة، عن نقص في إمدادات اللقيم بنحو 49% عقب الهجوم على المنشآت. ووقعت في “الورطة” ذاتها شركات بتروكيماويات أُخرى، مثل “يُنبع” و”الوطنية للبتروكيماويات” و”كيان”.
تسبب الهجوم الذي استهدف منشأتين حيويتين تابعتين لشركة “أرامكو” السعودية في تكبد 10 خسائر أولية يتعرض لها اقتصاد المملكة، بعدما استهدفت الضربات قلب صناعة النفط من خلال استهداف أكبر منشأة لمعالجة البترول في العالم.
وفي حين تشير التوقعات إلى استغراق عودة الإمدادات إلى طبيعتها عدة أسابيع وربما أشهر، يذهب آخرون إلى أن توقف نصف إنتاج السعودية تقريبًا لأكثر من 6 أسابيع قد يدفع سعر برميل خام القياس الأوروبي العالمي “برنت” لتجاوز 75 دولاراً.
وفيما يلي رصد ل 10 خسائر أولية لاقتصاد المملكة تعصف بخطة ولي العهد محمد بن سلمان:
1- الخسائر المادية المباشرة التي لحقت بالمنشأتين، أبقيق وخريص، وتكاليف إطفاء الحريق وإعادة التشييد والتجهيز والتشغيل، وهي خسائر لا يمكن احتسابها حتى الآن، لأن الأضرار لم تُحصر بالكامل بعد. وفي السياق، نشرت شبكة “بلومبيرغ” الأميركية صورًا للمنشآت المتضررة لما قبل الهجوم وبعده على سبيل المقارنة.
2 – إطاحة طرح اكتتاب حصة 5% من “أرامكو” في الأسواق مجددًا بعد تأجيلات متكررة أفقدت المستثمرين الثقة برؤية ولي العهد محمد بن سلمان 2030، والذي تضرّرت مشاريعه الخيالية، أولًا من حملة الاعتقال الواسعة لمجموعة ضخمة من أفراد الأسرة الحاكمة ورجال الأعمال والمستثمرين، وثانيًا من التحقيقات التي أشارت إلى تورّطه في اغتيال الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول.
3 – أضرار مؤكدة قد تُنتجها توقعات وكالة “موديز” الأميركية العالمية للتصنيف الائتماني، بعدما صرّحت بأن هجمات الطائرات المسيرة على منشآت نفطية سعودية سيكون لها تأثير سلبي على التصنيف الائتماني، ما يعني كلفة أكبر على سندات الديون الحكومية ونفورًا أوسع نطاق من أصحاب رؤوس الأموال.
4 – إبراز الهجوم على المنشأتين ضعف السلطة السعودية في تأمين منشآتها الحيوية والاقتصادية، ما سينعكس زيادة في منسوب المخاطر التي سيضعها المستثمرون في الحسبان عند شراء أي أصول سعودية، وفي طليعتها في هذه المرحلة الاكتتاب المزمع في “أرامكو”.
5 – خفض إمدادات النفط العالمية بنحو 5.7 ملايين برميل من إجمالي إنتاج السعودية البالغ 9.8 ملايين برميل يومياً، ما يقارب 50% تقريبًا من إنتاج “أرامكو”، علمًا أن منشأة أبقيق تعالج خامات من حقول رئيسية تعتمد عليها المملكة في الإنتاج.
6 – إطلاق الدول المستوردة للنفط السعودية حملة لإيجاد بدائل استيرادية بعدما تكدّست الناقلات في الموانئ السعودية من دون جدوى، ما يعني تناقصًا في حضور المملكة على الساحة البترولية الدولية، علمًا أن الدول الآسيوية هي الأكثر اعتماداً على واردات النفط العربي، والسعودي تحديداً. وفي هذا الإطار، نشرت “بلومبيرغ” فيديو لأبرز مقاصد النفط السعودي.
7 – الزيادة المرتقبة في عجز الموازنة العامة السعودية، بسبب تناقص الصادرات فجأة بمقدار النصف على الأقل، رغم أن الخزينة ستعوّض جزءًا من فاقد الصادرات عبر استفادة السعودية من زيادة سعر البراميل التي تصدّرها في الأسواق العالمية، شرط أن تبقى قادرة على تأمين مسالك التصدير إلى زبائنها، وهذا طبعًا مرهون بعدم تدهور الأوضاع الأمنية والعسكرية في الخليج. هذا السيناريو يبقى قائمًا على هذا النحو في حال بقيت السعودية مصدّرًا للنفط ولم تتحوّل إلى مستورد كبير في ليلة وضحاها.
8 – تقلّص توقّعات نمو الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة تضرّر السعودية من شلل الصادرت وكذلك من عودة سعر البرميل إلى الانخفاض اليوم الثلاثاء بعدما حقق صعودًا قياسيًا يوم الإثنين بأعلى نسبة زيادة يومية منذ عام 1988، فقد انخفض خام برنت خلال تعاملات اليوم 0.4% إلى 68.72 دولارًا، وخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.9% إلى 62.33 دولارًا.
9 – خسائر كبيرة ضربت سوق الأسهم السعودية يوم الأحد، بخسارة مؤشرها العام 2.3%، ومحوه كل المكاسب التي حققها هذا العام، لينخفض نحو 18% من ذروة عام 2019 البالغة 9403 نقاط المسجلة في مايو/أيار الماضي. وواصل المؤشر خسائره إلى أن فقد اليوم الثلاثاء، 0.72% مسجلًا 7770.55 نقطة.
10- خسائر هائلة في قطاع البتروكيماويات المرتبط بصناعة النفط مباشرة. فقد أعلنت “الشركة السعودية للصناعات الأساسية” (سابك)، أكبر شركة بتروكيماويات في المملكة، والتي مُنيت أسهمها بخسائر كبيرة، عن نقص في إمدادات اللقيم بنحو 49% عقب الهجوم على المنشآت.
كما أعلنت شركات بتروكيماويات أُخرى، مثل “يُنبع” و”الوطنية للبتروكيماويات” و”كيان”، انخفاضًا كبيرًا لإمدادات اللقيم، فيما تذهب التوقعات الأكثر تفاؤلًا إلى أن كفاءة بعض الشركات تبلغ 50% حاليًا وستبقى كذلك خلال عشرة أيام منذ وقوع الهجوم.
ورغم إعلان المسؤولين السعوديين مساء اليوم عودة إمدادات البترول للسوق إلى ما كانت عليه صباح السبت الماضي، إلا أن ذلك يعني أنها ربما تلجأ إلى تأمين الإمدادات من المخازن، إذ من المستبعد استعادة فاقد الإنتاج بهذه السرعة.
وقال وزير الطاقة في نظام آل سعود، عبد العزيز بن سلمان في مؤتمر صحافي مساء أمس أن المعروض النفطي للمملكة عاد بالكامل بعد هجمات مطلع الأسبوع قلصت الإنتاج بمقدار النصف.
وذكر بن سلمان في مؤتمر صحافي في جدة إن المملكة ستصل بالطاقة إلى 11 مليون برميل يوميا بنهاية سبتمبر/أيلول وإلى 12 مليون برميل يوميا بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني.
وأوضح أن إنتاج النفط سيبلغ 9.89 ملايين برميل يوميا في أكتوبر/ تشرين الأول، وأن أكبر بلد مصدر للخام في العالم سيواصل إمداد عملائه بكميات كاملة في الشهر الحالي.
وفيما نقلت رويترز عن مصدر في “أرامكو” أن الشركة أعادت مليوني برميل يوميا من طاقة مجمعات المعالجة في بقيق، وأن العودة إلى المستويات العادية ستكون بنهاية سبتمبر/أيلول الجاري، قال رئيس مجلس إدارة أرامكو، ياسر الرميان، إن الطرح العام الأولي للشركة التزام حكومي، وسيستمر دون تغيير، وأنه سيكون خلال الاثني عشر شهرًا القادمة.
وأبلغت مصادر رويترز أن أرامكو تمضي قدماً هذا الأسبوع في اجتماعات مع مصرفيين بخصوص إدراجها المحلي المزمع، رغم تشكيك بعض المستثمرين والمحللين في أن تستطيع الآن الالتزام بإطاره الزمني بعد هجمات مطلع الأسبوع.