أعلنت سلطات آل سعود توقيف 45 شخصا على الأقل، بينهم 6 ضباط في الجيش والشرطة، إثر اتهامهم في قضايا فساد الذي يتم كشفه بمعدلات كبيرة في المملكة.
وقالت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (حكومية) إن الهيئة باشرت التحقيق في 889 قضية جنائية وتأديبية، أبرزها “شبهات فساد وتنفع واستغلال نفوذ وظيفة عامة”.
وأوضحت أنه تم توقيف 22 شخصا، بينهم 13 موظفا حكوميا و4 رجال أعمال و5 موظفين مقيمين، والتحفظ على مبالغ وممتلكات عقارية تخص المتهمين بقيمة حوالي 602 ملايين ريال (نحو 160 مليون دولار).
وفي قضية أخرى، أكدت الهيئة السعودية ذاتها، توقيف 4 ضباط جيش و5 موظفين في شركة متعاقدة مع وزارة الدفاع لتنفيذ بعض المشروعات في قاعدة عسكرية (لم تحدد موقعها)، لـ”قيامهم بتضمين محررات ووقائع غير صحيحة لإثبات إتمام أحد المشروعات”.
كما أوضحت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد أيضا، توقيف 14 شخصا، بينهم ضابطا شرطة، لاتهامهم بعدة اتهامات أبرزها “الاختلاس والرشوة ومخالفة القانون في عقود تجارية”.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت الرياض، إقالة قائد القوات المشتركة فهد بن تركي بن عبد العزيز وأمير منطقة الجوف عبد العزيز بن فهد بن تركي وإحالتهما للتحقيق في واقعة فساد في وزارة الدفاع.
وفي أكتوبر الجاري يحقق المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة والمحكمة الجزائية مع 8 قضاة ورئيس محكمة في إحدى المناطق بعد تعليق الحصانة القضائية عنه.
ووجهت النيابة العامة تهما بغسل أموال ورشوة، فيما يواجه قضاة آخرون تهما أخرى أمام الإدارة العامة للتحقيق والادعاء القضائي تتعلق بالإخلال بالواجبات الوظيفية واستغلال السلطة القضائية والغياب عن العمل دون عذر شرعي وتأخير معاملات.
وفي مارس/آذار 2018، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا ملكيا بالموافقة على إحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العام، وذلك “في إطار مكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله والمحافظة على المال العام”.
واعتبر الصحفي الأمريكي “بان هوبارد” مؤلف السيرة الذاتية لولى العهد محمد بن سلمان، الصادرة في خريف 2020، أن عنوان مكافحة الفساد ليس سوى تكأة الأمير الطائش لإقصاء خصومه السياسيين ومنافسيه على السلطة.
وذكر “هوبارد”، في سيرته، أن إقالة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لابن أخيه الأمير “فهد بن تركي عبد العزيز آل سعود”، قائد القوات المقاتلة في اليمن التابعة للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية، جاء بإيعاز من “بن سلمان”.
وتحت ذات اللافتة التي صفى بها العديد من خصومه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وتحديدا عندما اعتقل نحو 350 عضوا من النخبة الحاكمة (بينهم أمراء) وحبسهم في فندق ريتز كارلتون في الرياض، ثم أطلق سراح غالبيتهم عقب 15 أسبوعا، ولكن بعد دفع مبالغ مالية ضخمة.
وأشار إلى أن قرار إقالة الأمير فهد بن تركي استند إلى ما أُحيل من “بن سلمان” إلى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد للتحقيق فيما وصف بأنه “تعاملات مالية مشبوهة في وزارة الدفاع” السعودية، وهو ما يمكن أن يكون له ظل من الحقيقة.
وقال هوبارد: إن الفساد مستشر بين أفراد العائلة المالكة.
وضرب الصحفي الأمريكي مثالا باستعارة العديد من أعضاء العائلة الحاكمة أموالا من بنوك سعودية دون إعادة دفعها، واستيلاء أمراء – كمستشارين لمستثمرين أجانب – على قطع أرض مع المعرفة المسبقة بترخيصها كمساحات بناء، ثم بيعها بعد ارتفاع أسعارها والاستفادة من أرباحها.
ولفت إلى عمل أمراء آخرين كعرابين قانونيين لعمال أجانب، يأخذون منهم رواتب دون تقديم أية خدمات في المقابل.
ورغم تأكيد هوبارد أن سياسة “بن سلمان” في مكافحة الفساد لها قدر من النجاح، ساهم في تحسين صورة المملكة، وتقدمها على مؤشر رصد الفساد لمنظمة الشفافية الدولية (من المرتبة 75 عام 2017 إلى المرتبة 51 عام 2019)، إلا أنه أشار إلى تناقضين يشككان في مصداقيتها.
ويتمثل التناقض الأول، حسبما يرى الصحفي الأمريكي، في عدم شمول اعتقالات السلطات السعودية جميع أعضاء النخبة السياسية والاقتصادية المشتبه بهم بالفساد، فيما يتمثل الثاني في علامات الاستفهام العديدة حول مصادر ثروة “بن سلمان” نفسه.