إفادات للأمم المتحدة توثق تدهور حالة حقوق الإنسان في السعودية
قدمت منظمات حقوقية ثلاث إفادات إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، توثق تدهور حالة حقوق الإنسان في السعودية منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير لعام 2018.
وقالت منظمة القسط إن إفاداتها تشمل تقريرا مستقلا عن الاتجاهات العامة لحقوق الإنسان في السعودية، وتقريرين مشتركين يتطرقان لمجالات مواضيعية مثيرة للقلق بتعمق أكبر عن الحقوق الرقمية (مع منظمة أكسس ناو) وعقوبة الإعدام (مع منظمة ريبريف والمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان ومجموعة منَا لحقوق الإنسان ومبادرة الحرية وجمعية معا لمناهضة عقوبة الإعدام).
وتُبرز كل التقارير الثلاثة أنه رغم قبول السعودية رسميا العديد من التوصيات المقدَّمة من الدول الأعضاء بعد آخر استعراض دوري شامل لها، المعتمَدة في مارس 2019، فإن السلطات لم تنفّذ الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ، وبدلًا من ذلك واصلت حملتها القمعية القاسية على حقوق الإنسان والحريات.
ويُظهر التقرير الفردي للقسط كيف أن الوضع الحقوقي في السعودية في تدهور مستمر منذ الاستعراض الدوري الشامل الأخير، من خلال تنفيذ مزيد من الاعتقالات وإصدار أحكام غير مسبوقة بالسجن المطول ضد مواطنين كانوا يمارسون بسلمية حقهم في حرية التعبير.
واستمرار إساءة معاملة معتقلي الرأي، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق المقيمين، ولاسيما أبناء قبيلة الحويطات، في سياق خطط ضخمة للتنمية تدعمها الدولة مثل مشروع مدينة نيوم العملاقة.
ولايزال نظام الولاية القمعي قيد التطبيق، مقيدا حياة السعوديات، مع أن الحكومة قبلت رسميا توصيات الاستعراض الدوري الشامل بإلغائه.
وعلاوةً على ذلك، لم تتعاون السلطات السعودية بطريقة مجدية مع آليات حقوق الإنسان الدولية ولم تصادق بعد على المعاهدات الدولية التي وافقت على المصادقة عليها في الدورة السابقة للاستعراض الدوري الشامل.
وقالت لينا الهذلول، رئيسة قسم الرصد والمناصرة، في منظمة القسط لحقوق الإنسان: ” قطعت السلطات السعودية الكثير من الوعود لتنفيذ إصلاحات تقدمية إيجابية. ولكن حالة حقوق الإنسان عموما في البلد في تدهور مستمر، دون أملٍ في تحقيق العدالة لضحايا الانتهاكات التي ترتكبها الدولة، ودون مساءلة الجناة”.
ويركز التقرير المشترك، الذي أعدته القسط مع منظمة أكسس ناو، المقدم إلى الاستعراض الدوري الشامل على انتهاكات الحقوق الرقمية.
ويصف الإطارَ القانوني القمعي والقوانينَ القاسية في السعودية، مثل نظام مكافحة جرائم المعلوماتية ونظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، المستخدمة لمقاضاة الصحفيين والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم على خلفية المحتوى الذي ينشرونه على الإنترنت.
ويسلط الضوء على قضايا رمزية مثل المؤيدتان لحقوق المرأة سلمى الشهاب ونورة بنت سعيد القحطاني، والويكيبيديَين السعوديَين أسامة خالد وزياد السفياني.
ويرصد التقرير أيضا انتهاكات الحق في الخصوصية، ويعرب عن بالغ القلق إزاء استخدام السعودية الاعتداءات ذات الصلة بالمراقبة المحددة الهدف عن طريق استخدام برامج التجسس مثل بيغاسوس.
وعلق أيمن الزغدودي، مستشار السياسات الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى أكسس ناو قائلا: “من الواضح أن السلطات السعودية تفتقر إلى الإرادة السياسية لتحسين سجلها الحقوقي”.
وقال إن رفض السعودية المستمر لطلبات العديد من المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة لإجراء زيارة قُطرية، مقترنا بإعمالها قوانين تتعارض مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، واعتداءاتها على المدونين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتخويفهم، كلها أمور تُحدث مجتمعةً مناخا من الخوف وانعدام الأمن”.
ويقدّم التقرير الذي تقدّمت به القسط بالاشتراك مع ريبريف، إلى جانب شركاء آخرين، بيانات تجريبية جُمعت من خلال تحقيقاتها القائمة على بحث دقيق في عقوبة الإعدام في السعودية، فضلا عن نتائج رصدها لعمليات الإعدام في المملكة ودراسة الحالات الفردية المستمرة.
ويُظهر، على سبيل المثال، أن المعدل السنوي لعمليات الإعدام تضاعف تقريبا منذ تولي الملك سلمان السلطة في عام 2015، رغم وعود الإصلاح التي قُطعت ردا على آخر دورتين للاستعراض الدوري الشامل.
ويتواصل استخدام نظام مكافحة الإرهاب القمعي لإصدار أحكام الإعدام ضد المعارضين السلميين، وتصدر أحكام الإعدام في كثير من الأحيان بعد قبول الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كدليل.
وقالت دعاء دهيني، وهي باحثة/مكلفة بقضايا الأفراد في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: ” لم تنفّذ السعودية التعهدات التي قطعتها أثناء الاستعراض الدوري الشامل السابق الذي شملها”.
وأضافت “مع أن الحكومة تفاخرت علنًا بإنجاز إصلاحات حقوقية على مدى السنوات القليلة الماضية، إلا أن إجراءاتها تعكس قصة مختلفة. ولايزال القصّر عرضةً لخطر الإعدام، ويجري إعدام الأفراد مجددا على خلفية قضايا المخدرات، على عكس الوعود التي صرحت بها السلطات”.
وتابعت “لهذا السبب، يظل الرصد الدقيق لحقوق الإنسان وتبادل المعلومات الموثقة أمرا مهما للغاية قبل انعقاد الدورة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل للسعودية في يناير 2024”.