صرفت الحكومة السعودية مليارات تحت ستار تنشيط السياحة في المملكة وجذب السياح الأجانب لكن الأرقام الرسمية المسجلة تعكس الفشل الهائل وتبخر الميزانيات دون نتيجة فعلية.
وعلى الرغم من الدعاية الحكومية المتواصلة لخطط تنشيط قطاع السياحة في المملكة، فإن نتائج صادمة يمكن رصدها تؤكد الفشل المدوّي الذي أصاب هذا القطاع منذ إطلاق رؤية 2030.
وقد حاولت وزارة السياحة الترويج لنمو قطاعها بعد نشر بيانات النصف الأول من 2023 ووصول عدد السياح الإجمالي لـ 53.6 مليون سائح.
ولأن نشر الأرقام بهذه الطريقة العامة فيه تزييف للحقائق، لا بد من التفصيل لنبرهن أن قطاع السياحة لم يفشل في النمو فحسب بل تراجع عما كان عليه قبل إطلاق الرؤية
بداية ولزيادة أرقام السياح، اعتبرت وزارة السياحة كل زائر (محلي أو وافد أو مغادر) تضمنت رحلته المبيت ليلة واحدة على الأقل بمثابة “سائح”.
وبهذا فكل من يزور مدينة لمراجعة جهة حكومية فهو سائح، ومن يزور أقرباءه هو سائح، ومن يبيت ليلة أثناء سفره فهو سائح، ومع ذلك هل نمت السياحة؟!
مقارنة بين عامي 2015 قبل إطلاق الرؤية وعام 2022، تبيّن بوضوح أن لا شيء تحقّق في نموّ القطاع السياحي.
فما خلا نموّ أعداد السياحة المحلية داخل المملكة، فإن أرقام السياحة الخارجية “الوافدة والمغادرة” والتي روّجت لها الحكومة قد شهدت تراجعًا عمّا كانت عليه في 2015 قبل إطلاق الرؤية.
السياحة الوافدة كانت في 2015 قبل رؤية 2030 حوالي 17.99 مليون سائح، لتهبط إلى 16.64 مليون سائح في 2022.
أما السياحة المغادرة فهبطت هي الأخرى، حيث كانت في 2015 قبل رؤية 2030 حوالي 20.82 مليون سائح، لتصل إلى 16.88 مليون سائح في 2022.
والسياحة الوحيدة التي حقّقت “نموًّا” هي السياحة المحلية حيث كانت في 2015 حوالي 46.45 مليون سائح، لتصل لـ 77.84 مليون سائح في 2022.
وسبب هذا “النمو” إدراج السفر للعمل وزيارة الأقارب ضمن تصنيف “السياحة” فأصبح المواطن والمقيم يُعتبر سائحًا حتى لو سافر لإجراء عملية أو تلقّي العلاج.
ولو فصّلنا في الأرقام أكثر… فإن مكة المكرمة هي الوجهة الأولى للزيارات في المملكة في 2022، إذ شكّلت لوحدها 52% من نسبة الزوار في كافة أنحاء المملكة وإذا أضفنا لها زيارات المدينة المنورة لقاربت نسبة الزوار لغرض الحج والعمرة ثلثي أرقام السياح تقريبًا!
أهداف الزيارات بعيدة كل البعد هي الأخرى عمّا تروّج له الحكومة.
فإحصائية الأشهر التسع الأولى من 2022 تشير بأن حوالي 42% من أهداف “السياحة الخارجية” كانت لغرض زيارة الاقارب والأصدقاء، و33% تقريبًا لغرض الحج والعمرة، فيما شكّلت نسبة القادمين للترفيه نسبة 10% فقط من مجمل السياح.
وبنظرة لجنسيات الدول الزائرة نرى دولًا خليجية كالكويت والبحرين وعربية كمصر وأخرى إسلامية كإندونيسيا أو ذات جاليات عاملة كبرى كباكستان والهند صدارة الدول التي زار مواطنوها المملكة.
وتؤكد الأسباب التي جاؤوا من أجلها بين زيارة الأهل أو العمرة والحج أو العمل وليس للترفيه أو السياحة.
ويؤكد مراقبون متخصصون أن تراجع نمو السياحة الخارجية بين عامي 2015 و2022 يمثّل فشلًا حكوميًا جديدًا ضمن رؤية 2030.
ويتساءل هؤلاء “كم هي المليارات التي هدرتها الحكومة لتنمية قطاع السياحة واستقطاب السياح الأجانب، وكم هي المشاريع التي أطلقتها؟ مع ذلك تناقصت أعداد السياح، ومن يحاسب الحكومة على إخفاقاتها المتكررة؟.