دفع نظام آل سعود النيابة العامة لإعلان تبرئة المستشار السابق بالديوان الملكي سعود القحطاني في قضية مقتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي رغم أن النيابة نفسها كانت أدانته بعد شهر ونصف تقريبا من وقوع الجريمة.
في 15 تشرين أول/نوفمبر عام 2018 صرح مساعد النائب العام شلعان بن شلعان بأن القحطاني كان له دورا “تنسيقيا” في جريمة قتل خاشقجي.
وردا على سؤال مفاده: “تردد في وسائل الإعلام عن دور المستشار بالديوان الملكي، سعود القحطاني في هذه القضية، ما هو دوره في هذه القضية؟ وهل تم إحالته للتحقيق؟” قال الشعلان في حينه “تبين من التحقيقات الجارية إلى تاريخه أن دور المستشار السابق، يتمثل في التنسيق من قبل نائب رئيس الاستخبارات العامة في طلب الانضمام قائد مجموعة التفاوض وهو من كان يعمل معه”.
وأضاف “كذلك طلب المستشار السابق الالتقاء بالفريق ومجموعة التفاوض وذلك ليطلعهم على بعض المعلومات التي قد تفيدهم في هذه المهمة بحكم تخصصه الإعلامي واعتقادا منه أن المجني عليه رحمه الله تلقفته بعض المنظمات المعادية للمملكة وأن إعادته للمملكة يعد نجاحا كبيرا لهذه المهمة، علما أن المستشار السابق قد تم منعه من السفر وهو رهن التحقيق”.
وفي مؤتمر اليوم أعلنت النيابة العامة عن تبرئة سعود القحطاني والقنصل في إسطنبول (محمد العتيبي) واللواء أحمد عسيري (النائب السابق لمدير الاستخبارات) لم توجه لهم أي اتهامات وتم الإفراج عنهم.
وأقيل سعود القحطاني الذي يعتبر الذراع اليمنى لمحمد بن سلمان، من منصب مستشار بالديوان الملكي، وكان يعتبر أكبر شخصية ضالعة في جريمة قتل خاشقجي.
وبدأ القحطاني العمل بالديوان الملكي في عهد الملك الراحل عبد الله، وترقى حتى أصبح كاتم أسرار في الدائرة المقربة لمحمد بن سلمان.
وقالت مصادر تربطها صلات بالديوان الملكي إنه كان يتحدث كثيرا نيابة عن ولي العهد وكان يصدر أوامر مباشرة لمسؤولين كبار بينهم مسؤولون في أجهزة الأمن.
وبحسب مصادر قريبة من خاشقجي والحكومة، حاول القحطاني استمالة الصحفي ليعود إلى المملكة بعدما انتقل إلى واشنطن قبل عام خشية التعرض لأعمال انتقامية بسبب آرائه.
واستخدم القحطاني تويتر لمهاجمة الانتقادات الموجهة للمملكة بشكل عام وللأمير محمد بشكل خاص. وأدار مجموعة على تطبيق واتساب مع رؤساء تحرير صحف محلية ليملي عليهم نهج الديوان الملكي.
وفي سلسلة تغريدات على تويتر في أغسطس آب 2017 طالب القحطاني متابعيه بالإشارة إلى حسابات لضمها إلى قائمة سوداء لمراقبتها، وكتب يقول “وتعتقد أني أقدح من رأسي دون توجيه؟ أنا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي الملك وسمو سيدي ولي العهد الأمين”.
وقال المسؤول السعودي إن القحطاني خول مطرب بتنفيذ تفاوض على عودة خاشقجي إلى المملكة. وقال مكتب النائب العام إن أمرا صدر بمنع القحطاني من السفر لحين استكمال التحقيق لكن مصادر من منطقة الخليج قالت لرويترز إنه حر طليق ويواصل عمله بشكل سري.
ويذكر أن الملك سلمان بن عبد العزيز، أصدر أمرا ملكيا بإعفاء القحطاني، وسط سلسلة أوامر ملكية في إطار التحقيقات في قضية الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقد رفضت الأمم المتحدة وأطراف دولية الأحكام الصادرة عن نظام آل سعود بشأن تبرئة قتلة خاشقجي.
وغردت المقررة الأممية الخاصة أنييس كالامار منتقدة تبرئة مسؤولين من جريمة اغتيال الصحفي، واصفة الأحكام الصادرة اليوم بأنها “مثيرة للسخرية”.
وقالت كالامار، في تغريدة عبر حسابها على تويتر: “تم الحكم بإعدام منفذي عملية القتل، لكن العقول المدبرة لم يمسها التحقيق أو المحاكمة، وهذا يتنافى مع العدالة.. وأمر يدعو للسخرية”.
وأضافت: “قال المتهمون مرارًا إنهم يطيعون الأوامر. وصرح المدعي العام (السعودي) علناً بأن سعود القحطاني، مستشار ولي العهد الشخصي، طالب باختطاف جمال خاشقجي (على أساس أنه كان يمثل تهديدًا للأمن القومي). ومع ذلك، لا يزال حرا”.
وتابعت: “عادة ما يكشف الإفلات من العقاب بعد قتل صحافي ما عن القمع السياسي والفساد وإساءة استخدام السلطة والدعاية، وحتى التواطؤ الدولي. وجميع هذه الأمور حاضرة في قتل السعودية لجمال خاشقجي”.
وأردفت: “لقد قام المسؤولون السعوديون الثمانية عشر، الذين حضروا بمفردهم في القنصلية السعودية في اسطنبول لأكثر من 10 أيام، بتنظيف مسرح الجريمة. وهذا عائق أمام العدالة وانتهاك لبروتوكول مينيسوتا للتحقيق في أعمال القتل التعسفي”.
وأشارت: “بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، كان مقتل السيد خاشقجي بمثابة إعدام خارج نطاق القضاء وتتحمل دولة السعودية المسؤولية عنه. لكن لم تنظر المحكمة في أي وقت من الأوقات في مسؤوليات الدولة”.
وقالت: “إن قتل خاشقجي كان يتطلب إجراء تحقيق في سلسلة القيادة للتعرف على العقول المدبرة، وكذلك أولئك الذين حرضوا أو سمحوا أو غضّوا الطرف عن القتل، مثل ولي العهد (محمد بن سلمان) وهذا لم يتم التحقيق فيه”.
وأضافت: “يبدو أن القاضي قد خلص إلى أن قتل السيد خاشقجي كان عرضيا لأنه لا يبدو أن هناك نية”.
وخلصت للقول: “لكن وجود طبيب شرعي مسجل في فريق القتل الرسمي قبل 24 ساعة على الأقل من الجريمة، ومناقشة تقطيع الجثة قبل ساعتين من وقوعها بالفعل، يشيران بوضوح إلى التخطيط”.