كشفت تسريبات عن أن نظام آل سعود طلب من الإدارات الحكومية تقديم مقترحات لخفض ميزانياتها نحو الثلث، في خطوات تقشف جديدة لمواجهة الانخفاض الحاد في أسعار النفط.
وذكرت وكالة “رويترز” العالمية للأنباء أن الطلب أُرسل قبل أكثر من أسبوع، بسبب المخاوف بشأن تأثير فيروس كورونا على أسواق الخام، وقبل انهيار اتفاق خفض الإنتاج بين أوبك وحلفائها يوم الجمعة.
وقال أحد المصادر إنه عند إرسال الطلبات الخاصة بالميزانية، كان المسؤولون السعوديون يتوقعون مفاوضات صعبة مع روسيا بخصوص الحاجة لتعميق تخفيضات الإنتاج من أجل استقرار الأسواق، ورفضت موسكو الاقتراح لتشتعل حرب أسعار في سوق النفط بين البلدين وتهوي أسعار الخام.
وأكد مصدر آخر أن “سوق النفط كانت منخفضة بالفعل بسبب تأثير فيروس كورونا على الطلب في الصين، وإلى جانب ذلك كانت هناك اتصالات على المستوى السيادي (السعودي) ولم يكن الروس إيجابيين”.
وأرسلت وزارة المالية توجيهات للإدارات الحكومية بتقديم مقترحات لخفض بين 20 و30 في المائة (نحو الثلث) في ميزانياتها للعام 2020.
وقال أحد المصادر إن وزارة الخارجية نفذت بالفعل خفضا بنسبة 20 في المائة، مضيفا أن التخفيضات لن تؤثر على الأجور بل على المشروعات التي يمكن تأجيلها والعقود التي لم تتم ترسيتها بعد.
وقال صندوق النقد الدولي إن الرياض تحتاج لسعر 80 دولارا للبرميل لضبط ميزانية 2020، التي يبلغ العجز المقدر فيها 187 مليار ريال (50 مليار دولار)، وهو العجز المسجل للعام السادس على التوالي، ما يشير إلى زيادة اللجوء إلى الاقتراض والسحب من الاحتياطي النقدي للإنفاق، وتحفيز الاقتصاد المتباطئ بفعل انخفاض أسعار النفط.
وبلغ الدين العام للمملكة 678 مليار ريال (181 مليار دولار) حتى نهاية 2019، يشكل 24% من الناتج المحلي.
ويعاني اقتصاد المملكة من انحسار شديد في معدلات النمو بفعل تقلص القطاع النفطي بشكل حاد وفشل سياسات نظام آل سعود وفساد رموزه.
وأظهرت بيانات رسمية نمو اقتصاد المملكة 0.3% في العام 2019، وهو ما جاء دون التوقعات، بسبب تقلص القطاع النفطي بشكل حاد.
ونما القطاع غير النفطي 3.3 بالمائة بالأسعار الحقيقية العام الماضي، وفقا للأرقام الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، وهو أعلى معدل منذ 2014.
وجاء الناتج المحلي الإجمالي أقل من مستوى 0.9 بالمائة الذي توقعته السعودية رسميا، بينما تراجع القطاع النفطي 3.6 بالمائة، وقالت الهيئة إن التوسع في القطاع غير النفطي كان مدفوعا بالأساس بالنمو في القطاع الخاص الذي بلغ 3.8 بالمائة.
وأظهرت البيانات تراجع صادرات السعودية 10.4 بالمائة على أساس سنوي، بسبب انخفاض صادرات النفط 14 بالمائة.
وفي 2019، كانت قطاعات المال والتأمين وخدمات الشركات وتجارة التجزئة والمطاعم والفنادق من بين الأنشطة التي شهدت أعلى معدل نمو، تماشيا مع اهتمام الحكومة بالاستثمار في مجالات مثل السياحة والترفيه، وانكمش قطاعا الطاقة والصناعة.
وكان محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) أحمد الخليفي، قد قال الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي سيدعم النمو الاقتصادي للمملكة هذا العام، رغم معاناته التي قد تتفاقم بفعل انتشار فيروس كورونا عالميا.
وقررت المملكة الأسبوع الماضي، تعليق دخول الأجانب لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي، وحمَلة التأشيرات السياحية القادمين من 25 دولة على الأقل ظهر فيها فيروس كورونا المستجد.
والحج والعمرة مصدر إيرادات مهم للمملكة، وهما العمود الفقري لخطط زيادة أعداد الزائرين في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي الطموح لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وقال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، إن آثار قيود السفر على الاقتصاد السعودي قد تكون “كبيرة”، إذ يسهم قطاع السياحة بعشرة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي، وفقا للمجلس العالمي للسفر والسياحة.
وأضاف “الضربة التي (قد) يتعرض لها الاقتصاد بسبب قيود السفر هذه، إلى جانب التهديد المستمر لتخفيضات إنتاج النفط الجديدة، تعني أن توقعاتنا… تحفها المخاطر بقوة”.
يأتي ذلك فيما تكبدت البورصات الخليجية خسائر فادحة قاربت 76 مليار دولار، خلال تعاملات اليوم، الذي وصفه محللون بـ”الأحد الأسود”، حيث انهارت المؤشرات في جميع الأسواق وتدافع المستثمرون نحو البيع العشوائي، في محاولة للفرار بما لديهم من أموال، خوفا من اتساع نطاق الأضرار التي يخلفها فيروس كورونا الجديد بعد انتشاره سريعا في دول الخليج.
واتشحت شاشات التداول في أسواق المملكة والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان والكويت باللون الأحمر، حيث تكبدت بورصة الكويت أكبر الخسائر من حيث النقاط، بعد أن هوى مؤشرها الأول بنسبة 10.98 في المائة، مع تراجع أسهم بنك الكويت الوطني بنسبة 14.5 في المائة.
وهبط المؤشر العام لسوق المملكة 3.71 في المائة، وتراجع المؤشر العام لسوق دبي المالي بنسبة 4.49 في المائة، وأبوظبي 3.62 في المائة، والبحرين 3.37 في المائة، وسوق مسقط 1.2 في المائة.
وسجلت بورصة المملكة أكبر الخسائر من حيث القيمة السوقية، حيث تكبدت 214 مليار ريال (57 مليار دولار)، حيث تراجعت القيمة السوقية للأسهم المدرجة إلى 8.21 تريليونات ريال، مقابل 8.43 مليارات ريال في الجلسة السابقة، الخميس الماضي.
وكان تقرير أعدته شركة الاستثمارات الدولية، ومقرها الكويت، قد أظهر أن خسائر بورصات الخليج، خلال فبراير/شباط الماضي، بلغت نحو 150 مليار دولار، كان النصيب الأكبر منها لسوق المملكة بنحو 82 مليار دولار.