رصد تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية تغييرات صادمة داخل المملكة ضمن انقلاب ولي العهد محمد بن سلمان على قيم المجتمع السعودي المحافظة.
ورصد التقرير أن تدخين النساء للشيشة والسجائر بات مشهدا مألوفا ومسموحا به في كثير من الأماكن العامة في المملكة، وهو أمر لم يكن من الممكن تخيله قبل أشهر قليلة.
وذكر التقرير أن المملكة أجرت “تغييرات اجتماعيّة مهمّة” يقودها بن سلمان، أبرزها رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيّارات، وإعادة فتح دور السينما والسماح بإقامة حفلات غنائية صاخبة وحتى غض النظر عن إبقاء المتاجر أبوابها مفتوحة في أوقات الصلاة.
وبحسب التقرير “تشهد البلاد انفتاحا اجتماعيا وثقافيا غير مسبوق يتوسع شهرا بعد شهر بصمت، لعل أبرز سماته وضع حد للحظر على الاختلاط بين الرجال والنساء في مجتمع محافظ الى حد كبير”.
لكن التقرير أبرز أن المملكة لا تزال تواجه اتهامات من منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان بقمع ناشطات قدن لسنوات حراكا يدعو لتغيير وضع النساء في المملكة.
وأشار إلى أن الكثير من النساء أصبحن يجاهرن بالتدخين. وتشكّل النساء قرابة نصف سكان المجتمع السعودي البالغ عددهم نحو 21 مليونا، حسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عام 2018.
و65% من طالبات المدارس الثانوية السعودية مدخنات بشكل سري، حسب دراسة أجرتها كلية الطب في جامعة الملك عبد العزيز السعودية في العام 2015 ونشرتها صحيفة “عرب نيوز” المحلية الصادرة بالإنكليزية.
ونقلت الصحيفة عن دراسة مماثلة أنّ المملكة تحل في المرتبة الثانية في الخليج والخامسة في العالم من حيث عدد المدخنات.
وبحسب التقرير بات من الممكن حاليا مشاهدة امرأة سعودية تقود سيارتها في الشارع ودخان السجائر يعبق داخل مركبتها.
ويقول نادل لبناني يعمل في مقهى راق في شمال الرياض “معظم زبائننا من النساء يطلبن الشيشة. كثيرات يترددن على المكان بانتظام فقط لتدخينها”.
ويضيف ضاحكا “هذا أمر لم يكن من الممكن تخيله مطلقا قبل ثلاثة أشهر فقط”.
ومن ضمن حوالى 15 طاولة في المكان، شغلت نساء حوالى خمس طاولات على الأقل. وقد أمسكت معظمهن بخراطيم الشيشة ذات المبسم الملون، فيما سحب الدخان البيضاء تحوم فوق عباءاتهن السوداء.
وبات من المألوف رؤية نساء يتجولن بلا عباءة أو طاولات لعائلات الى جانب أخرى لشباب في المطاعم والمقاهي أو مناطق ترفيه مختلطة.
لكن في حزيران/يونيو 2018 وقبل ساعات من الإلغاء التاريخي للحظر الذي كان مفروضا على قيادة النساء للسيارات، أوقفت السلطات نحو 12 ناشطة على الأقل اعتقلت معظمهن في حملة واسعة. ووجهت السلطات لهن اتهامات بالعمالة لجهات أجنبية.
واتهم العديد منهن المحققين بالتعذيب والتحرش الجنسي بهن اثناء احتجازهن ومنهن الناشطة لجين الهذلول، حسب منظمات حقوقية دولية. وهو ما تنفيه السلطات السعودية تماما.
ويرى وليد الهذلول، شقيق لجين، أنه “لا شك أنّ على المستوى الشخصي هنالك حرية، لكن الهدف من السماح بالقيادة وغيرها من الإصلاحات المرتبطة بالمرأة هو حملة علاقات عامة” لتحسين صورة المملكة في ملف حقوق الإنسان.
ويتابع أن “اعتقال (الناشطات) وشيطنتهن هو أكبر دليل على ذلك حتى لا يُنسب فضل (الإصلاحات) للناشطات”.
إلى ذلك أبرز تقرير الوكالة الفرنسية انتشار مظاهر “الحب والمواعدة” في المجتمع السعودي بعد انحسار دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتعليمات من بن سلمان.
ونبه التقرير إلى تقلّص صلاحيات الهيئة التي كانت تعتبر بمثابة شرطة دينية، ويلاحظ اختلاط غير مسبوق بين الجنسين، ويلتقي الشباب والفتيات في المقاهي والمطاعم علنا.
ويبحث الشباب عن صداقات من الجنس الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا “تويتر” و”سنابتشات”، وتطبيقات مثل “سوورم” المخصص لتسجيل الأماكن التي يزورها مستخدمي التطبيق، لكنها باتت تستخدم غالبا لتنسيق المواعيد.
لكن رغم التغييرات الاجتماعية، تبقى العلاقات ما قبل الزواج بمثابة حقل ألغام في بلد يطبق الشريعة الإسلامية ويشرف فيه الرجال على اختيار الأزواج لبناتهم وقريباتهم.