يشكل تفرد ولي العهد محمد بن سلمان وغياب أي رقابة شعبية أو برلمانية على قراراته خطرا هائلا على تبديد متدرج لمقدرات وثروات السعودية.
ويشكل صندوق الاستثمارات السعودي مثالا مباشرا في ظل ما يشهده من تراجع وبيع مستمر لما يملكه من أصول.
وأوردت وكالة “رويترز” للأنباء أن صندوق الاستثمارات العامة يدرس بيع جزء من حصته في شركة الاتصالات السعودية “إس تي سي”.
وأوضحت الوكالة نقلا عن مصادر أن صندوق الاستثمارات العامة عيّن بنك جولدمان ساكس والأهلي كابيتال لترتيب الصفقة.
ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة 70% من رأس مال شركة الاتصالات السعودية بما يعادل 1400 مليون سهم.
ويشغل بن سلمان منصب رئيس صندوق الاستثمارات ولم يترك صندوقا سياديا أو شركة أو مالا إلا وأخضعه تحت سيادته؛ بشكل يعكس عقلية الحاكم المستبد.
غير أن هذه الاندماجات والخطط غير المدروسة تزيد من مخاطر فشل رؤية 2030 التي أطلقها بن سلمان لتنويع مصادر الدخل في المملكة.
وأعلن بن سلمان قبل ست سنوات عن رؤية 2030 الهادفة إلى تنويع موارد الاقتصاد المعتمد تماماً على النفط
والآن توصف أحدث خطة اقتصادية كشف عنها بأنها عالية الطموح لكنها لا تخلو من مخاطر عالية.
وتقوم الخطة على تخفيض الأرباح التي تدفعها الشركات الكبرى للموازنة العامة للمملكة في مقابل توجيه تلك الشركات.
وعلى رأسها عملاق النفط أرامكو وشركة سابك جزءاً من أرباحها نحو المساهمة في مشاريع البنية التحتية وغيرها من المشاريع في الداخل السعودي بغرض خلق مزيد من فرص العمل.
ضغوطات مالية
يعتبر صندوق الاستثمارات العامة حجر الزاوية في تحقيق رؤية التنويع الاقتصادي التي تبناها ولي العهد، والمعروفة برؤية 2030.
وبالتالي فإن الصندوق سيكون على الأرجح الوجهة التي تتولى الإشراف على تلك الخطة الاقتصادية الجديدة.
إذا كانت الميزانية – التي بلغ عجزها 12% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي- مضغوطة بسبب انخفاض مدفوعات أرباح الشركات السعودية،
فقد يكون صندوق الثروة السيادي البالغة قيمته حالياً 400 مليار دولار قادراً على تعويض هذا الركود، بعد أن ساهم ارتفاع أسعار النفط في إنعاشه مقارنة بالعام الماضي.
فقد كانت السعودية تمتلك عدداً من الصناديق السيادية، تم دمج أغلبها تحت إدارة صندوق الاستثمارات العامة الذي انخفض حجم الأصول التي يديرها العام الماضي إلى 320 مليار دولار كان يحتل بها المركز الرابع خليجياً، والحادي عشر عالمياً، ويرأس مجلس إدارته ولي العهد.
وتم ضخ عائدات بيع جزء من أسهم شركة أرامكو من خلال الإدراج في البورصة السعودية أواخر العام الماضي في صندوق الاستثمارات العامة، الذي يتولى تمويل المشاريع الاستراتيجية في المملكة.
إضافة إلى الاستثمارات المباشرة في الخارج، وعلى المستوى المحلي يتولى الصندوق إدارة المشاريع الثلاثة الرئيسية لرؤية 2030: مدينة نيوم بقيمة 500 مليار دولار، ومدينة الترفيه، ومشروع البحر الأحمر السياحي.
مخاطر عالية
لكن تصاحب تلك الخطة الاقتصادية الجديدة لولي العهد مخاطر كبيرة رغم ما تحمله من طموح واعد.
ففي حين أنها قد تساعد في تعزيز الاستثمار، فقد تضر أيضاً بأموال الحكومة.
وتتمثل التأثيرات المحتملة لهذه الخطة على الميزانية والاقتصاد، الذي تضرر بشدة العام الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط.
شعارات النمو تكذبها طلبات القروض المستمرة
دأب محمد بن سلمان على الترويج لتحقيق معدلات نمو لصندوق الاستثمارات العامة الأمر الذي يكذبه حقائق طلبات القروض المستمرة.
وفي أحدث طلبات القروض، يعتزم صندوق الاستثمارات جمع 10 مليارات دولار من خلال قرض متجدد لتدبير سيولة إضافية لتمويل ما يخطط له.
والصندوق هو محرك خطط بن سلمان للتحول الاقتصادي المزعوم في السعودية، ويدير محفظة قيمتها 400 مليار دولار.
وقد زاد مدى قدراته عن طريق عدة مصادر تمويل في السنوات الأخيرة.
وقالت المصادر لوكالة “رويترز” إن الصندوق يجمع القرض الجديد من أجل الأغراض العامة له.
ويجري الصندوق محادثات مع بنوك منذ العام الماضي بشأن تسهيل قرض.
وهو ثالث دين من نوعه يجمعه منذ 2018، والذي كان يستهدف في البداية أن يكون بسبعة مليارات دولار.
وقال أحد المصادر إن الصندوق قد يجمع ما بين 13 مليار دولار و15 مليار دولار من خلال القرض المتجدد لأجل عام.
والذي تقول المصادر إن البنوك يمكن أن تجدده أربع مرات.
وسيرفع ذلك إجمالي ما جمعه من الديون المصرفية حتى الآن إلى أكثر من 30 مليار دولار.
وذلك بعد قرضين بقيمة 11 مليار دولار وعشرة مليارات دولار جمعهما في السنوات الأخيرة.
يشار إلى أن القرض المتجدد هو قرض يمكن سحبه وتسديده وسحبه مجددا خلال فترة الإقراض المتفق عليها.