أبرز نشطاء ومغردون تبخر تعهدات محمد بن سلمان ضد إيران في تكريس للفشل الذريع لولي العهد في إدارة الملفات السياسية والعلاقات الإقليمية للمملكة.
ونبه المغردون إلى تصريح محمد بن سلمان عقب توليه منصب ولي العهد عام 2017 برفضه إقامة علاقات مع إيران عبر تصريحه الشهير “كيف اتصالح مع نظام مثل هذا ! سننقل المعركة في الداخل”.
ونبه المغردون إلى مضي ستة أعوام على تعهدات محمد بن سلمان والنتيجة زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة واضطراره للتصالح معها في أحد أبرز الملفات التي فشل في إدارتها النظام.
وأعلنت السعودية وإيران الجمعة في بيان ثلاثي مع الصين، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” (رسمية) البيان، الذي قال إنه “جرت مباحثات في بكين، خلال الفترة من 6 إلى 10 مارس/آذار الجاري، بين وفدي السعودية وإيران والتوصل إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران”.
وأصبح محمد بن سلمان يمشي على حبل مشدود ويحاول إجراء موازنات في علاقات بلاده الخارجية قد تكون هي الأصعب في حياته العملية الآن.
بهذه العبارة علق تحليل نشره موقع “أوراسيا ريفيو” على إعلان السعودية وإيران، ، عن إعادة العلاقات الدبلوماسية والأمنية بينهما، بعد وساطة ورعاية من الصين.
واعتبر التحليل أن التطور المفاجئ بإبرام صفقة لعودة العلاقات السعودية الإيرانية، بدعم من الصين، كان بمثابة هدية من كلا البلدين لبكين، ومثالا نادرا على نجاح جهود الصين في الوساطة بأزمات إقليمية ودولية ملحة.
ويعتبر التحليل أن الإعلان عن عودة العلاقات بين السعودية وإيران لا ينبغي أن ينفصل عن أنباء العرض السعودي للتطبيع مع إسرائيل، مقابل تلقي الرياض امتيازات أمريكية، تتمثل في ضمانات أمنية مشددة من واشنطن، ومساعدة في البرنامج النووي السعودي للأغراض السلمية، وإلغاء أو تقليل القيود على مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة.
وبحسب التحليل، فإن تصاعد قدرات إيران العسكرية خلال الفترة الماضية، والتي وصلت إلى بداية ذروتها بعد التعاون مع روسيا في أوكرانيا، يشير إلى أن السعوديون يحاولون الموازنة بين محاولة تخفيف التوتر مع الإيرانيين كقوة عسكرية صاعدة في المنطقة، وأيضا السعي لضمان علاقة أخرى مع الولايات المتحدة وإسرائيل ستفيد الرياض أمنيا وعسكريا في مواجهة طهران.
هذه الموازنة تمثل حبلا مشدودا للغاية وشديد الحساسية بدأ ولي العهد السعودي في السير عليه الآن، وفقا للتحليل.
لهذا السبب، فإن استعادة العلاقات السعودية الإيرانية الأخير لن يزيح صفقة التطبيع المقترحة بين الرياض وتل أبيب من على الطاولة، رغم أن هذا التطبيع تنظر إليه إيران كتهديد يصعب التسامح معه.
وينظر إلى إسرائيل، لاسيما خلال الفترة الأخيرة، على أنها قد تكون ضامنا محتملا لأمن دول الخليج في مواجهة إيران، ولا تزال السعودية، ومعها الإمارات على الأقل، تنظر بإيجابية للحرب السرية بين إسرائيل وإيران والتي ترجمت إلى ضربات وهجمات على أهداف تابعة لطهران في سوريا والعراق وداخل إيران ذاتها، وفي الوقت نفسه تخشى دول الخليج أن تكون هدفا لأي انتقام إيراني كبير.
ويرى التحليل أن الالتزام الدفاعي للولايات المتحدة يمكن أن يقلل من هذا الخوف بالسعودية ودول الخليج، كما يمكن أن يشجع إسرائيل على الانخراط أكثر بالمنطقة، في الوقت الذي يمكن أن تؤدي فيه إعادة العلاقات السعودية مع إيران إلى تغيير ديناميكيات التنافس بين البلدين.
هكذا تتداخل الملفات وتدور في فلك متوازن، بحسب التحليل، فالخوف من الانتقام الإيراني من الخليج سيكون أقل في حال التوصل إلى صفقة سعودية أمريكية إسرائيلية لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وعلاوة على ذلك فإن إعادة العلاقات السعودية الإيرانية قد يهدئ هذا الأمر برمته، لتكون تفاصيل المشهد الأخير دالة على حالة توازن ردع في المنطقة تقف على أرض أكثر صلابة.
علاوة على ذلك، ستمكن الصفقة السعودية الأمريكية الإسرائيلية المقترحة ابن سلمان من تلبية احتياجاته الدفاعية الأكثر إلحاحًا ، ودفع عجلة إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط بشكل كبير ، وإنشاء إطار عمل لعلاقات المملكة مع الولايات المتحدة والصين، وفقا للتحليل.
وإذا تم إبرام الصفقة أيضا، فإنها ستخلق دعامة لنظام عالمي جديد ثنائي القطب وثلاثي الأقطاب للقرن الحادي والعشرين مع الولايات المتحدة والصين باعتبارهما القوى العظمى الأولية، التي انضمت إليها الهند في مرحلة لاحقة، والعديد من القوى المتوسطة، مثل السعودية، مع تعزيز الوكالة والنفوذ.
كما أنه سيفتح الباب أمام اعتراف العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة بإسرائيل، لا سيما في آسيا.
وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن الصفقة ستعيد ترسيخ ثقة الخليج في مصداقية الولايات المتحدة كضامن للأمن الإقليمي.
ولا تزال الصعوبات أمام تلك الصفقة حاضرة، لاسيما فيما بتعلق بالتباينات السياسية بين إدارة بايدن ومن خلفها الكونجرس، خاصة الديمقراطيين بداخله، وبين السعودية الآن، حيث يطالب هؤلاء محمد بن سلمان بإثبات أولا أنه شريك موثوق للولايات المتحدة وأن يوقف نهجه المتهور في المنطقة، قبل إحداث أي تقارب من شأنه وضع صفقة كهذه على الطاولة.