فيما تستمر السلطات السعودية بإصدار وتنفيذ أحكام القتل، واحتلال مرتبة متقدمة ضمن الدول الخمس الأكثر تنفيذا لها، يحيي العالم يوم مناهضة عقوبة الإعدام في 10 أكتوبر 2023، تحت عنوان، الإعدام: تعذيب مستمر لا رجعة فيه.
وللعام الثاني على التالي، يركز الموضوع العام لليوم العالمي على دراسة العلاقة بين تطبيق عقوبة الإعدام والتعذيب والعقوبات والمعاملات القاسية وغير الإنسانية بحسب المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
فإلى جانب ما يتعرض له المعتقلون الذين يتم الحكم عليه بالقتل منذ الاعتقال حتى إصدار الحكم، يواجهون انتهاكات واسعة تشكل تعذيبا مستمرا لهم حتى تنفيذ العقوبة، ولا تتوقف بعد التنفيذ مع التعذيب النفسي الذي تتعرض له العائلات.
وقالت المنظمة إن ممارسات السعودية تؤكد أن الحظر التام على التعذيب وسوء المعاملة في القانون الدولي، يجب أن ينطبق على عقوبة الإعدام.
وذكرت أن التعامل مع المعتقلين ينطوي على انتهاكات واسعة، فإلى جانب التعذيب الجسدي والنفسي الذي تم توثيقه، ينجم عن الإجراءات المصاحبة لما بعد صدور الأحكام وتنفيذها تعذيب قاس ومستمرّ.
أساليب الإعدام: تسبب الأساليب التي تتبعها الدول في تنفيذ عقوبة الإعدام ألما استثنائيا للمحكومين وعائلاتهم. عرف عن السعودية أنها تعتمد على قطع الرأس بالسيف، وتوظف سيافين وهم موظفون متخصصون لتنفيذ عملية القتل بقطع الرقبة بالسيف.
فيما تعمد في بعض القضايا إلى صلب المحكومين بالإعدام بحد الحرابة، حيث يتم تعليق الجسد، بعد قطع الرأس. فيما تشير معلومات إلى استخدام طرق أخرى في التنفيذ، بينها الرصاص، في ظروف معينة.
إضافة إلى ذلك، كانت السعودية تنفذ أحكام القتل في الساحات العامة وبشكل علني سابقا، فيما تشير المعطيات إلى أن التنفيذ حاليا يتم داخل السجون.
وبحسب متابعات المنظمة، يختلف تعامل الحكومة السعودية في وقت التنفيذ مع نوع التهمة، ففيما تمنح أولياء الدم في حالات الإعدام قصاصا الحق في حضور ومشاهدة عملية التنفيذ، تتم الإعدامات بشكل سري في القضايا السياسية، وفيها تحرم العائلات من الحق في الوداع والحق في الدفن.
متابعة المنظمة الأوروبية السعودية يؤكد أن معظم عائلات الأفراد المحكومين بالإعدام في قضايا سياسية عرفوا بالتنفيذ من خلال وسائل الإعلام، بينهم القاصر مصطفى الدرويش الذي أعدم في يونيو 2021، والذي علمت عائلته بقتله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فيما كانت تتنظر اتصاله الأسبوعي.
إضافة إلى ذلك، تستمر معاناة العائلات بعد التنفيذ، حيث ترفض السعودية الاستجابة لمطلب تسليم الجثمان، وحاليا، تحتجز 140 جثمانا على الأقل.
عنابر الموت: لا تعلن السعودية عن عدد المحكومين بالقتل في سجونها. توثيق المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان حتى أكتوبر 2023، يؤكد أن 65 شخصا، بينهم 9 قاصرين، يواجهون عقوبة الإعدام حاليا، 64 منهم في قضايا سياسية.
وبحسب المؤشرات، فإن عدد المحكوم عليهم بالإعدام أعلى بكثير، حيث أن المنظمة خلال السنوات الماضية، لم تكن قد رصدت سوى 4% من القضايا قبل تنفيذ الأحكام فيها.
يبقى العديد من هؤلاء المعتقلين في السجون لسنوات طويلة قبل أن يتم تنفيذ الأحكام بحقهم، فيما لا يعرفون، لا هم ولا أسرهم ولا محاميهم، وقت التنفيذ.
في مارس 2023 نفذت السعودية حكما بقتل المواطن الأردني حسين أبو الخير تعزيرا بتهم مخدرات بعد 8 سنوات على اعتقاله.
كان أبو الخير وعائلته بانتظار صدور حكم جديد بحقه والخروج من السجن بعد إعلان هيئة حقوق الإنسان الرسمية في يناير 2020 أنها أوقفت تنفيذ كافة أحكام القتل على جرائم مخدرات، ليفاجئ مع المعتقلين الآخرين في العنبر بإعدام عدد من أصدقائه على التوالي مع بداية نوفبمر 2022، وبات ينتظر تنفيذ الحكم الصادر بحقه في كل مرة يفتح فيها الحراس باب الزنزانة، إلى أن نفذ الحكم دون إبلاغ العائلة في 14 مارس 2022.
إضافة إلى ذلك، يعاني المعتقلون في السجون من آلام نفسية حادة جراء انتظار وقت تنفيذ الحكم.
على سبيل المثال، في مارس 2023، أشارت معلومات وردت إلى المنظمة الأوروبية السعودية إلى أن أحكام إعدام تنفذ تقريبا كل يوم ثلاثاء من الأسبوع في سجن مباحث الدمام، حيث يحضر السجانون لأخذ أحد المحكومين إلى التنفيذ.
خلال هذه الفترة عاش المعتقلون في السجن وعائلاتهم وضعا نفسيا مدمّرا، وخاصة أن تنفيذ الإعدامات يتم من دون إعلان مسبق، وفي ظل انعدام الشفافية في المراحل القضائية المختلفة.
التمييز: نفذت السعودية في 2023، 24 حكم إعدام بحق معتقلين من جنسيات غير سعودية. توزع المحكومون على جنسيات عديدة بينها اليمنية والباكستانية والنيبالية والمصرية والهندية والأردنية وغيرها.
وخلال السنوات العشر الماضية شكل الأجانب ما نسبته 40% من مجمل الإعدامات المنفذة في السعودية.
بحسب التوثيق، يتعرض الأجانب المعتقلون إلى انتهاكات واسعة من بين ذلك انتزاع اعترافات تحت التعذيب والحرمان من الحق في الدفاع الكافي عن النفس، وفي الحصول على مترجم، وبعد إصدار الأحكام، يؤدي التمييز الذي يمارس بحقهم إلى سوء معاملة وانتهاكات عديدة، من بين ذلك الحرمان من الحق في التواصل والعنابر الصغيرة والمكتظة وغيرها.
إضافة إلى ذلك لا تتجاوب السعودية مع مطالب عائلات الأجانب في تسلم جثامين أبنائهم المعدومين، ما يعد تعذيبا نفسيا مستمرا للعائلات.
القاصرون: تنتهك السعودية التزاماتها وقوانينها الخاصة، وبينها نظام الأحداث الذي روجت لإصداره عام 2018.
فعلى الرغم من القوانين التي من المفترض أن تحميهم، يتعرض المعتقلون الذين يواجهون تهما حصلت حين كانوا قاصرين لمختلف أنواع الانتهاكات، حيث تشير المعلومات إلى وضعهم في سجون غير مخصصة للأحداث، كما يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة، وتنتهي المحاكمات إلى إصدار أحكام قتل بحقهم.
وحاليا، يواجه 9 قاصرين على الاقل خطر القتل هم:. عبد الله الحويطي، عبد الله الدرازي، جلال الباد، يوسف المناسف، علي المبييوق، حسن زكي الفرج، علي حسن السبيتي، جواد قريرص، ومهدي المحسن. يواجه 8 من القاصرين تهما غير عنيفة ولا تعد في القانون الدولي من الجرائم الأشد خطورة.
وقالت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إن ممارسات السعودية تجعل من عقوبة القتل في جوهرها نوعا من أنواع التعذيب المحظور شرعاً ودوليا.
وشددت المنظمة على أن نهج الترهيب والتخويف الذي يمارس على السجناء المحكومين بالقتل وعائلاتهم، يعكس طبيعة الاستخدام التعسفي للعقوبة، والاستخفاف بحقوق الأفراد وأوضاعهم النفسية، حيث تستهدف على الأغلب الفئات الأكثر ضعفا والأفراد المعتقلين بتهم تتعلق بالتعبير عن الرأي أو ممارسات سياسية.
واعتبرت المنظمة أن المؤشرات تبين أن ما رصدته خلال هذه السنوات الماضية، لا يمثل إلا نسبة بسيطة من الانتهاكات التي تحصل في السجون والتي يتعرض لها المحكومون بالإعدام، في ظل انعدام الشفافية وتغييب أي دور للمجتمع المدني ومؤسساته.