أبرز تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية الانتقادات الموجهة للسلطات السعودية على خلفية تشديد الخناق على معارضي تطعيم جائحة فيروس كورونا.
وتشدد السلطات السعودية الخناق على المتردّدين في تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا، فتمنعهم من الحج والسفر إلى الخارج ودخول الجامعات ومراكز التسوق، في محاولة مثيرة للجدل لتوسيع رقعة التطعيم.
وبينما يرى خبراء في مجال الصحة أنّ معارضي التطعيم يهدّدون بتقويض الجهود العالمية للتغلب على الجائحة، تزيد الرياض الضغوط على أولئك الذين يرفضون اللقاح.
وتنكب المملكة البالغ عدد سكانها 34 مليون نسمة على العمل لتسريع حملة التطعيم على مستوى البلاد.
وذلك في خضم سعي السلطات لإحياء السياحة واستضافة الفعاليات الرياضية والترفيهية التي تشكل حجر الأساس لبرنامج “رؤية 2030”.
وأثارت بعض الخطوات استياء، وبينها سماح المملكة فقط للحجاج الذين تلقوا اللقاح أو الذين تعافوا من فيروس كورونا خلال الأشهر الستة السابقة بأداء العمرة على مدار العام.
وقالت مصادر مقرّبة من الحكومة إنه من المتوقع اتخاذ خطوة مماثلة في موسم الحج السنوي المقبل.
وخلال الشهر الحالي، سُمح فقط للمواطنين المحصنين بالسفر إلى الخارج بعدما رفعت المملكة الحظر المفروض على الرحلات الخارجية الذي طُبق العام الماضي مع بداية انتشار الوباء.
كذلك، أعلنت الرياض الأسبوع الماضي أنّ التطعيم سيكون إلزاميا اعتبارًا من الأول من آب/أغسطس لدخول أي مؤسسات حكومية وخاصة، بما في ذلك المؤسسات التعليمية وأماكن الترفيه، ولاستخدام وسائل النقل العام أيضا.
جاء ذلك بعد أيام فقط من إعلان السلطات أنه سيتم السماح فقط للعاملين في القطاعين العام والخاص الذين تم تطعيمهم بالعودة إلى أماكن عملهم.
وتسبّبت هذه القرارات بردود فعل على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المترددين أو الرافضين لتلقي اللقاح، حيث انتشر وسم “لا للتلقيح الإجباري” وعبارة “جسدي، اختياري، حريتي”.
وكتب أحد مستخدمي تويتر “لا يمكنني السفر، لا يمكنني العمل، لا يمكنني الذهاب إلى الأماكن العامة، لا يمكنني حتى شراء الطعام، لا يمكنني الدراسة!”.
“إجراءات قسرية”
تتناقض الإجراءات في السعودية مع الحوافز التي تقدّمها الديموقراطيات الليبرالية مثل الولايات المتحدة، حيث أفادت وسائل إعلام محلية بتقديم مكافآت نقدية وتذاكر لحضور مباريات رياضية وحتى مشروبات كحولية مجانية للتشجيع على التطعيم.
وقالت أستاذة الطب في جامعة كاليفورنيا مونيكا غاندي “يمكن لنظام ملكي مثل السعودية أن يفرض مثل هذه الإجراءات، ومن المرجح أن يكون ذلك فعالا في حث بعض الذين لا يريدون التطعيم على القيام بذلك”.
وتابعت “مع ذلك، يمكن اعتبارها (إجراءات) قسرية”.
وتمضي السلطات السعودية قدمًا في فرض التطعيم في الوقت الذي تستعد فيه لإعادة تنظيم الأحداث البارزة التي تساعد على تلطيف صورتها كدولة محافظة للغاية.
وكانت محطة “إي أس بي أن” الرياضية أفادت في نيسان/أبريل أن السعودية قد تعرض دفع ما يزيد عن 150 مليون دولار لتنظيم مواجهة بين الملاكمين تايسون فيوري وأنتوني جوشوا هذا العام.
ومن المقرر أن تستضيف المملكة أيضًا قمة استثمارية أخرى على غرار قمة دافوس في تشرين الأول/اكتوبر المقبل، وأول سباق جائزة كبرى لرياضة الفورمولا واحد على أرضها في كانون الثاني/ديسمبر.
لا “خيارات شخصية”
وقال الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن روبرت موغيلنيكي إنّ “التطعيمات ضرورية لتشغيل المحرك الاقتصادي السعودي بأقصى سرعة من جديد”.
وأضاف “معدلات التطعيم المرتفعة ستدعم الصناعات الرئيسية غير النفطية مثل السياحة، والمسؤولون السعوديون يريدون ضمان الاستمرارية بمزيد من الحفلات الموسيقية والفعاليات الثقافية وخيارات الترفيه”.
غير أنّ الطريق لا يزال طويلا أمام المملكة، حيث أنّه من غير الواضح كيف ستقوم السلطات بتلقيح جزء كبير من السكان قبل آب/أغسطس، موعد بدء تطبيق أكثر الإجراءات صرامة.
وتقول وزارة الصحة السعودية إنها قدّمت أكثر من 12 مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا في بلد يزيد عدد سكانه عن 34 مليون نسمة.
ووسط نقص واضح في المخزون، أجّلت المملكة الجرعة الثانية لكثير من السكان على الرغم من ارتفاع عدد الإصابات في الآونة الأخيرة في البلاد التي سجّلت نحو 440 ألف إصابة أسفرت عن أكثر من 7 آلاف وفاة.
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تتسامح المملكة مع المتردّدين في أخذ اللقاحات الذين غالبا ما يبنون آراءهم على معلومات خاطئة أو المخاوف من الآثار الجانبية طويلة المدى للقاحات التي تم تطويرها في وقت قياسي.
وقال موغيلنيكي “بالنسبة لمعارضي التطعيم في المملكة، لا توجد مساحة كبيرة للخيارات الشخصية حين يتعارض الأمر مع رؤية 2030”.