أظهر الموقف المشبوه الذي تبناه نظام آل سعود بشأن الخطة الأمريكية المعروفة باسم “صفقة القرن” تفضيله العلاقات مع الرئيس الأمريكية دونالد ترامب على حساب بيع القضية الفلسطينية والسماح بتصفيتها.
وبدا رد فعل نظام آل سعود فور إعلان صفقة القرن أنه يعطي أولوية للعلاقات الوثيقة مع ترامب لخدمة مؤامراته وحشده الدعم ضد أعدائه على حساب الدعم التقليدي الثابت للفلسطينيين.
وقالت وكالة رويترز العالمية للأنباء إن رد فعل آل سعود ضرب مثالا للتوازن الدقيق المطلوب من دول عربية خليجية ومصر والأردن التي تعتمد على الجيش الأمريكي أو على الدعم المالي للولايات المتحدة وتجد نفسها متعاونة مع واشنطن وإسرائيل في مواجهة إيران.
وعبرت وزارة الخارجية في نظام آل سعود عن تقديرها لجهود ترامب ودعمها لإجراء مفاوضات سلام مباشرة تحت رعاية الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه ذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن الملك سلمان أجرى اتصالا هاتفيا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس للتأكيد على موقف المملكة الثابت من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وخلال لقاء في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اقترح ترامب إقامة دولة فلسطينية لكنها منزوعة السلاح وأن تلبي حدودها الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، في حين منح اعتراف أمريكي بالمستوطنات الإسرائيلية المقامة في الضفة الغربية المحتلة وبالقدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل.
وتتعارض الخطة مع السياسة السابقة للولايات المتحدة والمبادرة العربية التي طرحتها المملكة عام 2002 والتي عرضت إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل في مقابل إقامة دولة فلسطينية مستقلة وانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967.
ورغم اعتراض الفلسطينيين على الخطة ومقاطعة ترامب بسبب ما يرونه تحيزا لإسرائيل حضرت ثلاث دول عربية خليجية هي عمان والبحرين والإمارات مراسم إعلان الخطة في البيت الأبيض في دلالة على تغير الزمن.
وفي العالم العربي المنقسم بشدة فإن الدعم للفلسطينيين يُنظر إليه منذ وقت طويل على أنه موقف موحد لكنه غالبا ما يكون أيضا مصدرا لتبادل الاتهامات الداخلية حول نطاق ذلك الدعم خاصة وأن بعض الدول قامت بمفاتحات مستقلة وعملية تجاه الخصم التاريخي إسرائيل.
وأشاد ترامب ونتنياهو بسفراء الإمارات والبحرين وعمان لحضور اجتماع البيت الأبيض. وقال نتنياهو وسط تصفيق حاد “أقول يا لها من دلالة.. تبشر بالمستقبل.. يا لها من دلالة تبشر بالحاضر”.
أما المنتقدون فكان لهم رأي مختلف إذ نددوا بحضور السفراء بوصفه تخليا “مخزيا” عن القضية الفلسطينية.
وقال نيل كويليام الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية البريطانية “لا توجد حكومة أو حاكم يرغب في أن ينظر إليه على أنه يبيع الفلسطينيين بثمن بخس ويقدم لنتنياهو نصرا كهذا وينتهي به المطاف بدفع الفاتورة”.
وأضاف “في الوقت نفسه فإن كل الدول ربما باستثناء مصر تعتمد على الولايات المتحدة ولن تخاطر بإغضاب ترامب بالنظر إلى ميله للتصرف مثل طفل عدواني”.
كان الملك سلمان قال في السابق للعرب إنه لن يوافق على أي خطة لا تعالج وضع مدينة القدس المتنازع عليها أو حق العودة للاجئين الفلسطينيين وسط تصورات بتغير موقف الرياض تحت قيادة ولي عهد محمد بن سلمان الذي على علاقة وثيقة بجاريد كوشنر مستشار ترامب وصهره والمهندس الرئيسي لخطة السلام.
ويقول المسؤولون الفلسطينيون إن بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة ضغط على الرئيس الفلسطيني في السابق لدعم خطة ترامب رغم المخاوف الخطيرة.
كما تحدث الإعلام الإسرائيلي مرارا عن دعم خفي من بن سلمان لصفقة القرن واستعداده لتقديم الدعم المالي اللازم لتطبيقها من أجل تعزيز تحالفه المشين مع ترامب على حساب الفلسطينيين.
وهاجم السعوديون على موقع التواصل الاجتماعي صفقة القرن واستنكروا الموقف الرسمي للنظام في دعم جهود ترامب.
وانتقد نايف مدخلي، وهو سعودي بارز غالبا ما ينشر تغريدات على تويتر داعمة للحكومة، خطة ترامب قائلا تحت وسم ” لا وألف لا.. تسقط صفقة القرن”.
وأي تغير في الاجماع بشأن حق اللاجئين في العودة إلى ما أصبح الأن إسرائيل والأراضي الفلسطينية سيكون له صدى أقوى في الأردن الذي استقبل أعدادا من الفلسطينيين أكثر من أي دولة أخرى بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948.
وانتقدت وزارة الخارجية الفلسطينية الدول العربية بعد تعليقاتها التي تعتبر مؤيدة بوجه عام لخطة ترامب.
وقالت في بيان “بعد الكشف عن تفاصيل المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية فإنه من غير المقبول الاختباء وراء مواقف وبيانات وصيغ فضفاضة مبهمة كبوابة للهروب من استحقاق مواجهة تلك المؤامرة”.