في مؤشر جديد على تدهور اقتصاد المملكة التي تشهد انتكاسات متتالية لأول مرة في تاريخها، وتحديدا منذ تولى ولى العهد محمد بن سلمان زمام الحكم، هبط فائض ميزان تجارة السعودية الخارجية (النفطية وغير النفطية) بنسبة 53.3% على أساس سنوي، خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2020.
واستنادا إلى البيانات الرسمية فقد بلغ فائض الميزان التجاري 19.4 مليار دولار حتى نهاية أبريل/نيسان الماضي.
وكان فائض الميزان التجاري قد بلغ خلال الفترة المناظرة من 2019 نحو 41.6 مليار دولار.
وانخفضت قيمة الصادرات السلعية (النفطية وغير النفطية) بنسبة 30.7%، إلى 62.7 مليار دولار، كما هبطت الواردات 11.4%، إلى 43.2 مليار دولار.
وكان الفائض التجاري السلعي (نفطي وغير النفطي) للسعودية، هبط بنسبة 25.7% خلال 2019، إلى 117.2 مليار دولار، مقابل 157.8 مليار دولار في 2018.
وعلى سبيل المثال، أظهرت بيانات إحصائية، مؤخرا، خسارة المملكة لأسواق الصين، لتصبح روسيا أكبر مصدر للنفط العام خلال إبريل/ نيسان المنصرم.
وتخطت روسيا المملكة لتصبح أكبر مصدر للنفط الخام إلى الصين في إبريل/ نيسان، حسب ما أظهرته بيانات الجمارك، إذ ارتفعت الصادرات 18 في المائة عنها قبل عام مع اقتناص شركات التكرير للمواد الخام بأسعار رخيصة وسط حرب أسعار بين المنتجين.
كما تراجعت صادرات النفط السعودية نحو الولايات المتحدة الأميركية بمستويات قياسية منذ بداية العام 2020، وشهدت تراجعا ملحوظا مع تفشي فيروس كورونا وحرب أسعار النفط العام.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد السعودي بنسبة 6.8% خلال العام الجاري، في تراجع أشدّ من التباطؤ الذي توقعه الصندوق في أبريل/نيسان الماضي وحدد نسبته بـ2.3%، بفعل التداعيات الشديدة لانخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا.
ويُعد هذا الانكماش تراجعاً أشدّ من تباطؤ نسبته 2.3% كان متوقعاً في أبريل/نيسان الماضي، وذلك بفعل التداعيات الشديدة لانخفاض أسعار النفط وجائحة فيروس كورونا.
وفي تحديث لتوقعات تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أبريل/نيسان الماضي، قال الصندوق إنه صار يتوقع ركوداً عالمياً أعمق في 2020 وتعافياً أبطأ في 2021، إذ تتفاقم أزمة فيروس كورونا في مختلف دول الاقتصادات الناشئة والنامية.
وقالت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) مطلع يونيو/حزيران الجاري، إن الأصول الاحتياطية الأجنبية هبطت بنسبة 5.2%، أو 24.8 مليار دولار على أساس شهري، حتى نهاية أبريل/نيسان الماضي، إلى 1682.4 مليار ريال (448.6 مليار دولار).
وكانت الأصول الاحتياطية الأجنبية للمملكة بلغت 1775.2 مليار ريال (473.4 مليار دولار)، نهاية مارس/آذار الماضي، وعليه تكون المملكة فقدت 50 مليار دولار (24 ملياراً في مارس/آذار، و24.8 ملياراً في أبريل/نيسان) من احتياطياتها الأجنبية، خلال شهرين فقط.
ولم تخرج المملكة، أكبر مصدر للنفط في العالم من دائرة الانكماش، التي تسيطر على الاقتصاد منذ أشهر طويلة، حيث ذكرت مؤسسة “أي اتش اس” ماركت العالمية للأبحاث، في تقرير لها، مؤخرا، أن مؤشر مديري المشتريات في المملكة انخفض إلى مستوى 44.4 نقطة، مقابل 42.4 نقطة في مارس/ آذار.
ويعني انخفاض المؤشر عن مستوى 50 نقطة أن ثمة انكماشاً، في حين أن تخطيه هذا المستوى يشير إلى النمو.
وهوت عائدات تصدير النفط خلال الربع الأول بنسبة 24% على أساس سنوي إلى 34 مليار دولار، وتراجعت الأصول الاحتياطية للمملكة إلى أدنى مستوى منذ 9 سنوات، إلى 473.3 مليار دولار.
وخفضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني العالمية، في الأول من مايو/ أيار، النظرة المستقبلية للسعودية من “مستقرة” إلى “سلبية”، بسبب المخاطر التي يمكن أن تواجهها المملكة من جراء تذبذب أسعار النفط الناتج من أزمة كورونا، ومن عدم اليقين الناتج من تعامل المملكة للتخفيف من آثار هذه العوامل، من خلال موازنة الديون والإيرادات النفطية.
وتوقعت موديز أن يصل حجم الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 38% لعام 2020، ليقفز إلى 45 في المائة بعدها في المدى المتوسط.
وكشفت مصادر مطلعة أن لجنة الإفلاس في المملكة تسلمت نحو 381 طلب تصفية وتسوية وإعادة تنظيم من شركات ومؤسسات وأفراد، خلال أربعة أشهر ونصف.
ونقلت صحيفة الاقتصادية السعودية (خاصة) عن المصادر المذكورة قولها: إن الطلبات السابقة جرى تسليمها في الفترة ما بين شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، حتى منتصف شهر مايو/ أيار الجاري.
وذكرت الصحيفة أن هذه الطلبات ترتب عليها فتح الجهات المعنية عدة إجراءات منها ثمانية إجراءات تسوية وقائية، وكذلك 40 إجراء لإعادة التنظيم المالي، و279 إجراء للتصفية الإدارية، و51 إجراء للتصفية، وثلاثة إجراءات تصفية لصغار المدينين.
وتتزامن الفترة التي جرى فيها تقديم الطلبات من قبل الشركات والمؤسسات والأفراد للجنة الإفلاس، مع بدء تفشي فيروس كورونا المستجد كوفيد-19 والذي كان له تداعيات اقتصادية سلبية على كافة الأصعدة.
وحذرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الدولية، في تقرير نشرته كارين إليوت هاوس، من خطوة تدنى أسعار النفط على المملكة، وقالت إن لعبة أسعار النفط خطيرة للسعوديين.
ودفعت الأزمة الاقتصادية للملكة وزارة المالية في المملكة إلى الإعلان عن تجميد عدد من المشاريع الكبرى الخاصة بالتنمية، علاوة عن قرار إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020، عدا عن السماح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في المديونية السعودية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
وبالأرقام، استنزف البنك المركزي السعودي في مارس/آذار الماضي صافي أصوله الأجنبية بمعدل لم يحدث منذ عام 2000.
ففي هذا الشهر وحده، انخفض احتياطي المملكة من العملات الأجنبية بما يفوق 100 مليار ريال سعودي (27 مليار دولار)، أي ما يعادل 5% مقارنة بشهر فبراير/شباط.
وخالفت الأسهم السعودية الاتجاه الصعودي لمعظم بورصات الخليج خلال جلسة تداول، مؤخرا، بعدما كشفت مصادر عن أن شركة (أرامكو) السعودية على وشك إتمام قرض بقيمة عشرة مليارات دولار.
ورغم الأزمة المالية الحادة، يذهب ولى العهد محمد بن سلمان بـ”مليارات المملكة” ليقدمها على “طبق من ذهب” للإدارة الأميركية.
ورأت مجلة “كابيتال” الفرنسية أن صدمة التقشف التي تعرض لها الشعب السعودي، “بخرت أحلام العديد من الشباب” في البلاد، متوقعة في الوقت ذاته، أن تؤجج تلك الصدمة الاستياء ضد ولي العهد الحاكم الفعلي للمملكة.
وفي وقت لاحق، توقع خبراء ألمانيون، انهيار، “رؤية 2030” الذي يسعى ولى العهد تطبيقها في المملكة؛ لرسم صورة جديدة لبلاده، واستندوا في ذلك إلى عدة أسباب.
ومن هذه الأسباب، بحسب المراقبين الألمان، فيروس “كورونا” والانهيار التاريخي لأسعار النفط والحرب في اليمن والاحتقان داخل الأسرة الحاكمة، والصراع مع إيران، وقالوا إنها “تهدد بتبخر هذه الأحلام في سراب الصحراء”.
وقال الخبراء الألمان: بعد أربع سنوات على إعلان “بن سلمان” رؤيته وجد الأمير الشاب نفسه أمام “أضغاث أحلام، فقد انقلبت الأوضاع رأسا على عقب، فبدلا من بناء اقتصاد رقمي كما كان مخططا، وجد نفسه أمام خلل تاريخي في الميزانية العامة”، وذلك في إشارة إلى الانهيار غير المسبوق لأسعار النفط في سياق انتشار جائحة “كورونا”.