تسببت حرب نظام آل سعود على اليمن المستمرة منذ أكثر من أربعة أعوام بإنفاق نحو 70 مليار دولار على شراء الأسلحة عام 2018فقط.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية أن بيع السلاح للمملكة يبدو كما لو كان مخدرا يصعب على الحكومات الغربية الإقلاع عنه، فمنذ دخول الرياض الصراع في اليمن عام 2015، أصبحت المملكة أكبر مستورد للسلاح في العالم.
وأضافت أن الولايات المتحدة هي أكبر مصدر للسلاح للمملكة، واستحوذت على نحو 70% من السوق السعودي من عام 2014 إلى عام 2018، تليها بريطانيا في المرتبة الثانية، بحوالي 10%.
وبحسب الصحيفة فيوجد الكثير من الأدلة على أن أسلحة غربية المصدر استخدمت في هجمات على المدنيين وأسفرت عن أعداد كبيرة من الضحايا.
ووفقا لدراسة لكلية ستانفورد للحقوق لـ27 هجوما قُتل فيها مدنيون في اليمن، فإن أسلحة أمريكية استخدمت في 25 هجوما من بين هذه الهجمات واستخدمت أسلحة بريطانية في خمسة منها.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن السلاح الذي استهدف حافلة مدرسية وقتل فيه 40 طفلا يمنيا في أغسطس/آب كان قنبلة موجهة أمريكية الصنع.
وعلى الرغم من ذلك فإن الدولتين تستمران في بيع أكثر اسلحتهما تطورا إلى السعودية، بينما تسعى فرنسا لاستعادة حصتها في السوق.
وفي يونيو/حزيران الماضي قضت محكمة الاستئناف البريطانية بعدم مشروعية مبيعات السلاح للمملكة، قائلة إن الحكومة أقرت بيع السلاح للمملكة دون تقدير صحيح لما تمثله من خطر على المدنيين في اليمن.
وأمرت محكمة في لندن، الحكومة البريطانية بإعادة النظر في مبيعات الأسلحة المُصدرة إلى الرياض، التي تقدر قيمتها بمليارات الجنيهات الإسترلينية؛ بسبب مخاوف تتعلق باستخدام تلك الأسلحة في انتهاكات بحق المدنيين على اليمن.
واعتبرت محكمة الاستئناف، في قرارها، أن الحكومة البريطانية “تصرفت بشكل غير قانوني” عند السماح بتصدير أسلحة إلى المملكة ربما استخدمت في الصراع الدائر باليمن.
وقال القاضي عند إعلان الحكم: “خلصت محكمة الاستئناف إلى أن عملية اتخاذ القرار التي قامت بها الحكومة كانت معيبة من الناحية القانونية في جانب مهم”.
وأضاف أن الحكومة “لم تجر تقييمات كاملة بشأن ما إذا كان التحالف العربي الذي تقوده السعودية ارتكب انتهاكات للقانون الإنساني الدولي خلال الصراع باليمن”.
وتابع قائلا: “قرار المحكمة اليوم لا يعني ضرورة تعليق صادرات الأسلحة للمملكة فورا، بل يعني أن على الحكومة البريطانية إعادة النظر في الأمر، وأن تجري التقييمات اللازمة بشأن الوقائع السابقة التي تثير القلق”.
والدعوى القضائية مرفوعة على الحكومة البريطانية من قبل “حملة مناهضة تجارة السلاح”، التي تتخذ من لندن مقرا لها.
واعتبر ناشطون في مكافحة الحروب حكم اليوم بمثابة انتصار جزئي في معركتهم القضائية حول شرعية الحرب التي تقودها السعودية في اليمن.
يذكر أن بريطانيا منحت تراخيص بيع أسلحة للرياض بقيمة تزيد عن 4.7 مليارات جنية إسترليني؛ وذلك منذ انخراط التحالف العربي بالحرب الأهلية في اليمن في مارس/آذار 2015.
وشمل ذلك طائرات بقيمة 2.7 مليار جنيه إسترليني، وصواريخ وقنابل يدوية بقيمة 1.9 مليار جنيه إسترليني.
وهناك أيضا ما يقدر بحوالي 6200 مقاول بريطاني يعملون على تدريب الطيارين السعوديين وصيانة طائراتهم في المملكة، وأكثر من 80 فردا من القوات الجوية الملكية يعملون هناك بعضهم داخل مركز القيادة والسيطرة حيث يتم اختيار الأهداف التي يتم قصفها في اليمن.
وسبق أن صوتت أغلبية من أعضاء الكونغرس من الحزبين ضد المزيد من الدعم الأمريكي لتدخل السعودية الكارثي في اليمن، الذي فشل في تحقيق أهدافه فيما ساعد في إنتاج أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
واستخدم الرئيس “ترامب” حق النقض “الفيتو” ضد القرار، وضاعف الأمر الآن بتقديم دعم غير مشروط للنظام السعودي وحلفائه.
ويوم الجمعة، أبلغت وزارة الخارجية الكونغرس باستخدام سلطة “الطوارئ” لتجاوز المعارضة واستئناف صفقات أسلحة مع المملكة والعديد من الدول الأخرى، بما في ذلك توريد المزيد من الذخائر التي قتلت المدنيين في اليمن.
ويعد هذا الإجراء انتهاكا آخر من جانب “ترامب” للقواعد الثابتة في لعبة السياسة الأمريكية، إن لم يكن للقانون الأمريكي نفسه.
ولم يوضح إخطار الإدارة ما هي “حالة الطوارئ” التي سمحت لها باستخدام ثغرة في قانون مراقبة تصدير الأسلحة، الذي يمنح الكونغرس سلطة مراجعة مبيعات الأسلحة.
وكان أعضاء من الحزبين قد صوتوا بأغلبية لصالح تعليق مبيعات الولايات المتحدة من الأسلحة إلى المملكة، بسبب قصفها المتكرر والمتعمد للأهداف المدنية في اليمن، ولرفضها مساءلة كبار المسؤولين عن جرائم حقوق الإنسان، بما في ذلك قتل الصحفي “جمال خاشقجي” وتقطيع جثته.
ولإيقاف المبيعات بشكل دائم، كان على الكونغرس إقرار تلك التشريعات، وكان ينبغي لـ”ترامب” أن يسمح بسير عملية المراجعة الإجرائية بسلاسة.
وبدلا من ذلك، فقد تجاهل الرئيس مجددا سلطة الكونغرس، من أجل إرضاء ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان”، الذي بدأ التدخل في اليمن، والذي أمر بقتل “خاشقجي”، وفقا لاستنتاجات المخابرات الأمريكية.
وفي وقت سابق من هذا العام، تخاذل “ترامب” عن تلبية شرط قانوني يوصي بأن يقدم تقريرا إلى لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ حول مدى مسؤولية ولي العهد عن عملية القتل.
وإذا تم السماح لتلك الهدية الجديدة التي يقدمها “ترامب” لولي العهد بالمرور، فسيكون “ترامب” قد أرسى سابقة جديدة من نوعها؛ هي أنه يمكن للرؤساء بعد ذلك بيع الأسلحة في أي مكان في العالم دون مراجعة الكونغرس ببساطة من خلال إعلان “حالة طوارئ” غير محددة الأسباب.
ويجب أن يكون مؤيدو “ترامب” ومبيعات الأسلحة إلى المملكة أنفسهم منزعجين من هذا، وقد أبدى السيناتور “جيمس ريش”، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، نيته التفكير في الأمر على الأقل، وفي بيان له، قال إنه “يراجع ويحلل المبررات القانونية لهذا الإجراء، وما يترتب عليه من تداعيات”.
ويملك “ريش” إجراء جاهزا لعلاج الأمر؛ حيث يمكنه السماح بالتصويت في لجنته على تشريع يمنع المبيعات حتى يوقف النظام السعودي التفجيرات في اليمن ويلبي الشروط الأساسية الأخرى، بما في ذلك الإفراج عن ناشطات حقوق المرأة اللائي يحتجزتهن ويعذبهن.
وعلى الكونغرس الالتزام بكبح رغبة “ترامب” في إرضاء “بن سلمان”، كما يجب عليه الدفاع عن صلاحياته الأساسية في مراقبة السياسة الخارجية.