طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية لحقوق الإنسان، الاتحاد الإنجليزي بأن لا يكون شريكا في تبييض جرائم النظام السعودي.
وحثت المنظمة الدوري الإنجليزي الممتاز على منع مجموعة الإعلام السعودي من شراء نادي تشيلسي، محذرة الدولي من أن يصبح “شريكًا” في تبييض جرائم النظام السعودي إذا وافق على استحواذ آخر من شركة لها صلات بالعائلة المالكة السعودية.
وأكدت المنظمة أنه يجب على الدوري الإنجليزي تحديث اختبار المالكين لمنع “الديكتاتوريين” من تبييض سمعتهم، وأن يتحمل مسؤولية احترام حقوق الإنسان، وأن لا يسمح بأي فجوة للسعودية في توظيف استراتيجية “غسل انتهاكاتها بالرياضة”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على “الدوري الإنجليزي الممتاز” (بريميير ليغ) أن يتبنى وينّفذ فورا سياسات لحقوق الإنسان من شأنها أن تمنع الحكومات المتورطة في انتهاكات حقوقية جسيمة من الحصول على حصص في أندية الدوري لتلميع سمعتها.
وأضافت ينبغي أن يمتد الحظر ليشمل كيانات الدولة التي تسيطر عليها، وقادة الدول المنتهِكين، والأفراد الذين يموّلون الانتهاكات الجسيمة أو يساعدون في ارتكابها.
في 14 مارس/آذار 2022، افادت وسائل إعلام أن تحالفا تجاريا تقوده مجموعة إعلامية سعودية وثيقة الارتباط بالحكومة السعودية أعرب عن رغبته بشراء “نادي تشيلسي لكرة القدم” (تشيلسي).
واعتبرت أن هذا الأمر يعزز الحاجة الملحة لتبني الدوري الإنجليزي الممتاز سياسات لحماية الأندية وأنصارها، قبل حدوث أي عملية بيع، من التورط في جهود التستر على انتهاكات الحقوق.
وذكرت المنظمة أن موافقة الدوري الإنجليزي على بيع “نيوكاسل يونايتد” إلى مجموعة تجارية يقودها “صندوق الاستثمارات العامة” في السعودية، وهو هيئة تسيطر عليها الحكومة ومتورطة بانتهاكات حقوقية جسيمة، جرت بطريقة غامضة ودون اعتماد أي سياسة حقوقية. على الدوري الإنجليزي الممتاز إعادة النظر في الموافقة على بيع نيوكاسل يونايتد.
قالت ياسمين أحمد، مديرة المناصرة في المملكة المتحدة في هيومن رايتس ووتش: “السماح ببيع نيوكاسل يونايتد إلى مجموعة تجارية يقودها صندوق الثروة السيادية في السعودية، الدي يرأسه زعيم دولة مرتبط بانتهاكات حقوقية، كشف النقاب عن أوجه قصور مثيرة للسخرية في (اختبار المالكين والمديرين) في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وتابعت “مع سعي مجموعة أخرى مرتبطة بالحكومة السعودية للاستحواذ على تشيلسي، على الدوري الإنجليزي الممتاز التحرك بسرعة لحماية الدوري وأنديته من أن تكون أداة سهلة لتلميع سمعة الحكام الديكتاتوريين والفاسدين”.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز ريتشارد ماسترز في 15 مارس/آذار، معربة عن مخاوفها بشأن قرار نيوكاسل يونايتد، وللتعبير عن مزيد من المخاوف بشأن تورط صندوق الاستثمارات العامة السعودي في تسهيل الانتهاكات الحقوقية.
قال بيان الدوري الممتاز في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي أعلن عن البيع أن الدوري “تلقى تأكيدات ملزمة قانونا بأن السعودية لن تسيطر على نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم”. لم يكشف الدوري عن ماهية هذه التأكيدات، ولم يشرح كيف ستكون ملزمة قانونا.
بدلا من ذلك، يبدو أن الدوري الإنجليزي الممتاز وافق على فكرة أن صندوق الاستثمارات العامة منفصل عن الدولة السعودية، رغم أن رئيسه هو الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد محمد بن سلمان، وجميع أعضاء مجلس إدارته تقريبا وزراء حاليين أو مسؤولين كبار آخرين، وهو صندوق ثروة سيادي يتبع “مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية” الحكومي.
سبق أن راسلت هيومن رايتس ووتش الدوري الممتاز في يونيو/حزيران 2020، موضحة الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها السلطات السعودية بعد أن أطاح محمد بن سلمان بمنافسه محمد بن نايف عام 2017، وسيطر بالكامل على قوات الأمن السعودية، التي كانت مسؤولة عن اعتقالات جماعية، ومصادرة ممتلكات دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، وتعذيب، وهجمات غير قانونية في اليمن قتلت مدنيين، والتي أشرف عليها أيضا كوزير للدفاع منذ 2015.
لدى هيومن رايتس ووتش مخاوف كبيرة بشأن دور صندوق الاستثمارات العامة نفسه في تسهيل الانتهاكات الحقوقية.
في 21 ديسمبر/كانون الأول 2021، ومرة أخرى في 15 مارس/آذار، كتبت هيومن رايتس ووتش إلى محافظ الصندوق، ياسر الرميان، الذي كان العضو المنتدب للصندوق بين 2015 و2019، وفقا لصفحة “لينكد إن” منسوبة إليه وتقارير إعلامية عديدة، تطلب رده على مزاعم الانتهاكات الحقوقية الجسيمة المرتبطة بالصندوق، لكنه لم يرد. الرميان رئيس مجلس الإدارة غير التنفيذي الجديد لنيوكاسل يونايتد أيضا.
راجعت هيومن رايتس ووتش وثائق حكومية سعودية داخلية قُدمت إلى محكمة كندية كجزء من دعوى قانونية جارية رفعتها مجموعة من الشركات السعودية ضد مسؤول استخباري سابق.
أظهرت الوثائق أن أحد مستشاري محمد بن سلمان أمر في 2017 الرميان، الذي كان حينها “المشرف” على الصندوق، بنقل 20 شركة إلى الصندوق كجزء من حملة لمكافحة الفساد. هناك خطر من أن يكون “نقل” هذه الشركات من أصحابها تم دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
تناولت هيومن رايتس ووتش بشكل مكثف حملة مكافحة الفساد في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، والتي شملت اعتقال عشرات رجال الأعمال البارزين، وأفراد العائلة المالكة، والمسؤولين الحاليين والسابقين.
ضغطت السلطات عليهم لتسليم الأصول مقابل الإفراج عنهم خارج أي عملية قانونية معترف بها. ما يزال بعضهم معتقلين بدون تهمة.
أشارت الوثائق السعودية أيضا إلى أن إحدى الشركات التي “نُقِلت” هي “سكاي برايم للطيران الخاص”، شركة تأجير الطائرات التي تملك الطائرتين اللتين استخدمهما عملاء سعوديون في 2018 للسفر إلى اسطنبول، حيث قتلوا الصحفي البارز جمال خاشقجي.
في فبراير/شباط 2021، أصدرت “وكالة الاستخبارات المركزية” الأمريكية تقريرا يفيد بأن محمد بن سلمان وافق على العملية. أفاد تقرير لـ “الأمم المتحدة” في يونيو/حزيران 2019 أعدّته أغنيس كالامار، المقررة الخاصة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القضاء آنذاك، أن الطائرات كانت تملكها شركة سكاي برايم للطيران، بناء على سجلات الرحلات في “المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية”.
في أواخر يناير/كانون الثاني 2022، بعد بيع نيوكاسل يونايتد إلى صندوق الاستثمارات العامة، أفادت “نيويورك تايمز” أن طائرة سعودية نقلت لاعبي نيوكاسل يونايتد وموظفيه إلى السعودية لإجراء التدريبات الشتوية.
تم تشغيل الطائرةَ شركة “ألفا ستار” السعودية، والتي تُظهر وثائق المحكمة أن الرميان أمر أيضا بنقلها إلى الصندوق. كانت كلتا الشركتين تابعتين لـ “شركة تحكم الاستثمارية” قبل وبعد استحواذ الصندوق على الشركة الأم.
تُظهر صورة الطائرة التي نشرها حساب نيوكاسل يونايتد على تويتر في 24 يناير/كانون الثاني بوضوح أن الطائرة تحمل شعار أسطول ألفا ستار.
يتحمل الدوري الإنجليزي الممتاز مسؤولية احترام حقوق الإنسان في جميع عملياته. تحدد “المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان” هذه المسؤوليات، بما فيه توقع أن تتبنى الشركات سياسات محددة وأن تجري العناية الواجبة لتحديد أي آثار ضارة بحقوق الإنسان تُسهم فيها.
قد يشمل هذا الضرر منح مزايا السمعة التي تساعد في التستر على الانتهاكات الحقوقية. لا يشمل كتيب الدوري الإنجليزي الممتاز حقوق الإنسان في إطار التدقيقي في المالكين والمدرين رغم أن مُلكية أندية كرة القدم البارزة من قبل كيانات الدول أو الأفراد المقربين من قادة الدول آخذة في الازدياد في جميع أنحاء أوروبا. سمحت هذه الفجوة للسعودية توظيف استراتيجية “غسل انتهاكاتها بالرياضة” في الدوري الإنجليزي الممتاز.
في 3 مارس/آذار، قال الدوري الإنجليزي الممتاز إنه يدرس إضافة عنصر حقوق الإنسان إلى اختبار المالكين والمدراء أثناء مراجعته لأساليب الإدارة والتنظيم التي يتّبعها، وقال ماسترز لـ “فاينانشيال تايمز” إن الأمر خضع “للكثير من التدقيق”، وإن مسؤولي الدوري يتطلعون لمعرفة ما إذا “كنا نحتاج إلى أن نكون أكثر شفافية وما إذا كان ينبغي الموافقة على هذه القرارات من قبل هيئة مستقلة”.
يتعين على الدوري الإنجليزي الممتاز أيضا التحقيق في مزاعم تورط الصندوق والرميان في الانتهاكات، بما فيها مقتل خاشقجي، ونشر النتائج التي توصل إليها.
المجموعة السعودية التي أفادت تقارير أنها قدمت عرضا بقيمة 2.7 مليار جنيه إسترليني لشراء تشيلسي، تقودها “المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام”، واحدة من أكبر شركات النشر في الشرق الأوسط، ويترأسها المسؤول الإعلامي السعودي البارز محمد الخريجي.
تمتلك الشركة أكثر من 30 وسيلة إعلامية، بما فيها “الشرق الأوسط”، و”الشرق للأخبار”، و”عرب نيوز”، المنحازة على ما يبدو للحكومة السعودية، ويقع مقرها الرئيسي في السعودية، حيث تكاد تنعدم وسائل الإعلام المستقلة.
الخريجي هو الاسم الوحيد المذكور في جميع التقارير بخصوص بيع تشيلسي، ومن غير الواضح من يشارك في المجموعة.
رغم أن الشركة الإعلامية بذلت قصارى جهدها لإنكار أي صلات مباشرة بالحكومة السعودية، فقد ورد مرارا في وسائل الإعلام أن المجموعة لديها علاقات وثيقة طويلة الأمد مع حكام سعوديين سابقين وحاليين. بين 2002 و2015، ترأسها ثلاثة من أبناء الملك سلمان.
ثم شغل هذا المنصب الأمير بدر بن عبد الله بن محمد بن فرحان، الذي ورد أن له علاقات وثيقة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حتى 2018، عندما عُيّن وزيرا للثقافة.
الأمير بدر رئيس مجلس إدارة “معهد مسك للفنون” أيضا، التابعة لـ “مؤسسة محمد بن سلمان”(مسك) غير الربحية التابعة لولي العهد.
في 2020، عُيّن الخريجي، الذي شغل عدة مناصب رفيعة، رئيسا لمجلس إدارة “إم بي سي للحلول الإعلامية”، وهي وحدة إعلانات ومبيعات تجارية أنشأت بالشراكة بين “مجموعة إم بي سي” الإعلامية التي تملكها الحكومة السعودية، و”مجموعة المهندس القابضة”، الشركة الأم للشركة الإعلامية التي يرأسها الخريجي أيضا.
نظرا لمدى الارتباط الوثيق للشركة الإعلامية بالكيانات التي تسيطر عليها الدولة السعودية، ومدى ضعف استقلالية وسائل الإعلام السعودية الخاضعة لسيطرتها، ومدى تأثيرها – تدعي أن مجموع مشاهديها يصل شهريا إلى 165 مليون مشاهد – فهي تساهم بشكل كبير في تعزيز صورة الحكومة السعودية.
قال ياسمين أحمد: “بذلت الحكومة السعودية كل ما بوسعها في السنوات الماضية لدفن انتهاكاتها الحقوقية تحت الاستعراضات والفعاليات الرياضية. إلى أن تكون هناك مساءلة حقيقية عن انتهاكات القيادة السعودية، يخاطر الذين يستفيدون بصمت من سخاء المملكة بالتورط بغسل جرائمها”.