يجمع مراقبون على أن النظام السعودي يعد في حقيقته أقرب إلى بيت العنكبوت الذي يخشى ظهور كل معارض ويستنفر بغرض التشويه والتحريض خشية من كشف حقائق استبداده وقمعه الشامل.
ومع كل ظهور لإصلاحي سعودي جديد يعارض نظام ولي العهد محمد بن سلمان الذي أثبت أنه أخطر أعداء الوطن والأكثر إضرارًا بمصالحه.
ومع كل ظهور لمعارض يستعر النظام استعارًا ويستنفر كل أدواته من إعلام وكتاب وذباب في محاولة لتشويه وتخوين وتلفيق الاتهامات، وكلما كانت الضربة موجعة للنظام أكثر زادت حملة التشويه.
أكثر من 25 مليون ظهور للتغريدة و14 ألف إعجاب و 8 آلاف رد خلال 24 ساعة فقط، والأرقام في تزايد مطّرد.
أرقام كبيرة تعكس أزمة جسيمة يعيشها محمد بن سلمان وخوفه الشخصي من تزايد الأصوات “المجاهرة” بمعارضته، إذ أنه يعلم يقينًا أن الملايين من أبناء المملكة يعارضونه بـ “صمت”.
أحدث ذلك ظهور المعارض الملازم سالم بن ناصر القحطاني الذي ظهر متحدّثا واثق من نفسه، حافظ لكتاب الله، ناجح في حياته، حلم بدخول الكلية العسكرية وصار ضابطًا ويغار على دينه وبلده، لم يحتمل الفساد والإفساد فغادر رغم منصبه وراتبه من اجل هدف أسمى: هو الإصلاح.
وقد استبق القحطاني الأحداث فتوقّع حملة التشويه التي ستطاله، بما في ذلك ترويج تُهَم ساذجة وأساليب رخيصة ضده.
وقد بدأت أجندة الديوان مهامّها في تشويه صورة القحطاني، وانطلقت حسابات الذباب تغرد بوقت واحد وتهمة واحدة بأن القحطاني مريض نفسيًا وهارب من بيته منذ أشهر، فضلًا عن أعداد هائلة من الشتائم والتخوين والترهيب.
وبعيدًا عن التهمة الساذجة التي تتعارض مع شخصية القحطاني الرزينة والقوية، فإن التهمة مصدرها حساب واحد يُدعى “علي القحطاني”.
واستند الذباب في الترويج لذلك على منشور نشره علي القحطاني في 16-1-2024 يدّعي فيه اختفاء سالم منذ أسابيع وأنه مصاب بحالة نفسية.
لكن نظرة سريعة لحساب علي القحطاني تُثير الكثير من الشكوك التي تفنّد أباطيل ذباب الديوان:
– علي لم يدّع أنه أخو سالم كما زعم الذباب.
– ليس هناك أي ربط او متابعة بين حساب سالم وعلي.
– عند نشر منشور اختفاء سالم أول مرة لم يتم التعليق عليه من قبل أهل أو أقارب أو معارف.
اللافت للنظر أن من تفاعل مع منشور علي القحطاني حساب واحد يُدعى حسن الفارسي أدّعى أنه زميل سالم في العمل وأنه فُصل مع وظيفته ومع ذلك لم يرد عليه علي حينها بما يُثبت أو ينفي ذلك.
فلو كان مريضًا نفسيًا ومفصولًا من عمله لتفاعل معه وأكد ذلك تغريدة حسن تداولها الذباب بشكل واسع.
وعليه فإن المرجح أن حساب علي القحطاني حساب وهمي يديره ذباب الديوان، والأغلب أنه بعد اكتشاف مغادرة سالم للبلد، استبقوا الأحداث ونسجوا قصة مرضه النفسي وفصله من الوظيفة ونشروا اختفائه.
والدليل أن علي القحطاني كرّر نشر التغريدة وربطها مع حسابات رسمية أو وطنجية كفايز المالكي ونايفكو، ما يرجّح أن حساب علي القحطاني وهمي طبيعة منشوراته والتفاعل معها.
فقبل 16-1 كانت كل منشورات القحطاني جمل قصيرة ومقتضبة، ولكن اللافت أن أيًا منها لم يحظ بتفاعل أو إعجاب.
فهل يُعقل أن حسابًا حقيقيًا لا يجد أي تفاعل ولو من خاصة اهله أو معارفه؟ بينما اختلف النشر بصورة كلية بعد ذلك.
بالتالي فإن ما فشل فيه الديوان الملكي وذبابه أيضًا حبك الكذبة، فهل يُعقَل أن يختفي شاب لأشهر دون أن يراه أحد؟ وكيف يتم تهريبه خارج البلد من قبل المعارضة كما تدّعي حسابات الديوان؟.
وإن حصل ذلك فهذه مصيبة أكبر تعكس الفشل الكبير للأجهزة الأمنية للنظام.
وأيًا ما يكن الأمر فإن السؤال المركزي لماذا يخشى ولي العهد من رجل واحد لا يملك إلا لسانه، ولماذا كل هذا العدد من الذباب والوطنجية الذين اتهموه وشوّهوه؟.
ثم أليس الاختلاف أمرًا طبيعيًا، أليس لكل حاكم معارضون فلماذا يتهم ولي العهد كل معارض بالخيانة؟ ولماذا يوعز لذبابه بالطعن والتخوين والتشويه.
الخلاصة أن تزايد الملتحقين بصفوف المعارضة بات ظاهرة بارزة، والأبرز أن جلّهم من صفوة المجتمع ونخبه بين علماء دين ومثقفين وضباط.
وهذا يعكس تزايد الرفض الشعبي لمحمد بن سلمان وممارساته وسياساته. والأيام حُبلى بمزيد من الأصوات المدافعة عن الوطن والمناهضة لولي العهد ولكل مستبد نهاية.