تصاعد خسائر بورصة المملكة بوتيرة قياسية
هبطت بورصة المملكة إلى أدنى مستوى لها في نحو 11 شهرا، لتفقد بذلك أكثر من 4% منذ بداية العام الحالي وسط تصاعد الأزمة الاقتصادية بفعل فشل نظام آل سعود.
وقلصت بورصة المملكة خسائرها في التعاملات الصباحية اليوم الأربعاء قبل أن تعود للهبوط مجددا، في وقت يعتقد فيه خبراء ومراقبون أن قرب عملية الاكتتاب في شركة أرامكو شكل ضغطا سلبيا على المتعاملين في السوق، إلى جانب توقعات بنتائج ضعيفة للشركات المحلية.
وسجل مؤشر الأسهم السعودي تراجعا حادا في تعاملات أمس، مع هبوط جميع البنوك المدرجة قبيل إعلان نتائج الربع الثالث من العام، حيث ما زالت التوقعات ضعيفة.
وهبط المؤشر الرئيسي للسوق السعودية 1.6% أمس، مسجلا أدنى مستوياته منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2018. وفي التعاملات الصباحية اليوم نزل المؤشر أكثرمن 0.7%، بعدما حاول تقليص خسائره عند الافتتاح.
ومن المتوقع أن تتأثر نتائج البنوك السعودية في الربع الثالث جراء خفض البنك المركزي أسعار الفائدة مرتين متتاليتين في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول الماضيين، وهو ما يقول المحللون إنه سيضغط على إيراداتها.
ونقلت وكالة رويترز العالمية للأنباء عن مدير المحفظة في “المال كابيتال” فراجيش بهانداري قوله “بوجه عام، التوقعات لنتائج الربع الثالث خافتة.. تخفيضات الفائدة سلبية على هامش الأرباح نظرا لأن جانبا كبيرا من الودائع بلا تكلفة، ونمو القروض لا يبعث على الإعجاب”.
وبهبوط أمس يكون المؤشر السعودي قد تراجع في 10 من 11 جلسة هذا الشهر، وبخسائر بلغت 4.2% منذ بداية العام، وبتراجع فاق 8% في الربع الثالث.
ويعتقد متابعون للشأن الاقتصادي في المملكة أن قرب طرح أسهم أرامكو للاكتتاب ربما مارس ضغوطا سلبية على سوق الأسهم السعودية.
ولم يستبعد المدير العام لشركة “نماء” للاستشارات المالية طه عبد الغني أن يكون الحديث عن طرح عام أولي لأسهم أرامكو في البورصة سببا في تراجع البورصة السعودية.
وقال “إذا كان هناك إدراج محلي فقد يكون بسعر تفضيلي مما يشكل فرصة جيدة للمتعاملين، وعلى هذا الأساس سيبيعون أسهمهم الحالية في انتظار بدء الطرح العام”.
لكن عبد الغني بدا مقتنعا بأن الحرب السعودية في اليمن واستجلاب قوى عسكرية من الخارج وتوتر العلاقات مع إيران والضربة التي استهدفت منشآت أرامكو، كلها عوامل استنزفت ميزانية المملكة وأثرت بذلك على مشاريع التنمية، ومن ثم أثرت على جاذبية السوق السعودية للمستثمرين.
وينقل موقع “معلومات مباشر” عن محللين قولهم إن قرب طرح أرامكو “عامل رئيسي في هبوط السوق للجلسة السابعة على التوالي”، وسط حذر على المدى القريب.
وقال رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية ياسر الرميان أمس الأول إن الطرح العام الأولي للشركة المنتجة للنفط المملوكة للدولة، سيُعلن عنه “قريبا جدا جدا”.
ويبدي بعض المراقبين تشاؤما من قدرة سوق الأسهم السعودية على استيعاب إدراج أسهم أرامكو في السوق المحلية.
وينقل موقع “أرقام” المتخصص قول بعضهم إن “صانع السوق يترقب تخارج صغار المستثمرين”، وإن “السوق لن ترتفع”، بل إنه “مع اقتراب إدراج أرامكو سيزيد الضغط وتزداد وتيرة الانخفاض”.
ويعتقد البعض أن النزيف الذي تشهده سوق الأسهم السعودية يعود إلى “الضبابية والتصريحات المبهمة”، في إشارة إلى ما أدلى به رئيس مجلس إدارة أرامكو.
ويرى آخرون أن توفير السيولة للاكتتاب يمكن أن يتم بطرق أخرى غير “حرق الأسهم”، ويعني ذلك بيعها لتوفير أموال استعدادا للطرح العام المرتقب.
وقالت “فايننشال تايمز” أمس الأول إن السعودية تسعى لبيع 3% من أرامكو في البورصة المحلية بحلول نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويعول محمد بن سلمان على بيع حصة من أسهم أرامكو ليجمع 100 مليار دولار تسعفه في تحقيق خطته لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، وذلك من خلال عملية إدراج أولي محلي قبل التوجه نحو بورصات عالمية أخرى.
ومن المتوقع أن يبدأ الطرح العام الأولي لأرامكو في الأيام المقبلة، وهو ما رأت فيه وكالة بلومبيرغ فرصة لاختبار ثقة السعوديين في محمد بن سلمان.
وتواجه عملية الاكتتاب صعوبات تتعلق بالتقييم المبالغ فيه لقيمة أرامكو التي يتمنى ولي العهد السعودي أن تكون بحدود تريليوني دولار، في حين تشير تقديرات الخبراء إلى أن قيمتها لا تتجاوز 1.5 تريليون فقط.
كما تواجه خطة الاكتتاب عقبات أخرى تتعلق بإمكانية تأثر حجم الطلب على أسهم أرامكو بانخفاض أسعار النفط.
ويُتوقع أن تجتمع هيئة أرامكو السعودية مع مستشاريها يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وذلك وفقًا لأشخاص مطلعين على المخطط.
ومما قد يزيد من الضغوط على السوق السعودي، تقديرات جديدة لصندوق النقد الدولي توقعت نمو اقتصاد المملكة 0.2% العام الحالي، بدلا من تقديرات سابقة عند 1.9%.
وقد ربط صندوق النقد هذا التراجع بأسباب من أهمها تخفيضات إنتاج النفط، رغم أن تقريره عن توقعات الاقتصاد العالمي قال إنه يصعب تقييم الأثر الاقتصادي لهجوم الشهر الماضي على منشأتين نفطيتين تابعتين لأرامكو، الذي قلص إنتاج أكبر بلد مصدر للخام في العالم إلى النصف.
ويعاني اقتصاد المملكة منذ سنوات بسبب تدني أسعار النفط وإجراءات تقشف تستهدف تقليص عجز ضخم في ميزانية الدولة.