انخفاض كبير لبورصة المملكة على خلفية التوتر الإقليمي
انخفض مؤشر بورصة المملكة اثنين بالمئة، ونزل سهم أرامكو السعودية 0.7 بالمئة إلى 34.9 ريالا (9.5 دولارات).
ويأتي ذلك على خلفية التوتر الإقليمي عقب اغتيال الولايات المتحدة الأمريكية القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، مهندس العمليات السرية والعسكرية الإيرانية في الخارج، في ضربة جوية يوم الجمعة استهدفت موكبه في مطار بغداد.
واعتبرت إيران قتل سليماني عملا من أعمال الحرب قد يؤدي إلى تفجّر الأوضاع في المنطقة.
وهبط سهم أرامكو النفطية السعودية إلى 0.7% ليصل إلى 34.9 ريالاً (9.5 دولار).
وسجل اقتصاد المملكة انكماشا بنسبة 0.46% في الربع الثالث من العام 2019 على أساس سنوي، إذ تأثر سلبا بهبوط إنتاج النفط مع خفض المملكة، أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إنتاجها.
وأظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة أن ناتج القطاع النفطي تراجع 6.43%، لكن ناتج القطاع غير النفطي نما بنسبة 4.33% بقيادة نشاط القطاع الخاص. وعلى أساس مُعدل في ضوء العوامل الموسمية، انكمش الاقتصاد 0.19% في الربع الثالث على أساس فصلي.
وتأتي البيانات بعدما خفض نظام آل سعود في ميزانية المملكة توقعات النمو الاقتصادي إلى 0.4% في 2019 من 0.9%، مع تضرر النمو جراء انخفاض أسعار النفط وتخفيضات الإنتاج التي اتفقت عليها دول أوبك ومنتجون من خارج المنظمة.
واتفقت أوبك وحلفاؤها على زيادة تخفيضات الإنتاج بواقع 500 ألف برميل يوميا حتى مارس/ آذار 2020، وهو ما قد يلقي بثقله على تعافي الاقتصاد السعودي في أوائل 2020. وتتوقع الحكومة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 2.3% في 2020.
وأظهرت البيانات أن قطاع التعدين والمحاجر، الذي يشكل 38.2% من الناتج المحلي الإجمالي، سجل أكبر انخفاض بنسبة 6.39% بفعل انخفاض إنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعي 6.52%.
وهبط ناتج قطاع تكرير البترول 6.11%، ما أدى لانخفاض ناتج الصناعات التحويلية 2.4%. ويمثل قطاع الصناعات التحويلية 12% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة.
وجاء النمو في الربع الثالث من تجارة الجملة والتجزئة، التي زادت 8%، بينما نما قطاع الخدمات المالية والتأمين والعقارات وخدمات الأعمال 6.28%.
ويقول خبراء اقتصاديون إن استثمارات المملكة في مشاريع غير نفطية بقيادة صندوق الاستثمارات العامة ستقود النشاط الاقتصادي على نحو متزايد في 2020.
وفي إطار خطة تنويع الاقتصاد التي يرعاها ولي العهد محمد بن سلمان، سيُعاد استثمار حصيلة بيع حصة 1.5% من شركة النفط العملاقة أرامكو في قطاعات غير نفطية في مسعى لتقليص الاعتماد على إيرادات النفط.
ومن المقرر بدء أعمال الإنشاء في الأجزاء الرئيسية الأولى من مشروع مدينة القدية الترفيهية، وبوابة الدرعية في مطلع 2020، كما من المتوقع أن يبدأ مشروع البحر الأحمر السياحي أيضا أعمال بناء على نطاق شامل في العام المقبل.
والمؤشرات المسجلة لاقتصاد المملكة كفيلة بتصدير صورة سلبية عن مناخ الاستثمار به، فحسب أرقام وزارة المالية، والمنشورة على موقعها، يتوقع أن تتراجع الإيرادات العامة من 917 مليار ريال (244 مليار دولار) إلى 833 مليار ريال (222 مليار دولار)، أي أن القيمة المنتظرة للتراجع في الإيرادات العامة تقدر بـ 84 مليار ريال، وبما يمثل 9.1%.
أما النفقات فيتوقع لها أن تتراجع أيضًا في عام 2020 إلى 1020 مليار ريال (272 مليار دولار) بعد أن كانت في 2019 نحو 1048 مليار ريال (279 مليار دولار)، أي أن قيمة التراجع في النفقات العامة يتوقع أن تكون 28 مليار ريال، وبما يمثل نسبة 2.6%.
وكان المأمول أنه في ظل التوسع في الدين العام، أن تتزايد النفقات العامة، إن لم تبق على ما هي عليه في عام 2019، من أجل المحافظة على حالة من النشاط الاقتصادي، الذي يصدر الأمل لمجتمع الأعمال، ويحسن من مستوى معيشة المواطن.
وتعكس الأرقام المعلنة وجود عجز بين الإيرادات والنفقات بميزانية المملكة في 2020 تقدر قيمته بنحو 187 مليار ريال، وهو ما سيتم تمويله عبر الديون، والتي من المقدر لها أن تزيد خلال العام القادم لتصل إلى 754 مليار ريال مقارنة بـ 687 مليار ريال، أي ان هناك زيادة منتظرة في الدين العام السعودي بنحو 67 مليار ريال.
ويعكس تراجع النفقات العامة بالمملكة خلال العام القادم، حالة من التشاؤم بخصوص الوضع الاقتصادي، فتراجع الانفاق العام، يعني استمرار حالة الانكماش التي يعيشها الاقتصاد السعودي، وسيؤدي ذلك بلا شك إلى تقليص فرص العمل، وهو ما يقوض طموحات الحكومة السعودية ورؤية 2030 بإتاحة المزيد من فرص العمل للمواطنين السعوديين، ومن المتوقع أن يؤدي ذلك أيضًا إلى التوقف عن الدخول في مشروعات عامة جديدة، أو استكمال المشروعات التي توقفت خلال السنوات الماضية.
كما تؤكد الأرقام الخاصة بتراجع الإيرادات العامة، استمرار وقوع الاقتصاد السعودي تحت وطأة تقلبات سوق النفط الدولية، وأن الحديث عن الصندوق السيادي العملاق، أو الدخول في برامج خصخصة -والتي بدأت بشركة أرامكو- لم تفلح في تمويل الميزانية السعودية ليكون لها إنفاق توسعي يعمل على إحداث حالة من الانتعاش، لحين عودة الإيرادات النفطية إلى طبيعتها.
كما أن موازنة المملكة سوف تظل تعاني من تراجع إيراداتها وزيادة العجز والاعتماد على الديون، في ظل تقدير صندوق النقد الدولي، بأن وضع توازن الميزانية السعودية يتطلب أن يصل سعر برميل النفط إلى 71 دولارا، وهو وضع غير متحقق الآن في ظل خضوع سوف النفط لتوازنات دولية، خارج نطاق سيطرة أو مساهمة حكومة آل سعود، أو حتى منظمة “أوبك” برمتها.