قالت وكالة بلومبيرغ الأمريكية إن نظام آل سعود صعد إجراءاته العقابية بحق معتقلي الرأي في سجونه سيما الشخصيات البارزة.
وأكدت الوكالة الأمريكية في تقرير لها أن سلطات آل سعود منعت الاتصالات بين المعتقلين والمعتقلات المعروفين وعائلاتهم، وزادت القمع ضد أي معارض يهدد بتوتير العلاقة بين المملكة والدول الغربية الحليفة لها.
وقالت فيفيان نيريم في تقرير نشره موقع “بلومبيرغ” إن لجين الهذلول، الناشطة في مجال حقوق المرأة التي اهتمت وسائل الإعلام العالمية بخبر اعتقالها في عام 2018 لم تتصل مع عائلتها منذ 9 حزيران/ يونيو كما تقول شقيقتها.
أما الأميرة بسمة بنت سعود المعتقلة مع ابنتها، فلم تتحدث مع أقاربها منذ نيسان/ أبريل عندما انتشرت أخبار تغريدة كتبتها، وذلك حسب أشخاص على معرفة بالموضوع.
أما سلمان العودة المعتقل منذ 2017 فقد كانت آخر مكالمة له في 12 أيار/ مايو.
وكان يسمح لمعظم المعتقلين هؤلاء الاتصال في الماضي بعائلاتهم وبانتظام، وأحيانا كل أسبوع، لكنهم صمتوا الآن.
ونقلت الكاتبة عن نجل العودة، عبدالله قوله: “أنا قلق لدرجة أنني أشعر بالشلل في هذه اللحظة”، مضيفا أنه سمع نفس الشيء من أفراد العائلات الأخرى.
وقال: “هم قلقون بدرجة شديدة على عائلاتهم وإن كانت هناك إصابات بفيروس كورونا ولماذا تتكتم الحكومة عليهم”.
وفي الوقت نفسه يواصل السعوديون عملهم على قضايا أثارت العام الماضي غضبا في الولايات المتحدة، وهي محاكمة مجموعة من الكتاب والمثقفين بمن فيهم صلاح الحيدر، وبدر الإبراهيم، اللذين يحملان الجنسية المزدوجة السعودية- الأمريكية.
وقدمت لهما لائحة الاتهامات كما قال أشخاص يعرفون بالقضايا. وقالوا إنهم سيقدمون إلى محاكم مخصصة للتعامل مع قضايا الإرهاب والأمور الأمنية الأخرى.
ولم يردّ مكتب الاتصالات الدولية الحكومي الذي يتعامل مع طلبات الإعلام الأجنبي على أسئلة وجهها الموقع له. ولم تحصل الكاتبة على رد من دائرة العلاقات العامة في المديرية العامة للسجون.
وعندما حاولت الكاتبة التواصل عبر البريد الإلكتروني مع دائرة العلاقات العامة في السجون، رجعت الرسالة برد آلي يقول إن البريد ممتلئ.
وتقول نيريم إن صمت المعتقلين والمعتقلات يمثل لعائلاتهم تصعيدا غير متوقع في القمع الذي يمارسه ولي العهد محمد بن سلمان ضد نقاده المحليين.
وتم اعتقال عشرات رجال الأعمال والدعاة والأكاديميين والناشطين في السنوات الأخيرة مما خلق مناخا من الخوف، كل هذا في وقت يحصل فيه الأمير على دعم بسبب فتحه اقتصاد المملكة وتخفيف القيود الاجتماعية المفروضة على المرأة.
وتشير الكاتبة إلى أن تشديد الخناق خلق جيلا جديدا من المعارضين، وحفّز حملات للدفاع عن المعتقلين في الخارج مما يخلق إحراجا للمملكة.
فاستأجر عدد من السعوديين في الخارج شركات ضغط أمريكية ومحامين للدفع بحالاتهم إلى الضوء، في وقت تشهد الولايات المتحدة حملات انتخابية.
وأقام الأمير محمد بن سلمان علاقات قوية مع الرئيس دونالد ترامب وصهره جارد كوشنر وحصل على دعمهما العلني في أعقاب مقتل المعلق والصحافي السعودي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي بقنصلية المملكة في اسطنبول، عام 2018.
وأدت السياسة الخارجية وحملات القمع ضد المعارضين للأمير البالغ من العمر 34 عاما إلى نفور دوائر في الإدارة الأمريكية منه، وشجبه عدد كبير من نواب الكونغرس.
وفي تموز/ يوليو، حثّ أربعة أعضاء في مجلس الشيوخ يمثلون الحزبين، الرئيس ترامب على العمل من أجل إطلاق سراح ولديْ البمسؤول السعودي السابق في المخابرات، سعد الجبري. قائلين إن على الرئيس “واجبا أخلاقيا” بالوقوف مع رجل ساعد المخابرات الأمريكية ولسنوات، والذي تقول السلطات السعودية إنه مطلوب في قضايا فساد.
وتقول نيريم إن تغيرا في إدارة البيت الأبيض يعني نهجا جديدا في التعامل مع السعودية والقمع الذي تمارسه ضد المعارضين المحليين.
ووصف المنافس الديمقراطي جوزيف بايدن السعودية بالدولة “المنبوذة” وهدد بمنع صفقات السلاح مع المملكة وملاحقة المتهمين بجريمة خاشقجي.
واتسمت علاقات المسؤولين السعوديين بإدارة باراك أوباما ونائبه بايدن بالبرود. وفي مقابلة مع “بلومبيرغ” عام 2018، قال محمد بن سلمان إن معظم قضايا المعتقلين لا علاقة لها بحرية التعبير، واتهمهم بالتعاون مع مخابرات أجنبية والتطرف.
ومنذ ذلك الوقت، استمرت السلطات باعتقال سعوديين من كل ألوان الطيف الديني والسياسي بمن فيها اقتصادي معروف ومؤثر على تطبيق سناب تشات.
واتُهمت لجين الهذلول مع غيرها من الناشطات بتهم عدة منها الدعوة للتغيير السياسي وإهانة المملكة والتواصل مع دبلوماسيين وصحافيين أجانب، لكن محاكمتها معلقة منذ أشهر.
ويطالب وكيل النيابة العامة السعودية، بحكم الإعدام ضد سلمان العودة بتهم لها علاقة بالأمن وتعليقات كتبها على الإنترنت.
وقالت أريج السدحان، شقيقة المعتقل السياسي عبد الرحمن السدحان: “لا أتمنى هذا لأي أحد” مشيرة إلى أن عائلتها لم تتلق إلا مكالمة واحدة منذ اعتقال شقيقها في آذار/ مارس 2018. وتعتقد عائلته إن اعتقاله جاء بسبب حساب على تويتر كان يديره باسم مجهول.
ولم تستمر المكالمة التي أجريت معه في شباط/ فبراير أقل من دقيقة، حيث كانت كافية لإخبار عائلته أنه لا يزال على قيد الحياة.
وحاولت السدحان بكل الطرق التواصل مع شقيقها، معلقة أن “الصمت يصم الآذان” و”كل الأبواب مغلقة ولم يعد لدينا أي خيار سوى الكلام”
وتعلق الكاتبة أن غياب الاتصال بين المعتقلين وعائلاتهم أمر غير عادي في السجون السعودية. فبعد نهاية فترة التحقيق يسمح للمعتقلين بالاتصال بعائلاتهم وأصدقائهم مع زيارات متقطعة.
وبحسب عالية الهذلول، شقيقة لجين، قيل للعائلة في مرة إن انقطاع الزيارات والاتصالات أمر مرتبط بأمور تنظيمية ناجمة عن انتشار فيروس كورونا.
ولكن لم يتغير أي شيء عندما بدأت السلطات تخفف من الإغلاقات. وزارها والداها في آذار/ مارس قبل تشديد الإجراءات بسبب فيروس كورونا الذي أصاب أكثر 300 ألف شخص في السعودية. وكانت عالية تتصل بشقيقتها أسبوعيا.
وتعيش عائلات المعتقلين حالة من القلق المستمر على أبنائها وبناتها المعتقلين، خاصة بعد وفاة سجينين معروفين، منهم عبد الله الحامد الذي سُجن في عهد الملك عبدالله، حيث نقل في نيسان/ أبريل إلى المستشفى بعد إصابته بجلطة.
وذلك بحسب رسالة من مقررين خاصين في الأمم المتحدة إلى الحكومة السعودية.
وحثوا الحكومة للرد على اتهامات بأن مسؤولي السجن أخروا العملية الجراحية التي أوصى بها الأطباء للحامد. ولكن السلطات لم تعلق.
ثم جاءت حالة صالح الشيحي، الصحافي الذي اعتقل في 2017 بعد انتقاد وجّهه أثناء مقابلة تلفزيونية للفساد في الديوان الملكي. وفي منتصف حزيران/ يونيو، أدخل الشيحي غرفة العناية الفائقة كما كتب أقاربه على تويتر.
ومات في 20 تموز/يوليو بعد إصابته بفيروس كورونا حسبما نشر في الصحف السعودية.