يحتفل ولي العهد محمد بن سلمان وفريقه الحاكم بفوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مجددا بالانتخابات الرئاسية الأمريكية وعودته إلى البيت الأبيض.
وترامب صاحب المقولة الشهيرة بأنه من تولى حماية “مؤخرة” ولي العهد يعتبر من أشد المؤيدين للمستبدين أمثال محمد بن سلمان طالما أنه يدفع له الصفقات المالية الضخمة.
وقال تحليل لمجلة فورين بولسي الأمريكية إن السعودية دعمت ترامب في الانتخابات الأمريكية وتأملت بشدة عودته إلى البيت الأبيض لتعزيز طموحاتهما الإقليمية.
ورأى التحليل أن الحرب الإسرائيلية في غزة – وما نتج عنها من اغتيالات وحروب ناقلات وهجمات بالطائرات المسيّرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط – جعلت دول الخليج في حالة توتر.
وكان من المرجح أن تتخذ نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة موقفًا أكثر صرامة بشأن النزاعات في السودان واليمن، وأن تنخرط دبلوماسيًا مع إيران، وهي مواقف تتعارض مع الطموحات الجيوسياسية للسعودية.
لذا، فضلت السعودية رؤية الرئيس السابق دونالد ترامب يعود للبيت الأبيض. فقد كان نهج ترامب القائم على المعاملات التجارية وعدم الالتزام بالأعراف السياسية ضروريًا لتعزيز نفوذ السعودية في المنطقة.
هذا التفضيل يعكس حسابات استراتيجية أعمق. ففي عهد ترامب السابق، تمتعت دول الخليج بدعم غير مسبوق من الولايات المتحدة، شمل صفقات الأسلحة والموقف المتشدد لواشنطن ضد إيران.
وتعد مقاربة هاريس للسياسة الخارجية الأمريكية مغايرة تمامًا. رغم أن إدارة بايدن حافظت على بعض المواقف الصارمة تجاه إيران، إلا أنها لم تصل إلى مستوى سياسات ترامب.
من المرجح أن تعيد هاريس إحياء السياسات الدبلوماسية التي اتبعتها إدارة باراك أوباما، مبتعدة عن السياسات العدوانية التي كانت تدعم أهداف الخليج الاستراتيجية.
ففي عام 2019، عندما كانت عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي، صرحت هاريس بأنها ستعود إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي انسحب منه ترامب، وأنها ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة إيران وحماية القوات الأمريكية في المنطقة.
وكان بايدن قد قدم وعدًا مشابهًا خلال حملته الرئاسية في عام 2020، لكن المفاوضات تعثرت لأسباب عدة.
بشكل عام، تفضل هاريس نهجًا أكثر دبلوماسية وتعددية في التعامل مع الأزمات الإقليمية. أما ترامب، فقد اصطف بشكل وثيق مع مصالح الخليج أثناء ولايته، لا سيما فيما يتعلق بإيران واليمن.
ومع عودة ترامب إلى الرئاسة، يرى محمد بن سلمان فرصة لتعزيز طموحاته الداخلية والإقليمية.
خلال ولاية ترامب، بدأ محمد بن سلمان التفاوض على صفقة ضخمة مع الولايات المتحدة.
تشمل هذه الصفقة اتفاقًا أمنيًا وتعاونًا في مجال الطاقة النووية المدنية والدفاع – بما في ذلك مبيعات الأسلحة – بين البلدين. لكن الشرط الأساسي كان أن تطبّع السعودية العلاقات مع إسرائيل، وذلك مشروط بإحراز تقدم كبير نحو إقامة دولة فلسطينية. إلا أن هذه المحادثات واجهت عقبات بسبب الحرب المستمرة في غزة.
رغم أن البعض وصف الاتفاق المقترح بأنه شبيه بحلف الناتو، إلا أنه أقرب إلى اتفاقية الدفاع بين الولايات المتحدة واليابان.
فعلى عكس المادة الخامسة من ميثاق الناتو، لا يتضمن هذا الاتفاق ضمانًا لتدخل عسكري أمريكي تلقائي في حال تعرض السعودية لهجوم، مما يمنح واشنطن مرونة في تحديد مستوى الدعم الذي تقدمه للرياض.
من المرجح أن تحد هاريس من التزامات الولايات المتحدة الأمنية تجاه الرياض وتلتزم باللوائح القائمة بعكس ترامب. ففي عام 2019، خلال إدارة ترامب، تعرضت السعودية لهجوم على منشأتين نفطيتين تابعتين لأرامكو، وردت الولايات المتحدة بنشر قوات إضافية، وأنظمة دفاع صاروخي، ومعدات رادار في السعودية.
ويعتقد محمد بن سلمان أن استعداد ترامب لتقديم دعم غير مشروط لمصالح السعودية الأمنية يجعل من إبرام اتفاق رسمي مع الولايات المتحدة أمرًا ممكنًا، حتى وإن ظلت قضية حل الدولتين نقطة شائكة.
يسعى ولي العهد إلى الحصول على تفوق عسكري على جيرانه في المنطقة، ويهدف الجانب الدفاعي من الاتفاقية إلى تعزيز الروابط العسكرية بين الولايات المتحدة والسعودية من خلال برامج التدريب المشتركة وبرامج الاستشارات وزيادة مبيعات الأسلحة.
وتطمح الرياض لتأمين أنظمة دفاع جوي متقدمة لمواجهة التهديدات من الطائرات المسيّرة والصواريخ القادمة من خصومها الإقليميين، وخاصة إيران ومحورها في المنطقة.
وقد حقق ترامب سابقة في هذا المجال؛ ففي عام 2017، قام إدارته بتسهيل صفقة أسلحة ضخمة مع الرياض قد تصل قيمتها إلى 110 مليارات دولار، مما زاد من قدرات السعودية العسكرية وتفوقها الإقليمي.