دراسة دولية تكذب الدعاية الحكومية بشأن انخفاض البطالة في السعودية
كذبت دراسة دولية الدعاية الحكومية الرسمية بشأن انخفاض البطالة في السعودية مع أن كشفت عن انخفاض المشاركة في القوى العاملة وليس إلى نمو التوظيف القوي.
وقالت الدراسة الصادرة عن معهد AGSIW في واشنطن إن التقلبات الكبيرة في بيانات سوق العمل في السعودية تجعل من الصعب استخلاص استنتاجات مؤكدة من أي إصدار للبيانات.
وبحسب الدراسة فإن الانخفاض في إجمالي معدل البطالة خلال العام الماضي يرجع إلى انخفاض المشاركة في القوى العاملة وليس إلى نمو التوظيف القوي.
وأوضحت أنه لايزال معدل البطالة بين الرجال السعوديين دون تغيير عند 4.6% بين الربعين الثالث والرابع من عام 2023، ولا يزال أعلى من معدل 4.2% في الربع الرابع من عام 2022.
وأبرزت الدراسة أن معدل انخفاض البطالة في السعودية يشير إلى أن عددا متزايدا من السعوديين الذي هم في سن العمل؛ أصبحوا غير راغبين بالانخراط في سوق العمل، حيث ارتفع معدل البطالة على الرغم من انخفاض معدلات المشاركة بشكل كبير مع توقف نمو العمالة.
ورغم الوعود بتخفيض البطالة ضمن رؤية 2030، فإن النسب لدى الفئة العمرية التي استهدفها التقرير ازدادت، حيث كان معدل الشباب خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب في 2015 عند 16.1% لتقفز لـ 25% للشباب السعودي منتصف 2021، لتبقى الوعود الكاذبة أهم إنجازات بن سلمان.
ولا يزال الهاجس الأكبر لشباب المملكة هو المواءمة بين نجاح التعليم والدراسة وحلم الحصول على وظيفة مناسبة بحسب نتائج دراسة بحثية مطولة قامت بها مؤسسة الملك خالد.
رغم أن مؤسسة الملك خالد لم تخرج عن عباءة الترويج لدعم ابن سلمان للشباب وتوفير فرص العمل لهم وتأهيلهم لها عبر “برنامج تنمية القدرات البشرية” ضمن رؤية 2030.
إلا أن ثنايا البحث أظهرت الواقع السيء الذي يعيشه الشباب بداية من رحلة التعليم التدريب انتهاءً بالحصول على فرصة عمل مناسبة.
واحد من بين كل 4 شباب في المملكة (بين 15-24 سنة شملتهم الدراسة) ينقطع عن التعليم والتدريب لتأهيل الانضمام لسوق العمل، وبلغة الأرقام فإن مليون ناشئ من بين 3.92 سعودي يعانون من غياب الدعم ليكونوا قادرين على الاندماج في سوق العمل لعدم حصولهم على فرص تعليمية وتدريبية تؤهلهم لذلك.
حسب التقرير، فإن خسارة 25% من شبابنا بعيدًا عن ميادين التعليم والتدريب، يرافقها إهدار فرصة اقتصادية غير مستغلة تُقدّر بـ 45 مليار ريال سنويًا يفقدها الاقتصاد في التنمية، ما بين أجور غير مكتسبة، ومساهمات تأمينات اجتماعية غير متحققة، وإيرادات ضريبية فائتة.
وأثار التقرير تساؤلًا لم يجد المختصون له إجابة: ماذا يفعل 25% من الشباب خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب؟ كيف هي حياتهم؟ ما هي تجاربهم؟ ما هي مسببات بقائهم بدون عمل أو تعليم أو تدريب؟، هل السبب التحديات الأسرية والمجتمعية؟ أم النظم الاجتماعية والاقتصادية؟ أم غياب دعم الحكومة؟.
وخلُصَت نتائج الدراسة الميدانية أن فئة الشباب بين 15-24 عامًا لديها صعوبات في قدرتهم على رسم مسار حياتهم باستقلالية ووعي، ما أدى لخمولهم الاجتماعي والاقتصادي، ولمحاولة تأقلمهم عبر وسائل مختلفة، ساهمت في خلق حالة من التناقض بين توقعاتهم وما يواجهونه على أرض الواقع.
اللافت للنظر، أن تفضيلات الشباب للعمل كانت في الوظائف الحكومية، التي يعتقدون أنها وظائف آمنة ومستقرة، مع غياب الحافز للمخاطرة وخوض تجربة العمل الحر.
هذا المؤشر الخطير يعكس غياب طموح الشباب لتطوير قدراتهم وإمكاناتهم في بلد ذي اقتصاد قوي، واكتفائهم بالرغبة في وظيفة حكومية أمنة.
حملة الشهادة الجامعية أكثر المتحسّرين لعدم الحصول على وظائف خصوصًا مع طول مدة انتظارهم والتي عزَوا أسبابها لتفشّي الواسطة وشروط الخبرة وإتقان اللغة الإنجليزية في الوظائف المعلنة.
كما أبدى العديد منهم حزنهم لاضطرارهم للتنازل عن الشهادة الجامعية للحصول على وظيفة عسكرية أو أمنية.
واصطدم الشباب بدورة طويلة للبحث عن فرصة عمل في ظل انتشار الواسطات والمحسوبيات، وانتقدوا دور المنصات الحكومية المساندة في البحث عن عمل، مع تجارب مريرة للعمل الحر بسبب ضعف الرقابة الحكومية التي تدفع أصحاب العمل الحر لاستغلال الشباب للعمل لساعات طويلة أو التأخر بدفع الأجور.
ومن الأمور التي نبّه لها التقرير، تزايد معدّل الشباب (15- 24 عامًا) ممّن هم خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب في المملكة في عام 2022 عمّا كان عليه عام 2019، ليؤكّد التأثير العكسي لـ “برنامج تنمية القدرات البشرية” الذي أطلقه بن سلمان ضمن رؤية 2030.
كما حذر التقرير من النسب الخطيرة لـ “اضطرابات الصحة النفسية” التي تعاني منها الفئات العمرية الشابة في المملكة، بحيث يعاني 40% من الأعمار (15-24) ومثلهم للأعمار (25-34) من اضطرابات نفسية.
وأحد أسباب هذه الاضطرابات النفسية هواجس فرص العمل والأمان الوظيفي في بلد يُصنّف اقتصاده كأحد أكبر الاقتصادات حول العالم.
وخرج البحث الميداني لمؤسسة الملك خالد بجملة من التوصيات لتدارك واقع الشباب في مقدمتها ضرورة “توفير فرص العمل اللائق والتمويل للشباب من خلال حزمة من التطويرات على الأنظمة والتشريعات والبرامج والمبادرات” في إشارة واضحة لضعف الدور الحكومي وعدم فاعلية برامجها رغم الوعود المتكررة.
وكشف تقرير مؤسسة الملك خالد الكثير من التحديات والعوائق التي يواجهها الشباب في المملكة في رحلة البحث عن تطوير قدراتهم والتدريب للحصول على وظيفة مناسبة.
كما كشف معها عن ضعف الدور الحكومي لمعالجة الأمر والتخفيف من مخاوف الشباب رغم الوعود والبرامج العديدة التي أطلقتها الحكومة.