برلمانيون بريطانيون يطلقون تحقيقا باعتقال أميرين سعوديين

أعلن برلمانيون بريطانيون ومحامون دوليون عن تشيكل لجنة خاصة لتقصي الحقائق؛ بشأن احتجاز ولي العهد السعودي السابق محمد بن نايف وعمه الأمير أحمد بن عبد العزيز في السعودية.

وجاء الإعلان في مؤتمر صحفي عقده أعضاء اللجنة عبر الإنترنت.

ويرأس اللجنة النائب عن حزب المحافظين كريسبين بلنت، الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان البريطاني، والذي سبق أن ترأس لجنتين لتقصي الحقائق؛ الأولى حول احتجاز الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، والأخرى حول ظروف احتجاز معتقلي الرأي في السعودية.

وتضم اللجنة النائب عن المحافظين عمران خان، والنائبة عن حزب الديمقراطيين الأحرار ليلى موران، والمحامي الدولي تيم مولوني (من مكتب دوتي ستريت)، والمحامية هايدي ديجكتسال (من مكتب 33 بيدفورد رو).

وأشار بلنت إلى مواقفه السابقة المؤيدة للسعودية والمشيدة بدورها في اليمن والمعارِضة لوقف صادرات السلاح. لكن بلنت غيّر موقفه وبات ناقدا لحكام السعودية بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في تشرين الأول/ أكتوبر 2018.

وكان بلنت قد دافع عن “بسط السجاد الأحمر” لولي العهد السعودي محمد بن سلمان (حينها كان ولي ولي العهد) خلال زيارته لبريطانيا عام 2016، لكنه قال بعد اغتيال خاشقجي إنه من الأفضل أن يكون شخص آخر على رأس السلطة في السعودية.

وذكّر بلنت في المؤتمر الصحفي باللجنة التي ترأسها حول احتجاز مرسي، وتحذيره من الظروف السيئة التي يواجهها والتعذيب. وكان قد كتب مقالا في صحيفة الإندبندنت عقب وفاة مرسي قائلا: “توقعت أن موته قادم لكن لم يستمع إليّ أحد”.

واعتبر بلنت أن تشكيلة اللجنة يمكن أن تحظى بثقة السعودية، إضافة إلى وجود محامين دوليين يحظون بسمعة جيدة.

وأوضح أن من بين ما تريد اللجنة بحثه “ما هي الرسالة وراء اعتقال وإخفاء هؤلاء الأشخاص”، والتغيرات في السعودية بعد تداعيات جريمة مقتل خاشقجي.

وذكر أنه التقى السفير السعودي في لندن، خالد بن بندر، يوم الاثنين، لكن السفير ينتظر رأي حكومة بلاده والبحث في خلفية أعضاء اللجنة قبل الانخراط معها، مشددا على أنه من الأفضل للسعودية أن تقدم روايتها بدلا من الاعتماد على مصادر أخرى فقط.

وأضاف: “ما زلنا في المراحل الأولى، وننتظر استقبال الأدلة” في الأسابيع القادمة. وقد خصصت اللجنة بريدا إلكترونيا لتلقي المعلومات والأدلة حول اعتقال الأميرين السعوديين، من أي جهة ترغب بتقديم المعلومات.

من جهتها، قالت موران إنها تعرّفت العام الماضي على ظروف احتجاز المعتقلين في السعودية. وكانت موران عضوا في اللجنة الأولى حول معتقلي الرأي في المملكة.

وأضافت: “اهتمامي ينصب على حقوق الإنسان في العالم، والناس يشاهدون وسيثيرون أي ملف يدعو للقلق”. وأشارت إلى حالة لجين الهذلول التي دخلت في إضراب عن الطعام، وهي ممنوعة من الزيارة.

ولفتت إلى أنه مع اقتراب موعد قمة العشرين “فيجب أن يعلموا (السعوديون) أننا سنعمل على محاسبتهم”، مضيفة: “سنذهب حيث تأخذنا الأدلة وسنكشف الحقيقة بقدر ما نستطيع”.

أما النائب عمران خان فقد تحدث عن خطوات إيجابية في السعودية، ومنها إنهاء الوصاية على النساء. وقال إن القضايا التي يتم بحثها مهمة بالنسبة للسعودية للوصول إلى أهدافها ضمن خطة 2030.

وقال المحامي تيم مولوني إنه سيجري النظر في الملف بناء على معايير الأمم المتحدة لمعاملة السجناء، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وكلاهما موقع عليهما من قبل السعودية.

وأوضح أنه سيتم التركيز على أربعة جوانب خلال عمل اللجنة: اعتقال (ابن نايف وعمّه) دون توجيه اتهامات رسمية، وذلك منذ 6 آذار/ مارس 2020، ثم إن مكان اعتقالهما غير معروف حتى للعائلة، وما إذا كان الأميران يتلقيان الرعاية الطبية اللازمة، فهناك مخاوف من منع الأطباء من زيارتهما، ثم إمكانية التواصل مع الخارج من مكان احتجازهما.

وذكرت هايدي ديجكتسال أن اللجنة ستعمل على تلقي الدلائل والمعلومات، وإجراء التحقيق للوصول إلى خلاصات بشأن احتجاز الأميرين، مشيرة إلى الحصول على معلومات في السابق عن ظروف احتجاز المعتقلين في السعودية.

وأشارت إلى أن التوصيات يمكن أن تتضمن فرض عقوبات من الحكومة البريطانية، والتواصل مع الأمم المتحدة والحكومات الوطنية، إضافة إلى إثارة هذا الملف في الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، ولدى المقرر الأممي الخاص بالاعتقال التعسفي.

ومع صعوبة التحقق من مزاعم التعذيب ضد السجناء في السعودية، دعت ديجكتسال من لديه معلومات بشأن احتجاز الأميرين لمراسلة اللجنة عبر بريدها الإلكتروني.

وكانت اللجنة قد ذكرت في رسالة الدعوة للمؤتمر الصحفي أنها تقدمت بطلب عبر السفير السعودي في لندن خالد بن بندر، لزيارة الأميرين محمد بن نايف وأحمد بن عبد العزيز “في ظل القلق بشأن استمرار احتجازهما في مكان غير معروف منذ القبض عليهما في آذار/ مارس 2020”.

وجاء رد السفير بدعوة رئيس اللجنة للقاء “غير رسمي” يوم الاثنين الماضي. وسيعقد السفير لقاء مع كامل أعضاء اللجنة الأسبوع القادم.

وكان محمد بن نايف وشقيقه نواف بن نايف قد اعتقلا من استراحة قرب الرياض مساء 5 آذار/ مارس (تم الكشف عن اعتقالهما في 6 آذار/ مارس)، حيث اعتاد استقبال مسؤولين أمريكيين هناك أيام مسؤوليته، وتم أخذهما وقطع الاتصالات عن الموقع وتم إبلاغهما باتهامات الخيانة الموجهة لهما.

وحسب وكالة بلومبيرغ فقد أبلغ الديوان الملكي السعودي أفرادا كبارا من العائلة المالكة أن أحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف كانا يخططان لانقلاب.

وكان المحامي طيب علي، من مؤسسة بيندمانز القانونية، قد قال في تصريح مكتوب قبل المؤتمر الصحفي: “يعرب موكلونا عن قلقهم بشأن الأسلوب الذي تمارسه المملكة العربية السعودية في ما يتعلق بوفائها بالتزاماتها تجاه حقوق الإنسان. وذلك أن النشطاء السياسيين الذين يدافعون عن قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في البلاد يواجهون خطر التعرض للاعتقال التعسفي وسوء المعاملة وهم رهن الاعتقال”.

وأضاف: “لقد أثبت تقرير المقرر الخاص للأمم المتحدة حول جريمة قتل صحفي الواشنطن بوست جمال خاشقجي قبل عامين كيف يمكن أن تشكل المملكة العربية السعودية خطراً على النشطاء المناصرين للديمقراطية”.

وشدد على أنه “من الأهمية بمكان أن يكون موضوع التزام المملكة العربية السعودية بمبادئ حقوق الإنسان على رأس جدول أعمال اجتماع قمة مجموعة العشرين في وقت لاحق من هذا العام، وأن تكون تلك فرصة لا تفوت لتحسين أوضاع حقوق الإنسان الخاصة بالنشطاء في المملكة العربية السعودية”.