نددت أوساط حقوقية باستضافة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لولي العهد محمد بن سلمان في العاصمة الفرنسية باريس على الرغم من سجله الأسود في حقوق الإنسان.
وقالت منظمة القسط لحقوق الإنسان في بيان إن لقاء ماكرون ومحمد بن سلمان يشكل صفعة في وجه ضحايا الانتهاكات الحقوقية في السعودية ومؤشرًا على إعادة تأهيل خطيرة ومشينة للحاكم الفعلي للمملكة وخطوة يجب على القيادات العالمية تحدّيها.
وجرت زيارة محمد بن سلمان إلى فرنسا ضمن أول جولة له في أوروبا منذ جريمة قتل الصحفي وكاتب العمود في صحيفة “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في 2018.
ورغم انضمام ماكرون إلى دعوات عالمية للمحاسبة على جريمة القتل البشعة والقمع المستمر لحرية التعبير في السعودية، كان في ديسمبر 2021 أول قائد غربي يلتقي بولي العهد منذ وقوع الجريمة وذلك أثناء جولة له في منطقة الخليج.
وتبعه آخرون بعد ذلك بمزاولة الزيارات للسعودية، منهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في مارس 2022 والرئيس الأمريكي جو بايدن في منتصف الشهر الجاري.
ولم ينتج عن هذه الزيارات أي تنازلات حقوقية معتبرة، بل أعانت السلطات في مواصلة بطشها دونما محاسبة، فقد تصادفت زيارة جونسون مع إعدام 81 رجلًا في 12 مارس 2022، وهو أكبر إعدام جماعي في تاريخ السعودية الحديث، وفي أثناء زيارة بايدن شارك وزير الخارجية السابق عادل الجبير في مقابلة مع (BBC) تجرأ فيها على وصف المعارضين بـ “الإرهابيين”.
ومع خفوت صوت الدعوات العالمية لمحاسبة القيادات السعودية، عادت السلطات السعودية إلى نسقها القمعي المعتاد، الأمر الذي تطبع به حكم ولي العهد منذ بداياته في 2017.
فقد شنت حملات اعتقال تعسفي جديدة للنقاد السلميين، وأنزلت أحكام قاسية على النشطاء، وأجريت محاولات متعمدة لتعريض حياة معتقلي الرأي للخطر، وحتى وقت كتابة هذا البيان في 2022 أجرت السلطات السعودية 120 إعدامًا، ما يتجاوز ضعف عدد مجمل الإعدامات في 2021.
وحتى من أفرج عنهم من مدافعات حقوق إنسان ومعتقلي رأي فما تزال حياتهم مقيدة تقييدًا شديدًا، للشروط المفروضة على الإفراج التي تحدّ من حريّتهم، ناهيك عن مناخ الترهيب العام الذي يخيم على عموم الناس.
علقت رئيسة قسم الرصد والتواصل في القسط لينا الهذلول: “ليس في خبر زيارة محمد بن سلمان لفرنسا، خصوصًا بعد زيارة بايدن مؤخرًا للسعودية، ما يسرّ النشطاء السعوديين”.
وأضافت “بدلًا من مناصرة ضحايا الانتهاكات الممنهجة في السعودية، اتجه ماكرون إلى منح ولي العهد شرعية ليس أهلًا لها، ما يسهل الطريق للمزيد من الانتهاكات، فالآن أكثر من أي وقتٍ مضى، على غيره من القيادات العالمية الملتزمة بحقوق الإنسان أنْ تتخذ موقفًا يستند إلى المبادئ، لا المصالح”.